المال و الاقتصاد
شبح أزمة اليورو يطل على الانتخابات الرئاسية الفرنسية
تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
عاد شبح أزمة منطقة اليورو ليطل برأسه على الانتخابات الرئاسية الفرنسية، مع استغلال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بيان إطلاق حملته لترشيح نفسه لولاية رئاسية ثانية في اتهام منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند بتهديد البلاد بمصير اليونان أو إسبانيا.
وقدم ساركوزي نفسه خلال البيان كراع لتشدد الموازنة المالية والإصلاح الاقتصادي، موضحا أن الأمر سيستغرق فقط يومين قبل أن تنقلب أسواق الأوراق المالية على مهرجان خطط الإنفاق لهولاند حال فوز الفريق الاشتراكي في الانتخابات المقرر إجراؤها على مرحلتين في 22إبريل الحالي، والسادس من مايو المقبل.
ولكن مع تسجيل الأسواق المالية بالفعل مخاوف متجددة بشأن التطورات في إسبانيا فأيا كان الذي سيفوز في الانتخابات الفرنسية فمن المرجح أن يخضع الى فحص وتدقيق شديدين.
وأعرب لورنس بون الخبير الاقتصادي لدي بنك أوف أمريكا ميريل لينش عن اعتقاده أن الحكومة الفرنسية الجديدة سوف تعطي وقتاً قليلاً جدا لإقناع الأسواق بشأن خططها المالية.
وتسلط الأضواء حتما على هولاند الذي يتمسك باستطلاع مهم للرأي يشير إلى حدوث جولة إعادة بينه وبين ساركوزي.
وأعلن هولاند عن خطة خلال الأسبوع الحالي لاستعادة التوازن للمالية العامة للدولة في عام 2017، ولكن من دون أن يذكر أي تفاصيل عن تخفيضات في الإنفاق، وإنما ما لفت الأنظار هو ما تضمنته الخطة من فرض لضرائب جديدة وتعهدات بالإنفاق، وخاصة الوعد القديم بالتراجع جزئيا عن الإصلاحات الخاصة بالمعاشات التي نفذها ساركوزي لهؤلاء الذين قضوا في العمل 41 عاما بالتقاعد في سن 60 وليس 62.
وبشكل عام يتضمن برنامج هولاند 20 مليار يورو من الإنفاق الجديد، يتم تعويضه بزيادة الضرائب، ومن بينها اقتراحه الشهير بزيادة نسبتها 75% على الدخول التي تزيد على مليون يورو.
وفي المقابل يشمل بيان ساركوزي اقتراحات بالإنفاق وتخفيضات في الضرائب يصل حجمها إلى 9,5 مليار يورو، وتشعر الأسواق بالقلق من ألا يكون أي من المرشحين راديكاليا بالقدر الكافي بشأن تنفيذ تخفيضات في الإنفاق أو أنواع الإصلاحات الهيكلية التي يحث ماريو مونتي رئيس الوزراء لإيطاليا حاليا على تطبيقها، والتي من شأنها دعم التعافي الاقتصادي لفرنسا، ومعالجة العجز في الحساب الجاري البالغ 70 مليار يورو وضمان قدرة البلاد على إدارة دين عام يقترب من 90% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول لورنس بون إنه لا يتم إجراء مناقشات كافية حول جانب الإنفاق في البرامج الانتخابية للمرشحين واسترايتجيتهما لتحقيق النمو، فأي من السياسيين غير مستعد لتوضيح القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها في المستقبل وتوفير التشخيص السليم للأزمة، فما الذي سيحدث عندما يضطرون إلى اتخاذ هذه القرارات؟
وذكرت مصادر صحفية في بريطانيا أن ساركوزي أكد التزامه بإجراءات تعمل على تحويل بعض من تكاليف التوظيف المرتفعة في فرنسا إلى ضريبة قيمة مضافة، وإضفاء تسهيلات على سوق العمل عن طريق إعطاء الشركة الحق في التفاوض حول ساعات العمل والأجور، في حين رفض هولاند كلا الاقتراحين.
ولكن ما يلفت الانتباه هو أن كلا المرشحين يتخيل استمرار دولة الرفاهية الاجتماعية الكبرى في فرنسا وفاتورة الإنفاق العام الضخمة التي تبتلعها، وإن كان ساركوزي يقترح تخفيضا أكثر شدة قليلا عن هولاند للإنفاق، وبحلول عام 2017 فإن الإنفاق العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي سوف يظل عند 54% تحت رئاسة هولاند و52% تحت رئاسة ساركوزي، أي يصل إلى أعلى نسبة في المحدد لمنطقة اليورو.
وقال جاني بيساني فيري مدير مؤسسة بروجيل البحثية إن إصلاحات ساركوزي التي أجراها في ولايته الرئاسية الأولي أبرزت التواء وليس تخليا عن السياسات التقليدية الاقتصادية والمالية.
كما شدد ألان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي على ذلك مشيرا إلى ضرورة موازنة الأشياء، ولكن الحكومة ليست على استعداد للتخلي عن النموذج الاجتماعي، والذي يتصف به الاقتصاد الفرنسي الذي لمح لها في الماضي، بأن تكون شديدة التنافسية، مشيرةً إلى أن التحدي أمام من سيفوز في هذه الانتخابات في 6 من شهر مايو المقبل، سيتمثل في إقناع أسواق المال المتشككة بوزن هذا الالتزام يمكن تعويضه بإدارة عبء الديون بشكل جيد.