الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ صلاح الجودر:

الفورمولا حدث عالمي وعلينا إكرام الضيف

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



قال الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة بجامع الخير بقلالي إن طريق السعادة في الدارين مرهون بتمسك المسلم بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، غير أن هناك أمراً يغفل عنه الكثير من الناس، ذلكم هو منهاج الأخلاق والسلوك، فالتغافل عنهما أو الانحراف بهما ناشئ من خلل في العقيدة والإيمان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية(رحمه الله): (إذا نقصت الأعمال الظاهرة والباطنة كان ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان)، ويقول كذلك في بيان منهج السلف: (ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون قوله (صلى الله عليه وسلم): (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا) رواه الترمذي، ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهون عن سفاسفها).
فمحاسن الأخلاق صفة الأنبياء والمرسلين، قال تعالى لنبيه محمد(صلى الله عليه وسلم): «وإنك لعلى خلق عظيم» ]القلم:4[، تبلغ بصاحبها أن يكون الأقرب والأحب للنبي (صلى الله عليه وسلم): ويقول: (إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) رواه البخاري، وقال: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا) رواه البخاري. وقال: (أحسن الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا) رواه الترمذي، وهل تميز الإنسان عن حيوان الغابِ إلا بالأخلاق وحسن السلوك؟!
ومن مكارم الأخلاق التي بُعث النبي (صلى الله عليه وسلم) لإتمامها كما جاء في الحديث، إكرام الضيف، فقد عني الإسلام بالضيف، وجاء ذلك في قصة الخليل إبراهيم (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى: (هل أتاكَ حديثُ ضيفِ إبراهيم المكرمين× إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلامٌ قوم منكرون× فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين× فقربهُ إليهم قال ألا تأكلون) ]الذاريات:24-27[. فأكرمهم (عليه السلام) مع أنه لا يعرفهم. فإكرام الضيف من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلى بها الأنبياء والمرسلون، فمن عُرف بالضيافة عرف بشرف المنزلة، وعلو المكانة، فالمسلم لا يتململ ولا يضجر إذا جاءه ضيف، بل يفرح ويهش في وجهه، فقد جاء عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) رواه البخاري ومسلم، وسُئل الإمام الأوزاعي: ما إكرام الضيف؟ قال: طلاقة الوجه، وطيب الكلام.
والبحرين اليوم تستقبل الحدث الأكبر (سباق جائزة البحرين الكبرى) الفورمولا واحد، فإن أنظار العالم بأسره متجه إليكم، وذلك لما لهذه الفعالية من سمعة عالمية، لذا يأتي خلق إكرام الضيف والعناية به في سلم الأولويات التي يجب أن يتحلى بها المسلم والبحريني بشكل خاص.
وأنتم - عباد الله - أمام تحد كبير، ففي الوقت الذي يقف العالم معكم ويساندكم من خلال الفورمولا لعودة الأمن الاستقرار الى وطنكم تخرج قوى الإرهاب والإجرام المدعومة من قناة (العالم) الإيرانية للإساءة لهذا الوطن وأبنائه الشرفاء بارتكاب الأعمال المشينة، لذا المسئولية اليوم تحت استغلال الحديث الرياضي بما يعود بالنفع على الجميع.
من أجل مواكبة شعوب العالم المتحضر في أعمار الأرض فإنه يجب أبعاد الرياضة عن الشأن السياسي، وعدم تسييس الفورمولا واحد، فالسياسية وإفرازاتها هذه الأيام سموم وأدواء أفسدت الكثير من القطاعات، ومنها القطاع الديني حينما تم نثر سموم الطائفية في دور العبادة، والقطاع التجاري والاقتصادي حينما تلوثت بثقافة المقاطعة والمحاصرة، من هنا فإن استقبال ضيوف الفورمولا وغيرهم بالحفاوة والترحاب هو من الإسلام.
وإكرام الضيف، والحفاوة به، في الاستقبال والتوديع هو من حسن الخلق، وسمت الانسان المسلم، ومتى ما فقد هذا الخلق فقد خسر الفرد دينه وأمانته، ولا يقوم بالإساءة إلى الضيف إلا عديم الدين والأخلاق والمروءة.
فما تعرض له سمو ولي العهد في قرية سنابس لأمر مرفوض ولا يقبله إنسان مسلم، فالضيف مرحب به في عقيدة المسلم وثقافة الأمة العربية، ولكن الإساءة التي تعرض لها سمو ولي العهد لنا معها وقفات:
أولها: اننا نرفض الإساءة إلى الضيف أي كان، فإكرامه من الإيمان كما جاء في الأحاديث، فما بالكم مع ولاة الأمر فإنه يعظم أمرها.
ثانياً: أن هذه الزيارة لا تنتقص من مكانة سمو ولي العهد، فهي من الأمور الواجبة في حالة تسلية أهل المصائب، وهذا ديدن سموه في تعزية الناس ومواساتهم وتواصله مع قطاعات المجتمع.
ثالثاً: أن الغوغائيين تعودنا منهم المسلك المشين الذي تغذيه قناة (العالم) الإيرانية كل مساء!، فهم لا يقيمون للناس وزناً ولا قدراً، وإلا ما حكم الإساءة للضيف غير الخزي والعار؟!، قال تعالى على لسان لوط (ع): (قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون× واتقوا الله ولا تخزون) ]الحجر:68[، وقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) ]هود:78[، لذا فإننا نستنكر هذه الإساءة ونرفضها لأنها ليست من الدين ولا من العادات العربية الأصيلة.
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واستقيموا على الدين، واستمسكوا بكريم الخلُق، فكمال الأخلاق مقدم على كمال العقول والأجسام، فهل يتفكر في ذلك المتفكّرون، وينظر في ذلك العلماء والدعاة والخطباء والمربون؟