الجريدة اليومية الأولى في البحرين


شرق و غرب


العالم وأكاذيب بشار الأسد

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٢



لقد أعطى مجلس الأمن الدولي ؟ أهم أجهزة منظمة الأمم المتحدة ؟ الرئيس السوري بشار الأسد فرصة أخرى من أجل إنهاء القتل وسفك دماء شعبه وتجنب غرق بلاده في فوضى كاملة من خلال خطة تنص على وقف إطلاق النار وسحب القوات العسكرية من المدن التي تشهد حركة احتجاجية لا تهدأ تمهيدا للدخول في المرحلة الانتقالية السياسية. من المؤسف أن بشار الأسد قد نكث بوعوده ونقضها مرة أخرى، وهو أمر لم يفاجئ أي أحد.
لقد أفاد النشطاء السوريون أن القوات النظامية السورية أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع مجددا على آلاف المتظاهرين، كما أن السلطات السورية تحاول بشتى السبل إجهاض الهدنة عبر الحد من عدد المراقبين الدوليين وتقييد حركتهم على الميدان.
لقد كانت بداية عمل المراقبين سيئة حيث إنهم أثاروا سخط المعارضة السورية بعد أن أعلنوا أنهم لن ينتشروا في الميدان يوم الجمعة وهو اليوم الذي يشهد تنظيم مظاهرات حاشدة تطالب بالحرية والديمقراطية وإسقاط النظام الدكتاتوري الحاكم في دمشق.
من ناحيته اعتبر الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أن الحكومة السورية فشلت في توفير المساعدات الإنسانية اللازمة من أغذية وأدوية لأكثر من 230 ألفا من المشردين السوريين، كما أنها رفضت السماح بدخول الوكالات والمنظمات الأجنبية إلى الأراضي السورية لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة.
إن وحشية بشار الأسد وعمى بصره وبصيرته من الأمور المتوقعة بعد ما ألفه العالم الآن. إن ما لا يفهمه العالم ويصعب عليه أن يتصوره هو استمرار روسيا والصين في حمايته، فقد أجهضتا معا أي تحرك يفرض من خلاله مجلس الأمن الدولي العقوبات على النظام السوري، بل إن المسئولين الروس يحملون مسئولية الاستمرار في سفك الدماء على المعارضة السورية المسالمة التي تعاني انقسامات وشروخا في صلبها بدل أن يحملوا المسئولية للجيش النظامي السوري الذي لا يتوانى في قصف الأحياء المأهولة بالسكان المدنيين بالدبابات والراجمات والصواريخ والطائرات وكل أنواع الأسلحة الثقيلة الأخرى.
هاكم السبب
إن روسيا تبيع الأسلحة لسوريا بمليارات الدولارات، كما أنها تستخدم ميناء طرطوس المطل على حوض البحر الأبيض المتوسط. وعقب الأحداث التي شهدتها ليبيا والتي آلت إلى انهيار نظام طرابلس ومقتل العقيد معمر القذافي يبدو أن روسيا والصين مصممتان على الحيلولة دون حصول الغرب على «انتصار» جديد، الأمر الذي يفسر استمرارهما في التشبث ببشار الأسد وحماية نظامه حتى لا ينهار.
في الحقيقة فإن روسيا والصين تمعنان في تشويه سمعتهما الدولية من أجل تحقيق مكاسب في هذه اللعبة الجغرا- سياسية والاستراتيجية الدولية. إن روسيا والصين إنما تسيئان بهذه الطريقة إلى علاقاتهما مع بقية دول المنطقة. عندما يسقط بشار الأسد ؟ وهو سيسقط لا محالة ؟ فإن الشعب السوري لن يغفر لهما ذلك وهو سيحملهما المسئولية عن التواطؤ مع نظام دمشق من أجل قتل المتظاهرين السوريين المنادين بالحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
إن الدعم الذي تقدمه روسيا والصين إنما يعطي بشار الأسد مزيدا من الوقت للقتل غير أنه لا يعطيه كل الوقت لأن مصيره محتوم، فقد تجاوز عدد القتلى حتى الآن تسعة آلاف شخص، الأمر الذي يجعل من الحرب أمرا ممكنا.
تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضا من الأطراف الرئيسية التي تقدم الدعم لنظام بشار الأسد حتى لا ينهار. لا غرابة في ذلك إذ ظلت سلطات طهران الثيوقراطية تنتهك كل القيم والمعايير الدولية.
قبل ثمانية أشهر من الآن، خطب الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقول: «لقد حان الآن الوقت كي يتنحى الرئيس السوري، حيث لايزال المجتمع الدولي مرتبكا يتلمس طريقه من أجل تحقيق هذه النتيجة وهي إزاحة بشار الأسد وإطلاق المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا».
لا توجد أي حلول سهلة في عالم السياسة فهي فن الممكن. يجب التركيز في روسيا والصين ودفع سلطتي موسكو وبكين حتى تقلصا من خسائرهما المستقبلية، فهما ستكونان أكبر خاسر من سقوط بشار الأسد المحتوم.
إن أفضل طريقة هي فرض منظمة الأمم المتحدة حظرا صارما على بيع الأسلحة لنظام دمشق مع تشديد العقوبات الاقتصادية عليه بشرط ألا تستخدم روسا والصين حق النقض الفيتو من أجل شل عمل مجلس الأمن الدولي مرة أخرى. لقد أبدت سلطات موسكو مرة أخرى معارضتها لاقتراح أوروبي ينص على فرض الحد الأدنى من العقوبات مثل حظر السفر وتجميد الأرصدة.
إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبعض الدول والأطراف الأخرى أثرت كثيرا في نظام دمشق. ينتظر أن يستهدف الاتحاد الأوروبي بذلك عائلة الأسد والأطراف الأخرى التي تدور في فلكه عبر منع بيع المواد والمنتجات الفاخرة لسوريا.
أما تركيا التي تؤوي آلاف اللاجئين السوريين على أراضيها فاقترحت إقامة ممرات إنسانية داخل سوريا، حيث يمكن للمدنيين الفارين من بطش نظام دمشق الحصول على ملاذ آمن، غير أن هذا الأمر مشكوك فيه ويصعب تحقيقه على أرض الواقع، حيث إنه ستطلب طلعات جوية وربما قوات عسكرية برية لحماية هذا الممر الإنساني، الأمر الذي يتسبب في إشعال فتيل حرب إقليمية واسعة.