الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


هذا أوان الحسم

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٤ أبريل ٢٠١٢

فوزية رشيد



* الآن وبعد أن قطعت البحرين (قيادة وشعبا مخلصا) شوطا كبيرا في ممارسة آليات النفس الطويل وضبط النفس، رغم انكشاف وانفضاح الاجندات والمشاريع ومخططات الدعم والتدريب والتمويل، ولعبة الاعلام المسيس، مثلما لعبة المنظمات الدولية وتحديدا «الامريكية» التي لعبت ولاتزال تلعب على جراح البحرين، أعتقد انه آن أوان الحسم ووضع النقاط على الحروف، بشكل يحدد الصلة القانونية والسياسية مع جهات داخلية تطرح نفسها على هيئة جمعيات سياسية، ومع جهات اقليمية ودولية تدخلت ولاتزال تتدخل بشكل سافر أو مبطن في شئون البحرين الداخلية، وتدعم الجهات الراديكالية التي تنتمي إلى تيارها تلك الجمعيات، مثلما تلعب على الطوائف، كانت تلعب على «العامل الشيعي» وحده مع بداية الاحداث في السنة الماضية، وأصبحت اليوم تلعب على بعض السنة من خلال منظماتها المسيسة التي تدعي انها منظمات غير حكومية.
* على المستوى الداخلي، يجب العمل السريع على تنفيذ القانون إن وجد، أو على تشريعه إن لم يوجد، في ضبط أسس تشكيل الجمعيات السياسية، خاصة من حيث ارتباط عمل بعضها السياسي بمرجعية دينية تنتمي الى مرجعيات خارجية لأطراف ذات أطماع في البحرين، و(الوفاق) وأتباعها ومشتقاتها غير المرخصة مثالا لذلك، فإن لم تعد هذه الجمعيات أسس تكوينها وتوقف خلطها بين عملها السياسي وولائها المرجعي فلا مناص من حلها قانونيا، ولتتشكل غيرها على أساس سياسي غير مرتبط بمرجعية مستبدة.
الأمر الآخر هو الفصل القانوني في فرز أداء أي جمعية سياسية إن كان أداء وطنيا خالصا كما كل الجمعيات السياسية الوطنية في العالم، أو انه أداء يستقوي بالخارج اقليميا أو دوليا، وبما يضرب في أسس المصلحتين الوطنية والشعبية في البحرين.
الأمر الثالث: ألا يسمح قانونا بتبني أي جمعية سياسية شرعية العنف أو التخريب أو الارهاب، أو دعمها أو الدفاع عنها وعن وجوهها بأي شكل من الاشكال، فذلك مخالف تماما للأداء السياسي والاداء الاصلاحي السلمي في اطاره الصحيح وليس الكاذب او المراوغ او المموه، مثلما هو مخالف للاداء الوطني بأشكاله كافة.
الأمر الرابع: منع قيام أي جمعية سياسية أو تدعي ذلك بتسييس القطاعات الاهلية والمدنية والنقابات والمؤسسات العامة كالتعليم والصحة والمرافق الاقتصادية وغيرها، مما أظهرته وأفرزته أحداث العام الماضي وأدى الى كل التبعات اللاحقة.
الأمر الخامس: ألا يسمح تحت أي ظرف تحول (المنبر الديني) خاصة حين يكون (منبرا مرجعيا) لطائفة بأكملها أو هكذا هو الادعاء في التمثيل وهكذا هي المحاولة، في ان يتدخل هذا المنبر في التحريض والتحشيد والتجييش السياسي والطائفي، أو التحكم في جمعيات تدعي انها سياسية، فيما هي تجمع بين الفعل السياسي والولاء للمرجعية، أو لوكيل الولي الفقيه، الذي يؤجج الوضع في البحرين عبر تلك (الوكالة الطائفية)، وبالتالي فأي خطاب يصب في ذلك يجب ان يواجه بالقانون.
* وفي هذه النقاط ولن نضيف إليها أكثر، على الدولة حسم أمورها، وتطبيق القانون حيالها، وهو القانون المستمد أصلا من القوانين الدولية أو المتعارف عليها في كل دول العالم فلا ديمقراطية من دون حماية قانونية للوطن، ومن يشذ من الجمعيات عن ذلك، فيجب التعامل معها باعتبارها جمعيات خارجة عن القانون وعن المصالح العليا للوطن، فلا يمكن الاستمرار في ازدواجية الدولة في التعامل معها باعتبارها (سياسية وسلمية واصلاحية) وهي غير ذلك، ولهذا من المفترض ايقاف ازدواجية الجمعيات نفسها في هويتها وولائها بحسم قانوني من الدولة، حتى لا تضيع البحرين من أيدينا، وتصبح الاجراءات القانونية لا مجال لتطبيقها مع تكريس الخطأ كأمر واقع، خاصة ان التساهل ينتج كل يوم المزيد من التعقيدات، حتى وصلنا الى مرحلة الارهاب الموجه والممنهج والممول اقليميا ودوليا.
* أما بما يخص الجهات الاقليمية والدولية فلا مناص اليوم من التعامل الصريح والواضح أيضا، ومن خلال رؤية استراتيجية واضحة مللنا المطالبة بها، وحيث هذه الرؤية تتطلب من جهة خطابا صريحا وبعيدا عن أي مجاملات، أو وقوع في فخ الوهم والخوف من ردود الافعال، فما تفعله تلك الجهات لم يعد يحتمل المهادنة، لأنها دخلت في صلب الشئون الداخلية بدعم فئات تخريبية وارهابية من جهة، وبمحاولة اختراق فئات أخرى في الطائفة السنية، أي ان اللعب أصبح على كل مكونات الشعب البحريني، مما سيزيد الوضع تعقيدا ان لم يتم التصدي والحسم ووضوح التعامل.
وفي هذا آن أوان ان تضع الدولة البحرينية وفي اطار الاتحاد الخليجي المرتقب، خاصة أن الأمور ذاتها تهدد بقية دول الخليج العربي، أن يضعوا معا وينفذوا سريعا (خطة اعلامية متكاملة) للتصدي وعدم الاستخفاف بما يتم ترويجه اعلاميا، وان كان كاذبا أو مفبركا، سواء من الجهات الاقليمية الطائفية التابعة للجمهورية الأم (ايران) أو بعض الجهات الدولية التي لها مصلحة ومشروع في اشاعة الفوضى في البحرين والخليج واسقاط أنظمة الحكم الشرعية في دولها.
* بالمقابل فإن (الخطاب السياسي) والمعاملة بالمثل حسب المصالح، والاستناد الى المواثيق والمبادئ الدولية وقوانينها في الامم المتحدة، هي من المفترض ان تكون لغة هذا الخطاب السياسي الموحد خليجيا وليس بحرينيا فقط، ولا يهمنا من يشذ عنه من احدى دول الخليج العربي أو غيرها.
من جهة أخرى لابد من الحسم في التعامل القانوني بما يخص العلاقات الدبلوماسية مع الدول، وحسم مسألة السفراء أو العاملين في السفارات من مزدوجي الجنسية أو غيرهم ممن يعملون سياسيا وميدانيا على دعم الفوضى والارهاب في البحرين، ويقيمون علاقات مشبوهة مع احدى بعض الجمعيات (المزدوجة الهوية) وألا يتم التساهل مع ذلك، أو تجاهله، فالخطر وصل الى العظم، والنخر فيه ليس له من نتيجة الا التهاوي والسقوط، والمهادنة في كل ذلك لن تؤدي الا الى المزيد من التعقيدات في الشأن البحريني، والمزيد من المخاطر، وانشقاق الصف الوطني لدى الشرفاء، ومن يدعي انه يريد الاصلاح فالاصلاح سائر في مساره الطبيعي، وحسب التوافق الوطني، ومن يشذ عنهما فهو لا يفكر في المصلحة الوطنية وانما في نفسه، وهؤلاء ليسوا طلاب اصلاح وانما طلاب (سلطة مطلقة) حتى لو كان ثمنها ضياع الوطن، وحتى لو كانت وسيلتها التخريب والارهاب والعنف، وفي هذا لا ينفع الا الحسم وبالقانون بدءا من الجهات الداخلية المتلاعبة، أو من يدعمها من الخارج.