الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

شبابيك
الحكم على «المليفي» والدروس المستفادة للمجتمع البحريني (2-2)

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



نستكمل حديثنا عن الدروس المستفادة من الحكم الصادر من محكمة كويتية على الكاتب الكويتي «السني» «محمد المليفي» بالسجن سبع سنوات وغرامة قدرها 18 ألف دولار.
ثالثًا- إن الحكم ضد «المليفي» يثير لدينا في البحرين ازمة حقيقية يعيشها المجتمع البحريني بمواقف شبيهة وتجاوزات مكررة من جانب البعض الذين اعتادوا نشر الأكاذيب والادعاءات الباطلة والمزاعم، وألفوا نسج القصص والحكايات المتنوعة، واختلاق الروايات المتعددة بشأن أوضاعها الحياتية في المجتمع البحريني، فضلا عن تجاوزاتها في حق أصحاب المذاهب الأخرى ومعتقداتهم، إضافة إلى توجيه الإهانات غير اللائقة لكبار المسئولين في الدولة، وكذلك إلى إخوانهم في الوطن، مستغلين في ذلك وسائل الإعلام بجميع صورها المرئية والمسموعة والمقروءة، فضلا عما تتيحه شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) من مساحات واسعة من الحرية غير المسئولة وغير المنضبطة، حيث يتم استغلالها بصورة تسيء إلى الآخرين من دون رقابة أو مسئولية أو عقوبة تُوقع على المخالفين.
ولعل الأحداث المؤسفة التي عاشتها البحرين منذ فبراير من عام 2011 بسبب الانتهاكات المستمرة التي تورط فيها من يطلق عليهم «زورًا» معارضة تؤكد وقوع العديد من الجرائم التي تفوق كثيرا ما ارتكبه الكاتب الكويتي «المليفي» سواء بحق فئات المجتمع من قتل وتعذيب أو بحق قيادة الدولة من الدعوة إلى إسقاط النظام الشرعي القائم وإهانة رموز الدولة والإساءة إليها.
وبالرغم من كل ذلك، فإن «المعارضين» يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا أدت الدولة واجبها وقامت بمهامها بتحويل هؤلاء الخارجين على القانون إلى القضاء من أجل محاكمتهم مع توفير جميع الضمانات اللازمة لمحاكمة عادلة في سلوك يؤكد عدم احترامهم لقوانين الدولة وعدم التزامهم بأخلاقيات المجتمع البحريني المعروفة.
لقد دأب هؤلاء على استغلال مناخ الحريات في إشعال الوطن وإثارة الفتن والانتقاص من هيبة الدولة وسيادتها بدءًا من تنظيم المسيرات والمظاهرات غير المرخصة، مرورًا بممارسة المزيد من أعمال العنف ضد المواطنين والمقيمين، وصولا إلى ارتكاب الأعمال الإرهابية ضد أفراد الشرطة الذين يؤدون واجبهم الوطني في تحقيق الأمن والأمان لجميع المواطنين، فضلاً عن استغلال الحرية الإعلامية المكفولة لقلب الحقائق وإذاعة الأكاذيب ونشر الادعاءات وتضليل الرأي العام الداخلي والخارجي.
رابعًا – من الملاحظ أن الحكم ضد «المليفي» لم يثر ضجة كبيرة، بل قوبل بارتياح عام في دليل على قبول المجتمع بهذا الحكم وقناعته بضرورة وضع حدود وضوابط لحرية الرأي والتعبير حتى لا تتسبب في الفوضى والانفلات كما هو حاصل بالفعل حاليا سواء في الكويت أو غيرها من البلدان الخليجية.
وقد بات واضحًا أن القانون هو الوسيلة الأنجع لمواجهة الخارجين والمسيئين للوطن وقيمه وللدولة وقيادتها ومصالحها، وهو ما يستوجب ضرورة إعادة النظر في التشريعات المنظمة للإعلام سواء الإعلام المقروء او المسموع أو المرئي، بحيث يتم وضع المزيد من الضوابط التي تحقق المعادلة الحقوقية ذات الأبعاد الثلاثة، المتمثلة في حق الفرد في التعبير عن رأيه من جانب، وحق المواطن في الحصول على المعلومة من جانب آخر، وحق المجتمع في الحفاظ على أمنه واستقراره وحقوق بقية مواطنيه من جانب ثالث.
إن من واجب الحكومات جميعًا في جميع الأوقاف وخاصة في الأزمات ان تسرع في وضع مجموعة من الضوابط والإجراءات التي تكفل حماية المجتمع وقيمه وأخلاقياته من بعض الأفراد الذين يسيئون إلى إخوانهم في الوطن، فلم يعد من المقبول ان تسفه معتقدات البعض وتنتهك حرياتهم ويتم التعدي على أملاكهم وحرماتهم كما يحدث حاليًا في مملكة البحرين. وقد يكون من المفيد في هذا الإطار، أن يتم إنشاء دوائر وخاصة في المحاكم البحرينية للنظر في قضايا الرأي والتعبير على غرار ما هو موجود في بعض المحاكم من دوائر وخاصة للاستثمار، بهدف سرعة البت فيما يعرض عليها من قضايا تتعلق بكينونة المجتمع ووحدته.
وبالنظر إلى أن قضايا الانفلات الإعلامي وتجاوز حدود حرية الرأي والتعبير لا تخص دولة بعينها بل باتت تتخطى الحدود فإن المواجهة تتطلب تكاتفًا بين الدول الخليجية لوضع ضوابط وأسس ومعايير يسير على نهجها الإعلام ويلتزم بها الأفراد ويتحقق للمجتمع في ظلها أمنه وسلامته وتحافظ الدولة بفضلها على أمنها ومصالحها.