أخبار البحرين
خبير اقتصادي:
الانصهار الخليجي فـي كيان فيدرالي لا مناص منه
تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
قال خبير اقتصادي إن دول الخليج بحاجة ماسة إلى الاتحاد ضمن هيكل فيدرالي يجمعها في إطار دولة كبرى، مشيرا إلى وجود المقومات الاقتصادية بينها من جهة، وإلى الجوانب السياسية والاجتماعية التي تدعم عملية الاتحاد الفيدرالي من جهة أخرى.
جاء ذلك في ندوة للدكتور عمر شبيب عمارين أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة دلمون، نظمتها جمعية الفاتح للإبداع الوطني بمقر جمعية الوحدة الوطنية في البسيتين ليلة أمس الأول، مشيرا الى أن توجه دول الخليج الى الانصهار في بوتقة كيان فيدرالي لا مناص منه لكونه تأخر كثيرا مقارنة مع تجارب دول أخرى.
وأضاف أن الاتحاد الفيدرالي يمثل مخرجا سليما - حماية من أي تهديد خارجي - لدول متقاربة في البنية الاقتصادية وقوى الإنتاج ومتشابهة في التركيبة الاجتماعية، مشددا على أن الاتحاد الفيدرالي سوف يجمعها في دولة واحدة قوية قادرة على التحكم في ثرواتها الطبيعية وحماية نفسها من الاعتداءات الخارجية، وبالتالي تستطيع تحقيق مكاسب كثيرة لشعوبها كما هو حاصل في تجارب الولايات المتحدة والدول الأوروبية واستراليا وماليزيا والهند وغيرها من الدول التي انتهجت النمط الفيدرالي.
كما ذكر ان كل حقبة زمنية من التطور الاقتصادي تلازمها حاجة إلى تشريع قوانين جديدة بناء على العلاقات الإنتاجية والاجتماعية المستجدة، يتوخى منها ان تكون الأفضل اجتماعيا والأرقى إنسانيا، مشيرا في هذا الصدد إلى المراحل التاريخية للتطور الصناعي والاكتشافات العلمية ودورها في صياغة عقود واتفاقيات جديدة بناء على التطورات التي حصلت في هذه الدول.
(التفاصيل)
أكد الدكتور عمر شبيب عمارين أستاذ مساعد بجامعة دلمون، الجوانب الاقتصادية كأسس للوحدة الخليجية تفضي إلى هيكل فيدرالي بين دول الخليج الست فيما توقع الحاضرون ان يتناول المتحدث الجوانب السياسية وأهميتها في أي تقارب خليجي يؤدي إلى وحدة خليجية بين هذه الدول.
جاء ذلك في ندوة «مستقبل دول الخليج في الإتحاد» نظمتها جمعية الفاتح للإبداع الوطني بمقر تجمع الوحدة الوطنية في البسيتين بمحافظة المحرق في الساعة الثامنة مساء أمس الأول، وقد قسمها المتحدث إلى جزأين، في الأول: تناول مفهوم الاقتصاد السياسي، وسائل وعلاقات الإنتاج بالاتحادات بين الدول والثورة الصناعية والثورة الرقمية، أما الجزء الثاني، فتناول فيه المفهوم السياسي لكلمة إتحاد وبعدها الاقتصادي والاجتماعي.
واستهل الدكتور عمر الندوة بالحديث عن تاريخ علم الاقتصاد والمراحل التي مر بها المجتمع الدولي، وكيفية تنامي علاقات الإنتاج بناء على تطور وسائل الإنتاج كمقدمة لحديثه عن أهمية الاتحاد الخليجي المرتقب مشيرا إلى ان الاقتصاد ككلمة لو جردت من حروفها الزائدة لأصبح معناها «قصد» أي بمعنى «هدف»، وهذا هو المقصود به في الاقتصاد السياسي كعلم يؤكد أهمية إدارة علاقات الإنتاج من أجل الوصول إلى أفضل النتائج.
تطورات اقتصادية
كما استعرض مجموعة من أدوات الإنتاج القديمة كالعصي الطويلة والحراب والسكاكين الحادة تطورت في هيئة مطارق وسيوف وغيرها من الحديد الصلب ثم دخلت الآلة البخارية تلاها الآلة الميكانيكية والكهربائية وأخيرا الإلكترونية مشيرا إلى ان لكل حقبة علاقاتها الإنتاجية، يحصل على ضوئها تطور في البشر وتطور في الإنتاج وحجمه ونوعيته، كما يحصل في كل حقبة مطالبة بتغيير في القوانين والتشريعات التي أقرت لاحقا عدالة توزيع الدخل والثروة، وحرر العبيد ومنع عمل الأطفال وأعطيت المرأة العاملة مزيدا من الحقوق، وتحسنت الأجور، وارتقت الحياة، وتقدمت إلى الأفضل ضمن ما يعرف بـ «الثورة الصناعية» وما تلاها من تطورات في الصناعة والاكتشافات الفضائية والاختراعات العلمية.
وذكر ان الثورة الصناعية حققت عدة أمور، أولا: طفرة في أدوات وعلاقات الإنتاج.. ثانيا: قوانين متطورة أكثر عقلانية وإنسانية.. ثالثا: أسواق جديدة لاستيعاب الفائض الصناعي من المنتجات والخدمات.. رابعا: فائض نقدي كبير لدى الدول الصناعية.. خامسا: أنظمة حكم دستورية تراعي حقوق العمال من النساء والأطفال، وعليه ظهر الاستعمار كفكرة تتبناها دول (أوروبية) تستحوذ على المواد الخام من دول أخرى، تصنعها ثم تصدرها إلى هذه الدول المعروفة بالدول النامية أو المتخلفة كدول أمريكا اللاتينية والإفريقية والوطن العربي.
الكساد الاقتصادي
وتابع، ثم رأينا كيف حصلت الأزمة الاقتصادية الكبرى، وعزا في تحليله للأزمة الكبرى إلى حصول المنافسة على الأرباح بين الشركات مما حدا بهذه الشركات والمؤسسات الإنتاجية الكبرى ان تخفض من أسعار منتجاتها لدرجة ان الأسعار لم تغط قيمة الكلفة، فظهرت مرحلة من الكساد عام 1929 واستمرت إلى 1932، وجاء دور المال حينها من خلال وضع سياسات نقدية، فجاءت الحرب العالمية الثانية التي استهلكت كل المنتجات، ودكت البنيات التحتية للدول الأوروبية ماعدا أمريكا، فلم تتأثر كثيرا بالحرب.
ولما انتهت الحرب ظهرت الحاجة إلى الأعمار، والذي لا يتم عادة إلا من خلال رأس المال، والحصول على القروض، وعليه عقدت اتفاقيات بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وأنشأ صندوق النقد الدولي عام 1945، فقدمت القروض في تماشي مع سرعة تدفق الاختراعات العلمية، حيث حط الإنسان (جاجارين) على القمر 1961، هكذا تواصلت الاكتشافات العلمية حتى ظهور الثورة الرقمية (الديجيتل والإنترنت والألياف الضوئية والآي باد) وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل مع العالم، وعليه يمكننا ان نطلق على الألفية الثالثة «الألفية الإليكترونية» في عالم يتميز باستخدام القليل من الأعمال اليدوية وزادت الإنتاجية وتنوعت، وعليه تطورت العلاقات في وظائف ومهن واتفاقيات وعقود جديدة.
واختتم الشطر الأول من الندوة المتعلق بالاقتصاد السياسي بالتأكيد أن الأزمة المالية التي هبت على العالم قبل سنوات قليلة ماضية ما هي إلا على غرار ما جرى في الأزمة (الكساد) قبل الحرب العالمية الثانية حيث ارتفع الإنتاج بشكل رهيب وتراجع الاستهلاك وقلت القروض، واستطاعت الدول التي تعرضت الى الازمة (الأوروبية) الصمود لكونها تتبع أنظمة فيدرالية، فالفيدرالية تقدم دولا أقوى وذات نفوذ أوسع وسمعة أفضل في ظل توجهات ورغبات شعوب دول الفيدرالية إلى كيان موحد.
الكيان الفيدرالي
وفي الشطر الثاني من الندوة، تناول الدكتور عمر شبيب دور الاقتصاد في تكوين الاتحادات منوها إلى ان الدول التي أصبحت صناعية ومتطورة اقتصاديا، أصبحت دول متحدة مع غيرها من الدول ضمن اتفاقيات كونفدرالية أو فيدرالية حيث العلاقات تكون أوسع وأقوى وضمنها العلاقات العسكرية. وأوضح انه في الاتحاد الكونفيدرالي يكون فيه استقلالية للدول ضمن هيئة سياسية مشتركة بينما الفيدرالية كنظام أقوى كيانا من الكونفيدرالية لأن كل دولة ليست مستقلة بل هناك دولة كبرى توحدها وذات نفوذ أوسع ضمن رغبات شعوب هذه الدول للتوحد أي بمعنى (دولة واحدة ذات كيان واحد).
أمثلة حية
مثلما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية، كانت كونفيدرالية وتحولت إلى فيدرالية في 4 يوليو 1776 وكذلك الحال في النمسا وماليزيا والهند والبرازيل والعراق وروسيا والأرجنتين واستراليا وعدد آخر من دول العالم تتخذ من النظام الفيدرالي شكلا للتقارب والتوحد مع دول أخرى تقاربها، وتلتقي معها في العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
وبالنسبة الى دول الخليج، نرى انه يمكن ان تتوحد فيدراليا لكونها ضمن علاقات إنتاج ووسائل إنتاج يمكنها الحصول على دولة كبرى وخاصة أنها تتمتع وتمتلك ثروات طبيعية، وبالتالي لها القدرة على إدارة عناصر الإنتاج، وبالتالي تحقق مكاسب كبيرة لشعوبها من خلال هذا التوحد أو الكيان الفيدرالي.
الجانب السياسي
تلا بعد استعراض المتحدث للقضايا الاقتصادية وأثرها في تحقيق الوحدة بين الدول (الاتحادات بين الدول)، ان سأله الحاضرون عن كونه ركز في حديثه على الجانب الاقتصادي، وأهمل الجانب السياسي، وفي هذا الخصوص، قال النائب عادل المعاودة: «جئنا لنسمع خلاف ما طرحته واستعرضته من آراء مع احترامنا لم ذكرته، ولكن لم تشر إلى كيفية تحقيق الوحدة الخليجية في أطرها السياسية، وما هي استنتاجاتك لمستقبل الوحدة بين هذه الدول، وما هي مرئياتك لهذا الإتحاد، وما هي العوائق»؟
منوها بان دول الخليج لم تمر بمرحلة إنتاجية أو علاقات إنتاجية متطورة، ومتى ما أردنا ان نبدأ، فسنبدأ بما وصل إليه الآخرون بين البشر، وأعلنت (تحرير العبودية) منذ 1400 سنة مشددا على اننا دول وشعوب خليجية عربية إسلامية نواجه تهديدا في أرضها وكيانها، وعليه فان الوحدة الخليجية ليست مهمة بقدر أنها ضرورة من ضرورات الحياة لهذه الدول وشعوبها، ومن المهم أيضا ان نعرف إلى أين وصلنا في البحرين في هذا الاتجاه؟.
الوحدة النقدية
كما أعرب أحد الحاضرين في الندوة عن تشاؤمه من أي توجه اتحادي يجمع دول الخليج، وذلك على أساس أن الوحدة النقدية على سبيل المثال ظلت أكثر من 10 سنوات تراوح مكانها، فما بالكم بإتحاد سياسي واقتصادي واجتماعي في دول لا تتمتع بالتحرر السياسي والقرار السياسي الذاتي. فيما عقب المحامي عبدالله هاشم بالقول إن هناك 3 أهداف أمريكية للسيطرة على المنطقة ومنع أي تقارب بين دولها، والأهداف، هي: أولا: أمن النفط.. ثانيا: أمن إسرائيل.. ثالثا: المحافظة على وضع إلا تكون هناك دولة إقليمية تستقطب ما حولها من دول. وتابع، أما بالنسبة إلى كل من تركيا وإيران، فهما دولتان تعملان على استقطاب الدول المجاورة لهما لكي تصبحان محوران إقليميان تلجأ إليهما الولايات المتحدة في اقتسام ثروات المنطقة. وأشار إلى كل ما نسمعه اليوم من تصورات باتجاه الوحدة الخليجية يمثل البعد الرسمي الخالي من الدعم الشعبي، مشددا على ان أي طرح اتحادي (وحدوي) ما لم يدعم بدعم شعبي يكون طرحا اقرب إلى الخيال.