قضايا و آراء
شاؤول موفاز.. يميني صهيوني تخذله شرقيته
تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٢
(شاؤول موفاز) الصقر الذي يعزف دوما على «الوتر الأمني» أصبح زعيما للمعارضة الإسرائيلية بانتخابه رئيسا لحزب «كاديما» بعد فوزه على منافسته زعيمة الحزب المنتهية ولايتها (تسيبي ليفني). وقد أعلن (موفاز) لحظة فوزه خوض «المعركة»، فورا، ضد رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة في أواخر 2013، متعهدا بأن يكون رئيس وزراء إسرائيل القادم. وأعلن (موفاز) في مقابلة مع صحيفة «يديعوت احرونوت» قائلا: «سأغير الواقع. ستبدو إسرائيل مختلفة في الأسابيع والأشهر القريبة. وستكون هنا معارضة وسيكون هنا بديل عن القيادة، وسيكون أمل بعد ثلاث سنوات ونصف من يأس نتنياهو».
اليوم يبدو «كاديما»، الذي يشغل 28 مقعدا في الكنيست بصفة حزب المعارضة الرئيسي منذ 2009، على مشارف خسارة كبيرة بحسب الاستطلاعات، وخاصة بعد أن عاد كثير من ناخبي «كاديما» إلى «الليكود» او اتجهوا إلى حزب «العمل» الذي فازت بزعامته الصحفية السابقة (شيلي يحيموفيتش) بطلة القضايا الاجتماعية، بينما قد يتوجه العديد من المتعاطفين إلى الحزب الجديد الذي سيؤسسه الصحفي المخضرم (يائير لابيد) والذي سيكون توجهه علمانيا وسطيا، فضلا عن أحاديث صحفية بأن (ليفني) ستنسحب من «كاديما»، وهي التي أعلنت في خضم انتخابات الحزب أن «كاديما تحت قيادة موفاز سيصبح الليكود مكررا».
ورغم أن فوز موفاز جاء، إسرائيليا، لعدة أسباب من أهمها وعوده باستعادة «كاديما» لمساره الطبيعي كمنافس سياسي قوي قادر على تشكيل الحكومة المقبلة، فإن السؤال هل (موفاز)، في حال فوزه في الانتخابات القادمة وتشكيله حكومة ائتلاف، قادر ؟ حقا - على التأثير في السياسة الإسرائيلية اليمينية «الراسخة»؟ وهو الذي ركز في حملته على الجانب الامني نظرا لصورته كقائد سابق لهيئة الاركان ووزير «الدفاع» الأسبق، فهو الذي أوصى بالأساليب الوحشية خلال انتفاضة الأقصى، وصاحب عملية «السور الواقي» واجتياح جنين وحصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وفي مقال بعنوان: «تذكار يتعلق بموفاز»: يقول (جدعون ليفي): «كان موفاز واحداً من وزراء الدفاع القُساة بين من وجدوا. ففي ولايته، قَتل (1705) فلسطينيين منهم (372) ولدا وغلاما و(191) في عمليات اغتيال ـ ويجب ألا يكون هذا أيضاً شرفاً كبيراً». كما أنه كان ضمن من انتقدوا علنا اتفاقات اوسلو واصفا اياها بأنها «أسوأ خطأ ارتكبته إسرائيل». كما كان أول من أشرف، باعتباره وزيرا «للدفاع» في 2002، على بناء جدار الفصل العنصري رغم أنه كان معارضاً لبنائه في البداية. أما خصومه فيصفونه بأنه رجل يغلب مصلحته الشخصية على الايديولوجية كما تدل مواقفه المتغيرة عند تأسيس «كاديما» أواخر 2005، حيث أكد، وهو لايزال عضوا في «الليكود»، أنه لن ينشق عن الحزب قائلا: «لا نترك البيت» وذلك قبل أن يسارع إلى تركهم للانضمام إلى الحزب الوسطي الجديد الذي أسسه (ارييل شارون). وفي هذا يقول (امنون ابراموفيتش) في مقال بعنوان: «أهو رئيس الحكومة القادم؟»: «موفاز متقلب. ويُقال في الثناء عليه انه متقلب كامل. فقد عارض انشاء جدار الفصل وأيده بعد ذلك بحماسة، وعارض الانفصال عن غزة ثم أيد تنفيذه بعد ذلك راضيا وبما أوتي من قوة، وتم انتقاله من الليكود إلى كاديما ايضا مثل عمل بهلواني يحبس الأنفاس. لكن موفاز مزود بمعطيات انطلاق ممتازة للتسويق المباشر: فهو رئيس هيئة اركان ووزير دفاع وشرقي. وهو يبرز في عصر الوعي الاجتماعي باعتباره مرشحا غير برجوازي، واجتماعيا بالفعل لا بالقول، وبنهج حياته لا بالوعظ». فضلا عن ذلك، (موفاز) مع تسوية تقوم معها دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، لكن فقط على غزة و65% من أراضي الضفة الغربية، ومن دون إزالة أي «مستوطنات»، وذلك رغم تأييده لمحادثات التسوية المتوقفة حاليا مع الفلسطينيين وإظهاره استعدادا للتوصل إلى حل وسط. كذلك، فإن (موفاز) من الداعين إلى توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية إذا لم تصل العقوبات والجهود الدبلوماسية الدولية لاقناع طهران بوقف برنامجها النووي.
على صعيد مختلف، من المهم التطرق إلى ما أعلنه (موفاز) من أنه سيجعل «كل الإسرائيليين» يخدمون في الجيش، وهو ما من شأنه تنفير قطاع واسع من المتدينين، المعفيين حاليا من الخدمة العسكرية. لقد توقع أكثر من مراقب وباحث أن يكون فوز (موفاز) الضربة القاضية لـ «كاديما»، موضحين أن (موفاز) الطامح للرئاسة مصيره الفشل، «فالاسرائيليون لم ينتخبوا منذ إقامة الدولة رئيسا لحكومتهم من أصول شرقية مهما بلغت درجة تماهيهم باليهود الاشكناز». وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «داحاف» ود. (مينا تسيمح) نشرته «يديعوت أحرونوت» أن «فوز موفاز برئاسة «كاديما» لم يغير شيئا في فرص نتنياهو، ولم يتمخض عن رفع التأييد لحزب كاديما». وفي مقاله السابق، يقول (ليفي): «أصبح يبدو للحظة ان موفاز هبط علينا من عالم آخر. هكذا تكون الحال حينما لا يوجد أمل، وحينما تخطو السياسة مكانها في ماء راكد وحينما يُخيل إلينا ان نتنياهو سيبقى إلى الأبد. أصبح موفاز فجأة وعداً جديداً مثيراً». ويضيف: «ربما يجدر بنا ان نتذكر ان موفاز، نفس موفاز حقاً، ونفس الشخص ونفس السياسي موجود في هذا المحيط منذ سنين كثيرة، وكان الأثر الذي تركه حتى الآن محدوداً جداً بل سلبياً أحياناً. ويجدر أن نُذكر أيضاً أن الحديث في الحاصل العام عن انتخاب رئيس لحزب يتلاشى، أخذ يتقلص في استطلاعات الرأي حتى بعد انتخابه، وقد انتخب لنفسه الآن زعيمه الرابع في ست سنين، يجدر أن نتذكر هذا من أجل التناسب». ويختم: «لم يحدث أكثر من مراسم تبديل الجوارب المتعرقة بين الجنود المرهقين. فمضت تسيبي لفني وجاء موفاز». أما (غي مروز) فتقول في مقال بعنوان: «لا فرح بسقوط ليفني»: «أنا أساسا أخشى من دولة مع نتنياهو ؟ فقط مع موفاز ؟ فقط مع ديختر ؟ فقط مع باراك - دولة مع زعماء أمنيين بهذا القدر هي دولة كلنا سنبحث فيها عن حفرة عميقة وقريبة كي ندفن أنفسنا فيها».