عربية ودولية
السودان يستعيد السيطرة على منطقة هجليج
تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
الخرطوم (الوكالات): استعاد السودان أمس الجمعة السيطرة على منطقة هجليج الحدودية المتنازع عليها إثر معارك عنيفة، فيما تحدثت دولة جنوب السودان عن انسحاب طوعي تحت ضغط دولي. واعتبر الرئيس السوداني عمر البشير أمام تجمع في الخرطوم احتفاء بإعادة السيطرة على منطقة هجليج النفطية، ان قواته هزمت جيش جنوب السودان.
وقال البشير مرتديا الزي العسكري أمام آلاف من أنصاره تجمعوا أمام مقر رئاسة أركان الجيش في العاصمة السودانية «ليس هناك انسحاب، نحن ضربناهم عنوة وقوة، هم بدأوا القتال ونحن الذين نعلن متى ينتهي القتال والزحف لن يقف. الحرب بدأت ولن تنتهي».
وفي المقابل أعلن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين في الخرطوم ان «قواتنا تمكنت من تحرير مدينة هجليج بالقوة واستعادتها في الساعة 14:20 اليوم». وقبل ساعتين من ذلك، أعلن رئيس جنوب السودان سالفا كير انه اصدر الأمر لجيشه بالانسحاب على الفور من منطقة هجليج التي سيطر عليها في العاشر من إبريل الحالي مما وضع البلدين على شفير الحرب. لكن كير أكد في بيان قرأه متحدث باسم الحكومة في جوبا ان الانسحاب تقرر استجابة لنداءات مجلس الأمن الدولي وعدد من مسؤولي المجتمع الدولي، وكذلك لإشاعة «أجواء تسهم في استئناف الحوار مع السودان».
وأشارت شهادات جمعتها وكالة فرانس برس في بنتيو في اراضي جنوب السودان إلى ان المعارك كانت متواصلة صباح أمس الجمعة في هجليج التي تبعد نحو (ستين كلم) وان العديد من جنود جنوب السودان عادوا جرحى من الجبهة.
وقال المتحدث باسم حكومة جنوب السودان برنابا ماريال بنجامين وهو يقرأ البيان الرئاسي أمام الصحفيين أمس الجمعة ان «جمهورية جنوب السودان تعلن ان قوات الجيش السوداني الجنوبي تلقت الأمر بالانسحاب» من هجليج، مضيفا ان «انسحابا منظما سيبدأ على الفور وسيكتمل في الأيام الثلاثة» المقبلة.
وأكد كير مع ذلك انه لا يزال يعتبر هجليج جزءا لا يتجزأ من أراضي جنوب السودان. وكان الرئيس السوداني عمر البشير توعد من جانبه يوم الخميس بتلقين جنوب السودان درسا «بالقوة» بسبب احتلال قواته منطقة هجليج النفطية. وتعتبر منطقة هجليج الحدودية التي يطالب بها الجانبان استراتيجية بامتياز وهي تؤمن حتى الاشتباكات الأخيرة نصف الإنتاج النفطي للشمال.
وقد كثفت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الأيام الأخيرة الدعوات إلى انسحاب قوات جنوب السودان كما دعت الطرفان إلى ضبط النفس بغية تجنب حرب جديدة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعتبر يوم الخميس استيلاء جوبا على هجليج «غير شرعي». وطلب في الوقت نفسه من السودان «التوقف فورا عن قصف» جنوب السودان والانسحاب من مناطق أخرى يتنازع على سيادتها مثل منطقة أبيي. وقبل اتفاقات السلام في عام 2005 التي أدت إلى تقسيم السودان في يوليو الماضي، استمرت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عقودا من الزمن، وأسفرت الموجة الأخيرة من النزاع من عام 1983 وحتى عام 2005 عن سقوط مليوني قتيل على الأقل. لكن التوترات بين جوبا والخرطوم مستمرة بسبب مواضيع خلافية عدة عالقة منذ إعلان استقلال جنوب السودان.
وتشمل هذه الخلافات وخصوصا ترسيم الحدود وتقاسم الموارد النفطية السودانية قبل التقسيم جوبا- ورثت ثلاثة أرباع الاحتياطات لكنها تعتمد كليا على البنى التحتية في الشمال للتصدير-. وتتبادل العاصمتان ايضا الاتهامات بمساعدة المتمردين على أراضيهما. ومنذ أيام عدة كادت المواجهات بين الجيشين تمتد على طول الحدود المشتركة.
وإذا كان المجتمع الدولي يخشى حربا جديدة بين الدولتين المتجاورتين، فان بعثة السلام المشتركة من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور تتخوف ايضا من استغلال المواجهات بين الشمال والجنوب من قبل متمردين في دارفور. وقال رئيس البعثة إبراهيم جمبري في بيان «في إطار التوتر المستمر بين السودان وجنوب السودان اشعر بقلق كبير لان الحركات المسلحة تسعى إلى زعزعة الاستقرار في دارفور».
وأكدت مجموعة سودانية متمردة لوكالة فرانس برس أمس الجمعة أنها قتلت 79 من أفراد الجيش السوداني وعناصر القوات شبه العسكرية في كمينين في ولاية النيل الأزرق المجاورة لجنوب السودان التي تشهد معارك عنيفة منذ سبتمبر. وقال ارنو نغوتولو لودي الناطق باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال ان الجنود وأفراد الميليشيا الـ79 قتلوا في كمينين نصبا الثلاثاء والأربعاء في منطقة تبعد نحو 35 كلم عن الدمازين عاصمة النيل الازرق.
واشار لودي إلى تجدد المعارك في النيل الأزرق منذ العاشر من إبريل عندما استولت قوات جنوب السودان على منطقة هجليج الواقعة في ولاية جنوب كردفان المجاورة حيث توجد بئر نفطية ضخمة. وشنت القوات السودانية من جانبها غارات جوية على جنوب السودان.
وفي بانغي، أفادت مصادر متطابقة وكالة فرانس برس بان احد عشر عنصرا من جنود إفريقيا الوسطى المشاركين في مهمة في السودان في إطار القوة الثلاثية (السودان- تشاد- إفريقيا الوسطى) لمراقبة حدود الدول الثلاث، قتلوا يوم الأربعاء في إطلاق قذائف.
وقال مصدر حكومي في بانغي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه «سقط 11 قتيلا و9 جرحى في صفوف (جنود) إفريقيا الوسطى. واستهدف الهجوم قيادة القوة الثلاثية المتمركزة في السودان في منطقة ام دافوك (الحدود الثلاثية)، ونسب الهجوم إلى «متمردين جاؤوا من جنوب السودان».