الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بالعربي


الغوغاء الطائفية للتدمير الشامل..

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢

سميرة رجب



لا يمكن أن نصف ما يحدث في بلادنا إلا بالغوغاء، حيث يعلو الهيجان العاطفي على لغة العقل، وحيث يعمل الحاقدون لتحقيق أهدافهم في التدمير من دون خوف أو وازع إنساني، وحيث تداس الحكمة وكل العواطف النبيلة بقوة الأحقاد والكراهية، وحيث يتقدم الجهلاء ويتراجع العقلاء، وحيث يستغل السفهاء حاجات البسطاء للصعود على أكتافهم..
هذه هي الغوغاء التي تجتاح بلادنا، فلا نسمع إلا صوت الكذب والتدمير، فهل هذا سلوك وطني، أو إنساني، يمكن تبريره؟..
من المؤكد أن التدمير أسهل بكثير من البناء.. ومن الطبيعي أن الإنسان الصادق لا يمكنه ممارسة الكذب، والاستمرار فيه، في أي حال من الأحوال، حتى تحت باب البراجماتية، أو بذريعة «الغاية تبرر الوسيلة».. فلا وطنية، أو إنسانية، في استغلال الناس والكذب عليهم، وتدمير الوطن.. فالتدمير ليس شجاعة لأنه سهل جداً، بل الشجاعة تكمن في قوة إرادة البناء.. ولا إنسانية في إيهام الناس بالأكاذيب لاستقطابهم، لأن المواجهة بالحقائق والصدق فضيلة تتحقق مكاسبها على المدى الأطول، فلماذا إذن تعتمد المعارضة البحرينية على الكذب لتشويه صورة البحرين في الأوساط الدولية؟.. ولماذا تعمل هذه المعارضة، بكل قوتها، لتدمير البحرين وإضعاف مؤسساتها بالغوغاء السياسية التي صارت مكشوفة؟..
ولمعرفة أسباب هذه الظواهر البحرينية المدمرة علينا بالرجوع إلى تسعينيات القرن الماضي عندما مارست المجاميع العراقية في الخارج، بقيادة حزب الدعوة الإسلامي الموالي لإيران، كل أنواع الكذب في الإعلام الغربي، الذي أدى إلى الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، ومن ثم مجيء كل أولئك الكذابين والأفاقين ليحكموا العراق، والنتيجة النهائية كانت هيمنة حزب الدعوة على السلطة، والتدمير الشامل للدولة والإنسان العراقي.. إذن هذه المجاميع التي عملت في ذلك الوقت تحت إدارة المخابرات المركزية الأمريكية، السي آي إيه، نجحت في إسقاط النظام الحاكم في العراق بقوة الكذب المستمر المدعوم غربياً.. وللمرة الأولى في التاريخ العربي، بعد احتلال فلسطين، يحتل الأجنبي أرضاً عربية بقوة الكذب من دون أن يلقى مقاومة أو رفضاً من النظام العربي الرسمي، لأن الأكاذيب كانت قد حققت التدمير الشامل للعقول والقلوب.. وهذا ما اكتشفه الزعماء العرب متأخرين، بعد أن عرفوا ان ما حدث للعراق كان الخطوة الأولى في خطة تغيير المنظومة العربية كلها، لصالح سياسات دولية جديدة، وليس لصالح شعوب المنطقة rettiwt=muidem_mtu&deefrettiwt=ecruos_mtu?/dednuf-s-u-noisrevbus-gnirps-bara-laiciffo-sti/moc.srawofni.www
إذن نجاح سلاح الكذب لإيصال حزب الدعوة إلى قمة السلطة في العراق، هو المحرك الأول في خلق عزيمة الغوغاء الطائفية، بقيادة حزب الدعوة البحريني، لاستخدام الكذب كسلاح تدمير شامل مرة أخرى لإلغاء الدولة البحرينية وتمزيق المجتمع، بناء على وعود دولية بتغيير النظام لصالح طائفة detaler=erutaef&QY7C7igJGCn=v?hctaw/moc.ebutuoy.www
إذن هناك أهداف قصيرة وطويلة المدى في كل ممارسات المعارضة الطائفية في البحرين، وليس الهدف الوطني أحدها، لأن الإنشقاق في الصف الوطني، الذي خلقته أحداث 14 فبراير 2011، لا يمكن أن يُحسب في خانة الأهداف النبيلة، بل هو التدمير الشامل الذي تسعى له المعارضة البحرينية للوصول إلى السلطة بحسب أدبيات العصر..
الكذبة الكبرى التي لم تستطع المعارضة الطائفية الاستمرار فيها هي كذبة سلمية الحركة، هذه السلمية التي كان يجب الالتزام بها بموجب مشروع التغيير الذي اتبعته وتدربت عليه عناصر المحتجين البحرينيين، وأفراد المعارضة، كما جاء في تقرير مؤسسة «إلبرت آينشتاين» الأمريكية، للباحث «جين شارب» (من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.. إطار تصوري للتحرر)، والذي يصف كل الوسائل السلمية، واللاعنفية، المطلوبة في عمليات التغيير بحسب وجهة النظر الأمريكية (وقد ذاع صيت هذا التقرير منذ انتهاء الحرب الباردة، وتم العمل به في تغيير الأنظمة بدول أوروبا الشرقية والشرق الأدنى، ومعمول به حالياً في المنطقة العربية).
إذن الخطأ القاتل في أداء المعارضة البحرينية، للإطاحة بالحكم، هو تجاوزها للخطة ولجوؤها إلى العنف قبل انتهاء الأحداث (14 فبراير)، وهذا الخطأ كان نتيجة حتمية للشحن الطائفي الخطير الذي اعتمدت عليه المعارضة في بنائها التنظيمي، ونتيجة حتمية للقصور الثقافي والفكري والسياسي في قراءة المعارضة للأحداث، فلجأت إلى ممارسات العنف الطائفي لترويع المواطنين وفرض السيطرة على الشارع، قبل الوقت المحدد.. فانقلب السحر على الساحر.
إذن البحرين تواجه غوغاء طائفية تستهدف تدمير المجتمع والنظام، وليس تحقيق الديمقراطية أو مصالح الشعب البحريني.. وهذا هو سبب فشل المعارضة في كسب ثقة الشعب، وسبب لجوئها المستمر إلى الكذب على المستوى الدولي لتحقيق أهدافها من خلال الضغط الخارجي وليس بالإجماع الداخلي.
ومع انكشاف كل هذه الحقائق باتت المعارضة الغوغائية الطائفية في مأزق حقيقي، يدفعها إلى المزيد من التخبط..
ولأن حبل الكذب قصير، فكلما أوغل الطائفيون في الكذب باتوا أكثر عزلة وتهميشاً..



sameera@binrajab.com