الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أفق


ليس صراعاً طائفياً قومياً

تاريخ النشر : الخميس ١٩ أبريل ٢٠١٢

عبدالله خليفة



منذ أن صارعت القوى القومية المذهبية في إيران الاتجاهات الليبرالية الضعيفة ونَحّتها وصعّدت من عناصر الدكتاتورية والفاشية، ولم تستطع القوى الدينية المشاركة معها كذلك من تغيير المنحى العسكري المتصاعد، أُخذت المنطقةُ لأزمةٍ خطِرة مناطقية عالمية متفاقمة.
إن العناصرَ الريفية المسيّسة المتخلفة الوعي البحرينية التي اندفعت بحدة لتأييد هذا المنحى واصلت جلبه مكونةً مجموعةً من المآسي لها ولبلدها. ولم تكن في قدرتها من تصعيد الفهم الديمقراطي العلماني وكذلك لم يساعدها العلمانيون السابقون الذين تراجعوا عن علمانيتهم في سبيل الحراك اليومي الحماسي ذي النتائج الوخيمة.
وقد وصل هذا المنحى على المستوى الإيراني وعلى مستوى المنطقة إلى حافة الهاوية، وتكشف عن وجهه الدكتاتوري الدموي ضد شعبه وشعب سوريا وغدا مغامرات لصنع السلاح النووي وضرب تطلعات الشعوب في الحرية والسلام والديمقراطية.
ومن يركز في أنه صراعٌ مذهبي فهو صاحبُ رؤيةٍ مسطحة خطرة كذلك.
ومن يقل إنه صراع قومي عربي فهو لا يدرك المسألة تماماً.
تواجه الشعب الإيراني وبقية شعوب المنطقة رأسمالية دولة عسكرية ضخمة ترفض أن تعود للسلمية والعقلانية.
فالمسألة ليست مذهبية ولا قومية.
إنه صراعُ الشعوب ضد الفاشية الحربية المتصاعدة في طهران، إنه نضال الأمم من أجل العيش المشترك وتطور الديمقراطيات والحقوق الشعبية فيها والسلام والتقدم.
لكن الفاشية ماهرةٌ في خداعِ الشعوب والطبقات وتفكيك الصلات بين الجماهير في كل الدول، وجرها للصراعات وتفجير عرى أوطانها.
إنها ماهرةٌ في العزف على الأوتار التي تفجرُ ينابيعَ الدماء وبحيرات الجثث، وتخريب تطورها السلمي، والهجوم على نضالاتها وثوراتها حين تشكل خطراً على تغلغلها ومشروعات سيادتها الدموية.
إن أي محاولات لتضييق الخناق عليها وعزلها لن تجدي نفعاً من دون تصاعد وتيرة الإصلاحات في كل دولة، واعتبار الناس مواطنين متساوين، ومن دون تفعيل الأحزاب والجماعات الديمقراطية والتقدمية في كل بلد، ومن دون تغيير حياة الجماهير الشعبية ذات الظروف المادية الثقافية الصعبة.
إن هزيمة المشروعات العسكرية العدوانية الخطِرة على الوجود والحياة وشروط الطبيعة من مناخ ومياه وأراض، يُستوجَبُ من الدول ليس جلب المعدات الكافية للدفاع فقط بل توسيع حقوق الناس ووعيهم، ليروا أنهم يقاومون تهديداً خطِراً على عيشهم ووجود أطفالهم، فلابد من سحب هذا البساط الكثيف من تحت الأقدام، ليروا أننا في المحنة سواء، وفي خطر الفاشية العسكرية نعيش بلاءً واحداً.
المخطوفون من هيمنة هذه الفاشية مثل المتضررين من تخريبها ومؤامراتها وتغلغلها.
فلينظروا إلى ما كان من عيشهم المشترك الذي لم يخلُ من مشكلات بطبيعة الظروف وتفكك القوى، وكيف صار الآن مذابح دموية في كل بقعة من العراق، وهجوماً إجرامياً هائلاً في سوريا، وتهديد السلاح وجبروت الطغيان في لبنان، وشعوب تعاني في البحرين والسعودية واليمن.
يريدون جرنا ليقتل بعضنا بعضا.
هذه هي خواتيم مسلسل ولاية الفقيه، حين يقبض الجنرالات على مصير الناس ويحدثون عسكرة متصاعدة ويعتمدون على المغامرات.
هذه هي خواتيم ولاية الفقيه خندقان يتذابح فيهما المسلمون.
هؤلاء يدعون إنها تلك الطائفة وأولئك يزعمون إنها هذه الطائفة.
وأناسٌ يقولون إنها القومية الفارسية.
وأناسٌ يقولون إنها الصفوية.
لا، ليستْ كل هذه، إنها الفاشية العسكرية!
وكل الأصابع تشير إلى هناك إلى الحرس الفاشي، إلى العسكر المجنون بخيلاء السلطة، ونشر الأسلحة، وعبادة السلاح النووي.
ركب الجنرالاتُ على ظهور الحركات الدينية والسياسية وامتطوها متجهين بها للحروب والدماء.
صعّدوا في الناس مشاعرَ الاختلاف والكراهية، داسوا على القيم الدينية والسلام العظيم ولكن إلى أين؟ وأي مآس جديدة سوف يجلبونها على الشعوب؟
أشياء كبيرة وخطِرة قادمة ولابد لها من تحالف واسع النطاق بين البشر والشعوب.