الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين


الشيخ علي مطر: يجب أن نشغل أنفسنا بالخير والعمل الجاد

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة في مسجد أبي بكر الصديق: روى الأئمة مالك وأحمد والترمذي وابن ماجة وغيرهم بأسانيد بمجموعها صححها الألباني وحسّنها الأرناؤوط من حديث أبي هريرة وعلي بن الحسين رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ».
هذا الحديث كما قال أهل العلم أصل عظيم من أصول الأدب والاشتغال بما ينفع وترك ما لا ينفع، وفيه إشارة إلى أن هناك خصالا وأعمالا تدل على حسن إسلام المرء، كالصدق والعفاف والأمانة والاجتهاد في الطاعة.
وهناك خصال وأعمال تدل على سوء إسلام المرء كالكذب والغش والخيانة والغدر والمجاهرة بالمعاصي والتفريط بالفرائض.
وفي الحديث أن مما يزيد إسلام المرء حسنا، أن يدع ما لا يعنيه ولا ينفعه في أمر دنياه وآخرته، كفضول النظر والكلام والقيل والقال، والتدخل في أحوال الناس وأمور حياتهم الخاصة، ماذا يأكلون وماذا يشربون ويلبسون ويركبون؟ وتتبع عوراتهم والتفتيش عن أخطائهم، والمبالغة في متابعة الأحداث الجارية من سياسية واقتصادية وغيرها، من غير ضرورة ولا اختصاص ولا فائدة مرجوة.
ومن ذلك التدخل في شئون الحاكم وعمل القاضي وعمل رجل الأمن.
حتى وصل الأمر إلى أن كل شخص نصب نفسه حاكما ومسئولا وقاضيا وشرطيا.. وتدخل فيما لا يعنيه.
وكثير من الكتابات والرسائل التي يتناقلها الناس اليوم من خلال صفحات التواصل الاجتماعي ويقضون في نشرها الوقت الكثير من الأمور التي لا تعنيهم ولا تفيدهم.
فاشتغالنا بما لا يعنينا ومالا فائدة فيه، إهدار للوقت وتضييع للعمر، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغ».
ويؤدي بنا إلى الوقوع فيما حرم الله، من انتهاك حرمات وخصوصيات الآخرين، وسوء الظن والتجسس، والغيبة والطعن في الأعراض، ونقل الكلام، وبالتالي وقوع العداوة والبغضاء بين الأصدقاء والزملاء وأفراد الأسرة والمجتمع الواحد، وغير ذلك من المفاسد. كما أن انشغالنا بما لا يعنينا يصرفنا عن معالي الأمور إلى سفا سفها.
فنفوسنا إن لم نشغلها بالخير والنافع والعمل الجاد المثمر شغلتنا بالشر وبالباطل والتفاهات.
قال الله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ». فكل ما يضر ولا فائدة فيه فهو لغو يجب التحرز منه.
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: «من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه».
وقال بعض السلف: إذا رأيت قسوة في قلبك ووهنا في بدنك فاعلم بأنك تدخلت فيما لا يعنيك.
ويروى أن رجلا مر بلقمان الحكيم والناس عنده، فقال له ألست عبد بني فلان؟ قال بلى، قال: الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا؟ قال: بلى، فقال فما بلغ بك ما أرى؟- أي من الفضل والعلم والحكمة- قال: صدق الحديث وطول السكوت عما لا يعنيني.
دخلوا على بعض الصالحين في مرضه ووجهه يتهلل، فسألوه، عن سبب تهلل وجهه، فقال ما من عمل أوثق عندي من خصلتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليما للمسلمين. فقوله تعالى: «يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم».
وقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ».
توجيه للأمة بالاشتغال بما ينفعها، ويقرّبها من ربّها، إذ الأصل من خلق الإنسان تحقيق الطاعة والعبودية الخالصة الكاملة لله جل جلاله.
قال الله سبحان: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «... احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ».. فالحريص على ما ينفعه بعيد كل البعد عن الفضول وكل ما لا يعنيه.