أين «السنع» والقيم الأخلاقية يا دعاة الديمقراطية؟
 تاريخ النشر : الاثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
المتعارف عليه في العالم المتقدم والنامي والمتخلف على حد سواء أن إنسانية الإنسان هي جوهره وماعدا ذلك وما بعدها جزئيات مكملة ومزينة فمن دون إنسانيتنا نفقد أي معنى لوجودنا بل نفقد أي معنى لكرامتنا كبشر.
ولذلك فإن كل المفاهيم المعاصرة حول الديمقراطية والمشاركة والتقدم والحداثة والمدنية تظل من دون أي معنى إذا حذفت منها الإنسانية بمعناها الواسع لأن هدف كل شيء في هذه الدنيا هو إنسانية الإنسان وهي التي تجمع بين الكرامة والتضامن والمحبة والعيش المشترك والتسامح وهذا كله لا يمكن أن ينمو أو إن يكون فاعلا في حياتنا كبشر من دون القيم والأخلاق العالية بغض النظر عن أدياننا ومذاهبنا والأحزاب التي ننتمي إليها والقبائل والعائلات التي نأتي منها فمن دونها يفقد الإنسان البوصلة وهي القيم التي لا يضمنها قانون ولا دستور ولا يخطها قلم في كتاب أو في دليل في العلاقات بين البشر وإنما تكون مغروسة في القلوب والعقول يرضعها الطفل صغيرا في العائلة قبل خروجه للشارع وقبل ذهابه للمدرسة وقبل أن يكون طالبا أو موظفا أو عضوا في حزب سياسي أو في جمعية دينية أو جمعية حقوقية حقيقية أو مزيفة مثلما عندنا.
هذه القيم التي رضعناها في الحليب وشربناها في الأسرة والفريج والحي هي التي تفرض علينا الأدب والذوق الرفيع والتعامل مع الناس بالخلق الجميل فإذا زارنا في البيت قريب أو بعيد نستقبله بالاحترام والتقدير فما بالك إذا كان الزائر من مقام كبير ومن عائلة كريمة وعريقة ومن مستوى وذوق وأخلاق عالية ورفيعة؟ بل إن العرب الحقيقيين الذين يضرب بجذورهم في عمق العروبة وفي عمق القيم التي تفرضها العروبة إذا زارهم في بيتهم ضيف أكرموه حتى إن كان عدوا بل حتى إن كان بينهم وبينه ثأر، ذلك ما يعرفه السنع والقيم العربية الأًصيلة العالية القيمة التي لا توجد في دستور أو قانون، ولكن ماذا نفعل إذا كان عندنا أناس فقدوا إنسانيتهم وأفقدهم غسل الدماغ اليومي والحقد السياسي والطائفي قيم البحرين العربية الإسلامية التي تربينا عليها أبا عن جد أجيالا بعد جيل؟
ماذا نفعل إذا كان بعض المسيسين الموتورين الذين قادوا انقلابا فاشلا على الدولة والمجتمع فأفقدتهم هزيمتهم السياسية بوصلة العقل والمنطق والقيم والأخلاق؟ ماذا نقول لأناس باعوا القيم بفلس واحد وضحوا بما هو إنساني استجابة لنوازع غرائزهم وأحقادهم متناسين أصول الضيافة العربية وأصول السنع البحريني الكريم الذي لا يفقده الإنسان حتى وهو في أسوأ حال؟
لم تشهد البحرين في تاريخها القديم والمعاصر أن فقد بعض البحرينيين إنسانيتهم إلى هذه الدرجة الموجعة والمؤلمة التي تجعلهم يخرجون عن الأدب والذوق الرفيع الذي اشتهرت به البحرين وجعلت كل من يزورها أو يعرفها أو يختلط ببحريني في الغربة شيعيا كان أو سنيا يحبها ويحبهم فالبحرين بلد الوئام والمحبة والذوق الرفيع واسألوا عنها إن كنتم لا تعلمون أهل الخليج، واسألوا عنها إن كنتم لا تعلمون أهلنا في البلدان العربية مشرقها ومغربها، واسألوا عنها إن كنتم لا تعلمون جميع شعوب الأرض الذين يزورون البحرين ويتعرفون على أهلها ليقولوا لكم من هم أهل البحرين؟ وما هي أخلاقهم؟ وما هو ذوقهم؟
مِن أين جاء هؤلاء الفاقدون الإنسانية والذوق؟ مَن جرأهم على ذوقنا وتربيتنا وأدبنا الرفيع؟
الحقيقة التي لا استطيع إخفاءها أن هؤلاء ضحايا ماكينة الدعاية الإجرامية الفاقدة للإنسانية، الدعاية الطائفية المستترة بالدين والسياسة المفسدة للذوق والقيم والأخلاق والرؤية التي تقودها وتموّلها آلة الطائفية في إيران، فالحقائق تؤكد ذلك والتي منها:
أولا: الفبركة والكذب هي القاعدة الثمينة التي لايزال إلى اليوم يمارسها هؤلاء في الداخل والخارج عيني عينك يكذبون على الدولة والمجتمع ولسنا في حاجة إلى استعراض الفبركة الإعلامية لأنها أصبحت مصدر السخرية والتندر.
ثانيا: تدني المستوى الأخلاقي من خلال اتباع سياسة الشتائم والسب واللعن التي لا تترك كبيرا أو صغيرا وهي السياسة السائدة والمكرسة في المنابر الدينية وفي المجالس والأحاديث وحتى في التواصل الاجتماعي.
ثالثا: التحريض العلني الذي بلغ مداه في نظرية اسحقوه الشهيرة التي قيلت من فوق منبر رسول الله وأثناء صلاة الجمعة.
رابعا: نفث الأحقاد والكراهية والطائفية بين الأجيال واستحضار الصراعات التاريخية والطائفية وجعلها درسا يوميا للأجيال الجديدة.
هذه الأمثلة تكفي لنوضح للقاصي والداني لماذا تدنت أخلاق هؤلاء؟ ولماذا أفقدتهم إنسانيتهم ؟وبالتالي فقد الحد الأدنى من السنع البحريني الأصيل.
.