الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


.. إنهم يستحقون هذه الإشادة

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢

لطفي نصر



تستحق جمعية الأطباء بجدارة إشادة سمو رئيس الوزراء بها وبنجاح انتخاباتها الأخيرة.. وبنتيجة هذه الانتخابات التي استراح لها الكثيرون.. الأمر الذي جعل سموه يؤكد خلال التقائه مجلس إدارتها الجديد, أن هذا النجاح يعكس الإصرار على التمسك بالدور المهني للجمعية, بعيدا عن كل ما له علاقة بالتسييس أو الطائفية. وهذا الدور المهني هو الذي أظهر سموه حرصه عليه خلال هذا اللقاء.. وقد ظهر هذا الحرص لدى سموه من خلال ما يلي:
* أكد سموه أن الجسم الطبي سيبقى بخير, ولن يتأثر, ولن يتشوه بالممارسات غير المهنية والبعيدة عن الرسالة النبيلة لمهنة الطب, والتي قام بها البعض.. حاثا سموه الأطباء أن يجعلوا على رأس أولوياتهم الارتقاء بمهنة الطب ورسالتها الإنسانية السامية.
* كان أول ما خاطب سموه الأطباء به هو قوله لهم «حافظوا على الدور المهني للجمعية وأبعدوها عن التسييس».
كما أظهر سموه حرصه على ألا يُعزل الأطباء, وألا يحرموا من المشاركة في الشأن الوطني, وألا يحبسوا داخل سياج المهنة فوجدناه يقول لهم «.. لكن كونوا في ذات الوقت حاضرين في الشأن الوطني مثلكم مثل بقية مؤسسات المجتمع المدني وبمواقف ثابتة وقوية ملؤها مصلحة الوطن».
وأراد سموه أن يشير إلى أنه رغم مرارة وقسوة ما جرى وما كان قد اعترى الجسم الطبي من أدران وأسقام وآلام, والتي تمنى على الله ألا تعود.. فقد عبر سموه عن تفاؤله بالمستقبل, وأن الجسم الطبي سيبقى بخير مبرأ من كل الآلام والأدران رغم مرارتها.
تابعت اجتماعات عمومية الأطباء.. ولا أخفي أنني كنت متفائلا بسلامة الحوارات وبنتائج الانتخابات رغم الممارسات الاستفزازية الطفيفة التي مارسها البعض في البداية.. وخاصة التهديد باللجوء إلى القضاء طعنا في النتائج, حتى قبل أن تجرى عملية الانتخابات!.. ولكن اختفاء كل ما له علاقة بالتسييس والطائفية من سماء القاعة التي أجريت فيها الحوارات والانتخابات جعل التفاؤل يبقى قويا بنجاح الانتخابات التي أشاد سمو رئيس الوزراء بها.. والتي أثلجت معظم الصدور.. لسبب واحد.. ألا وهو أن المستفيد من هذا النجاح هو المريض.. وهذه المهنة النبيلة.. وأعضاء الجسم الطبي بأكمله من حيث الارتقاء بهم وبمهنتهم.. ومن حيث العمل في جو صاف وخال من التوترات, تتوحد فيه الكلمة والمواقف.. من أجل تحسين أوضاعهم.. هذا التحسين الذي له بالضرورة الدور الأكيد في تحقيق هدف الارتقاء بالمهنة.
}}}
بالأمس انعقدت مليونية مصرية في ميدان التحرير بالقاهرة.. معظم الأحزاب والتيارات الثورية تجمعت في مكان واحد.. ولكنهم للأسف لم يجتمعوا على هدف واحد.. وكانت الطامة الكبرى أن غابت مصر عن الساحة وعن الميدان.. وعن الأهداف.. كل تيار وكل حزب جاء من أجل أهدافه ومراميه وأطماعه الخاصة.. وقد تناقضت وتضاربت كل الأهداف والمقاصد.
الإخوان والسلف جاءوا للتهديد والوعيد.. لا يهمهم غير أن يلغى قرار استبعاد مرشحيهم للرئاسة وإلا عليّ وعلى أعدائي.. وشعب مصر الأصيل يرفض مثل هذا التهديد.. وشباب الثورة جاءوا ليذكروا الإخوان بوعدهم بأنه لن يكون لهم مرشح للرئاسة.. وأعلنها شباب الثورة صريحة أنهم لا يريدون إخوانا ولا سلفا ولا عسكرا.. إنهم يريدون دولة مدنية.. والسعي نحو أهداف الثورة المعلنة التي راح كل الشهداء من أجلها.. وجاء إلى الميدان مصريون لا يريدون غير مصر وغير أن يعيشوا حياة كريمة وأن تحل مشاكلهم التي تخنقهم وتحرمهم من أبسط حقوق الإنسان.. ولكن سطوة غيرهم للأسف هي الأكبر وهي الأشد.. ويبدو أن مصر هي التي ستضيع.
وهذا هو تقريبا ما يحدث في البحرين.. جماعة لا تمثل غير نفسها.. ولا تريد أن تسمع غير نفسها, وغير ما تريد.. يزين لها الشيطان ما تفعله بأنه الحق ولو كان كذبا وتدميرا وتشويها وحرقا وتقتيلا.
يتشدقون بالديمقراطية ويدعون أنهم يطالبون بها مع أن عنوانهم هو الجمود والتصلب في الرأي, وعدم الاستماع إلى ما يقوله أو يريده الآخرون, وما تنشده الأغلبية.. أي مواطن في أي بلد في الدنيا يريد الخير ويتمناه لوطنه.. وهم لا يريدون غير التكسير والتشويه, ولا مانع عندهم من اختطاف الوطن وبيعه بأكمله لأعدائه.
وقف النائب علي شمطوط أثناء جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي عند مناقشة التعديلات الجديدة على قانون العقوبات.. وخاصة عند المادة التي تسعى لتغليظ عقوبة الشروع في القتل.. وقف متحدثا عن «الشوزن» وقال إنه يؤدي إلى القتل.. ولابد أن يكون تغليظ العقوبة على استخدامه أشد.. وجاء إلى الجلسة حاملا الصور وصفحات من بعض الصحف!
فوجئ شمطوط بعاصفة من الاحتجاج من نواب آخرين.. يسألونه: لماذا الشوزن؟.. ولماذا لا يكون تغليظ العقوبة على استخدام «المولوتوف» والأسياخ الحديدية, وسكب الزيوت في الشوارع.. وسدها بالزناجير في وجه السيارات المنطلقة في طريقها أيضا.. أليست هذه كلها تحرق وتقتل وتبيد وتميت؟!
وعندما نصحه الرئيس بالجلوس والتوقف عما يريد أن يتمادى فيه.. استجاب على الفور.
وهكذا كانت بيانات المعارضة أمس الأول.. تتحدث عن إسراف سلطات الأمن في استخدام الشوزن.. ولم تتحدث لا من قريب ولا من بعيد عن «المولوتوف» وقطع الطرق ومحاولة التصدي بكل قوة لفعالية سباق الفورمولا والتحرش بفرقها.. وإظهار صورة الوطن بأكمله أمام الأجانب بأنه مشوه وأنه غير آمن وأن مجرد الدخول إليه مخاطرة كبيرة لا تحمد عقباها.. والإساءة إلى الجميع باسم الحرية والديمقراطية!
إن أي قضية عادلة يمكن أن تسمع, وأي مطلب يمكن أن يستجاب.. لو جاء محمولا عبر سلامة الطرح وتحضره واستقامة أسانيده ومبرراته.. وبعيدا عن إهانة الوطن ونوايا اختطافه وبيعه لأعدائه.