مقالات
من غرائب القصص
قصص وطرائف عن العلاجات القديمة للمرضى
تاريخ النشر : الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٢
طبيب «لضروس» الشعبي يروي بعض من رجالات المحرق المعمرين انه كان هناك رجل يزاول طب الأسنان على الطريقة القديمة، يعني (يشيل الضرس) وقد اختلف الناس في معرفة جنسيته. بعضهم يقول إنه تركي، بينما البعض الآخر يقول إنه أفغاني الأصل. كما يرجحون وصوله إلى البحرين في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي تقريباً، أما عن عدة الشغل التي كان يزاول بها مهنته فهي عبارة عن صندوق عتيج صغير حديدي أو خشبي يحتوي في داخله على جلاليب لخلع السن مع شوية قطع من القطن وحبال دقيقة وخيوط (حيصي) هذا كل ما لديه (لشيل الضرس). أما كيف يتم خلع أو شيل ضرس المريض فذلك له قصة غريبة وعجيبة تعالوا نسمعها معاً وهي أنه يقوم بربط السن أو (الضرس) المصاب بخيط قوي (حيصي) ثم يربط الطرف الآخر من الخيط في كصة باب أحد الدكاكين ثم يطلب من المريض وهو واقف على رجليه، يطلب منه أن يشد الخيط بقوة ممكنة ثم يقوم من خلف المريض الذي لا يشوف أو لا يدري ماذا سيفعل له هنا وفجأة يقوم هذا الطبيب بضرب المريض على ظهره والذي على إثرها يقفز أو (يكحص) بقوة من شدة غضبه وانفعاله، وفجأة يتلاشى غضبه عندما يشاهد سنه أو ضرسه (انتكف من حلجه) من جراء قفزته وهو مشدود مع الخيط وعندما يهدأ غضبه يقول له الطبيب هذا علاجي وهذا ضرسك ولم ينقص منك شيء، ثم يأخذ اجرته وقدرها آنتين (ثماني بيزات) والله وايد في ذلك الزمان. أما الطريقة الثانية في علاج خلع أسنان المرضى فهي انه إذا شعر هذا الطبيب الشعبي (هو ليس بطبيب ولا حاجة) بأن المريض لا يمكن أن يستقر أو يهدأ من شدة الألم يقوم هنا يقوم بربط يديه ورجليه معاً بالحبال ثم يقوم بمساعدته على ذلك أحد المرافقين للمريض، ثم يبدأ في استعمال الجلاليب لخلع السن المصاب بينما المسكين (يتعفرت) لكن ما في اليد حيلة بل ويستمر في الصراخ وحتى البكاء. هكذا كانت تجري عمليات خلع الأسنان خلال أيام العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، ربما أخذ طريقة العلاج هذه من الصينيين عندما كانوا يعالجون مرضاهم.
قصة الطبيب والبحار
خلال فترة الستينيات استأجرت دائرة الصحة العامة أحد البيوت في شمالي المحرق لاستعماله عيادة طبية، وتشاء الصدف أن يرسل أحد الأطباء المصريين الجدد في ذلك اليوم من أيام يوليه عام 1963 إلى هذه العيادة وهو الذي لم يمض على وصوله البحرين سوى أيام معدودة. بدأ هذا الطيب في مزاولة عمله بعدما دخل عليه أحد المرضى (يظهر انه من فصيلة بوعكوف).
ما علينا.. تعالوا نسمع معاً الحوار الذي دار بين الطبيب وهذا المريض.. الطبيب: تشتكي من ايه يا حاج؟ المريض: والله يا دختر ومنذ ثلاثة أيام وأنا مالي مكاكه وعافيتي كلها بايده ناس يكولون لي ربما فيني «بوينيب» وناس يكولون يمكن هذا «استهوان» أو فجج وكزرت يا دختر كله «امزوزي». الطبيب: بطل حلجه (فتح فمه) على آخره ولا عرف حتى نصف كلمة مما قاله المريض. ثم تابع في طرح أسئلته يا حاج انت بتآكل كويس، يرد المريض: آكولك يا دختر نفسي مسدودة وإذا مشيت آعور من راسي. هنا الطبيب وجد نفسه عاجزا عن فهم كلام المريض عندئذ دعا ناطور العيادة ليقوم بدور الترجمة، لكن مثل ما يقولون (اختج مثلج) اسمعوا شرح الناطور عندما استفسر من المريض: دختر يقول المريض انه راجع بعض الأطباء الشعبيين في الديرة وقالوا له ربما هو مصاب باستهوان ويشعر دائما ان «سرسوفه» يعوره إلى هذا الحد والطبيب لم يفهم أي شيء من المريض. فقام فجأة واتصل بإدارة الصحة العامة، وطلب إعطاءه فقط يومين لدراسة معاني «المكاكه والسرسوف والاستهوان» وأخواتها.
دكتور بندر كار والكرشة
كانت عيادة الدكتور بندر كار الطبيب المشهور في المحرق والذي التحق في خدمة حكومة البحرين عام 1925 (عام سنة الطبعة) كانت تقع في عمارة سلمان بن حسين مطر ؟ الطابق التحتي وذلك خلال الأربعينيات التي استعملت فيما بعد مقرا لنادي الإصلاح وذلك خلال منتصف الخمسينيات. تقول قصة المريض مع دكتور بندر كار ان هذا المريض كان يتردد على د. بندر كار من وقت إلى آخر لأنه كان يشتكي من سعال مزمن وكان في كل مرة تصرف له غرشة دواء للسعال ؟ يعني يصب دواء السعال في غرشة خالية (وليست غرشة جديدة) فغضب د. بندر كار من صرف عدد كبير من الزجاجات (لغراش) عندها طلب من المريض أن يأتي في المرة القادمة (بكرشه) من عنده يعني «غرشة خالية» فرح المريض لطلب الدكتور بندر كار وشعر بسعادة عندما طلب منه «كرشة» وهكذا وعندما نوى زيارة العيادة ذهب أولا إلى المقصب واشترى رطل «كرشة لحم» أو غنم وعندما دخل على الطبيب مباشرة وقال: دختر يابيت لك الكرشه التي طلبتها مني. نظر د. بندر كار إلى الكرشه، وقال للمريض ما هذا اللي جبته معك؟ فرد المريض الكرشة اللي طلبتها.
كان المرحوم بإذن الله محمد (فني الصيدلية أو التمريض) واقفا بجانب الدكتور بندر كار في تلك الساعة فغضب من الرجل وقال له الدختر يقصد غرشه دواء وليس كرشة يا غبي. ثم أخذ محمد «الكرشه» ورماها في درام الزبالة.
طبعاً مثل هذه القصص أو الطرائف كثيرة ومتنوعة ربما تحتاج في يوم ما إلى من يطبعها في كتاب أو كتيب. إنها حكايات من أيام زمان تلك الأيام الجميلة الحلوة التي ذهبت وذهب معها رجالات المحرق البسطاء ولم يبق اليوم إلا دواعيسها ومعها نكهة الماضي.