الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


حرب المعارضة على أمن البحرين وسلمها الأهلي

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



يبدو أن المعارضة في البحرين قد استمرأت الوضع الراهن وأعجبتها حكاية اللعبة الاسبوعية والمهرجان الجمعي الذي تحول إلى فرصة للأناشيد والغناء ورفع الأعلام من كل الألوان والتدرب على إلقاء الخطب المكررة التي سئم من سماعها الناس حتى أصبح المراهقون والأطفال أنفسهم يلقون مثل هذه الكلمات التي لا معنى لها في سياق العملية الأسبوعية التي يبدو أنها أعجبت المعارضة لأنها تعفيها من مواجهة الحقائق على الأرض ومن تحمل مسئولياتها الوطنية تجاه هذا الشعب المظلوم بهذه المعارضة التعسة التي أرادت له أن يعيش بعدم استقرار في حالة من الاضطراب الذي يؤثر في معيشته وحياته ورزقه.
ونقول إن هذه المعارضة التعسة حقيقة لا مجازا قد بلغت مرحلة الإفلاس السياسي بعدم قدرتها على فتح باب على المستقبل وبعدم قدرتها على فتح آفاق الأمل من خلال اتخاذ موقف واقعي وعقلاني ومن خلال القبول بالحلول المعقولة التي من شأنها أن تساعد على التقدم نحو المستقبل ولكن مجريات الواقع على الأرض تقول ما يلي:
- ان هذه المعارضة تعتقد اعتقادا يقينيا أنها سوف تتمكن وإن طال الزمن من فرض أجندتها كاملة على الحكم وعلى جميع مكونات المجتمع وهي لذلك مصرة على مواصلة النهج نفسه بلا هوادة أو تراجع وتراهن في هذه الحالة على أن تفقد الدولة أعصابها وتلجأ إلى استخدام القوة المفرطة لقمع هذه الفوضى المستشرية التي تستخدمها هذه المعارضة لابتزاز الدولة والمجتمع معا، فتبدأ كالمعتاد الصراخ والعويل والبكاء وتكرار أناشيد المظلومية والبكائيات واستجلاء الداخل والخارج.
- إما أن تكون هذه المعارضة مدركة تمام الإدراك أنه ليس بوسعها وإن طال الزمان أن تفرض هذه الأجندة لا على الحكم ولا على المجتمع لأنها تعلم جيدا أن هذه الأجندة يرفضها نصف المجتمع بداية فربما أكثر من ثلثي المجتمع نهاية رفضا باتا ونهائيا لأنها أجندة ترتبط بمفهوم غريب عن هذا المجتمع ومرفوض وهي أجندة الولي الفقيه التي هي تدمير حقيقي لمعنى الديمقراطية ومعنى الدولة المدنية ومعنى المشاركة السياسية فلا ديمقراطية ولا دولة مدنية ولا مشاركة سياسية في ظل هذه الايديولوجيا البائسة التي لا علاقة للبحرين بها سنة وشيعة وانها تهم قلة قليلة مستأسدة ومهيمنة ومتغولة ومبتزة للمجتمع. ومن هذا المنطق فإن هذه المعارضة ولأنها تعلم استحالة إقناع المجتمع وفرض هذه الأجندة فإنها تفضل أن تظل تلعب في الشارع لابتزاز الدولة واستجداء التعاطف لعلها تحقق بعض النتائج من خلال ثقافة الابتزاز والتهديد والتصعيد المستمر.
- وإما أن تكون هذه المعارضة غير قادرة على قراءة التاريخ ولا حركة التاريخ ولا تفاعلات المجتمع البحريني وهنا الكارثة لأنه لا يكفي أن تكون جماعة قادرة على إنشاء حزب بل يجب عليها أن تكون قادرة على خدمة المجتمع وحفظ سلمه الأهلي والإسهام في نموه وتنويره، والذي نراه على أرض الواقع هو عكس ذلك تماما فكل جهود المعارضة إلى الآن قائمة على عدم القدرة على تسيير الشارع أو التأثير فيه بل يبدو الشارع هو الذي يسيرها ويؤثر فيها ليدفعها نحو مسارات تصعيدية ونحو حرب الشوارع اليومية والليلية ومهرجان الخطاب الأسبوعي بدلا من أن تكون قادرة على اقتراح المخارج القابلة للتنفيذ والقابلة للتوافق حولها، أما تكرار قصة «المطالبات» وقصة وثيقة المنامة فإنها أشبه بخرافة الغول والعنقاء فمطالبها تقابلها مطالب أخرى لأكثر من نصف المجتمع وبوثيقتها تقابلها وثائق أخرى، والسياسي الحقيقي المحترف هو الذي يضع أوراقه على الطاولة ويضع مطالبه ومطالب الآخرين ويناقش الحلول والمخارج وفقا للإمكانيات المتاحة في هذه المرحلة التاريخية بما يساعد على التقدم على طريق تعزيز الديمقراطية وتعزيز تجربة الإصلاح وإخراج المجتمع من هذه الأزمة الخانقة ومساعدة البلد على التقاط الأنفاس والعودة إلى التنمية والإنتاج، أما الاستمرار في لعبة الشوارع فمثلما أشرنا إلى ذلك في أكثر من مقال فإنه لا ينشئ إلا الفوضى والصدامات التي لابد أن تكون لها ضحايا مهما حافظت الدولة على برودة أعصابها، فالفوضى حرب مفتوحة تدمر الأخضر واليابس.