عالم يتغير
الوفاق ومحاولة «توطين الإرهاب» في البحرين
تاريخ النشر : الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٢
فوزية رشيد
} لا يهمنا بعض الخطابات المراوغة التي تطلقها «الوفاق» بين فترة وأخرى، لذر الرماد في العيون حول الإصلاح والسلمية والمطالب والحقوق الخ... فهي من نوع الخطابات التي تم التدرب عليها جيدا، في مراكز التدريب الغربية أو الأمريكية، وهي من ذات صنف الخطابات الكاذبة التي تطلقها الادارة الامريكية في العالم، وتمارس نقيضها على أرض الواقع في علاقتها مع الدول والشعوب، وخلاصتها اطلاق شعارات رنانة وبهرجة كلمات والتشدق بالديمقراطية والحقوق والإصلاح فيما الممارسة انتهاك كل ذلك مما يجعلها (خطابات تضليلية) فحسب، وهكذا تماما تفعل «الوفاق».
الذي يهمنا إذًا ما يحدث على أرض الواقع، وما تتسبب به هذه الجمعية وأتباعها ومشتقاتها من عوامل تأزيم دائمة، تضرب في صميم استقرار هذا البلد، وفي أمنه ووحدته الوطنية، وسلمه الأهلي.
} «علي سلمان» ومرجعيته «عيسى قاسم» لم يألوا جهدا للتسبب في كل ما يثير الفتنة والطائفية في البحرين، التي هي من دونهما ومن دون اتباعهما ومن دون خبث تبادلية الأدوار وتوزيعها مع الجهات الإرهابية التي تقودها الجمعيات غير المرخصة العاملة في الخارج، من دون كل ذلك، كانت البحرين ستكون بلدا ناهضا صاعدا وإصلاحيا من دون عقبات، وبلدا آمنا ومستقرا كما كان طوال تاريخه. هؤلاء جميعا ومعا، هم «البقعة السوداء» في بياض هذا الوطن، رغم تشدقهم المستميت بالشعارات الزائفة التي تقف خلفها أجندات دول ومراكز ومنظمات.
ظلموا وطنهم، وظلموا طائفتهم، وظلموا شعبهم الذي هو حصيلة كل المكونات والأطياف، ثم رفعوا لواء المظلومية التي هم أساتذة التسبب فيها وجر أتباعهم نحوها.
} هؤلاء خريجو مدرستين عنصريتين لا أخلاقيتين في العالم:
الأولى: المدرسة الاستعمارية الغربية بآلياتها الحديثة (التكنولوجيا، وأدوات التواصل الاجتماعي الحديثة، والشعارات الزائفة لنشر الديمقراطية والاصلاح، ومراكز التدريب على الانقلاب).
الثانية: هي المدرسة الاستعمارية الصفوية المدموجة بدهاء أخطر أنواع الاستبدادين الديني والسياسي، تحت راية الولي الفقيه، المعصوم، ونائب صاحب الزمان وممثله حسب الادعاء، وبالتالي فهي مدرسة أخطر من الأولى، لأنها تدعي تمثيل كلمة «الله» وارادته على الأرض، في شخص بشري زائل، يحكم باسم الله جل جلاله، ويستبد باسمه، وينشر الفتنة بين المسلمين وفقا لمعتقد فاسد وعنصري مشوب بالكراهية التامة للعنصر العربي، ورغم ذلك يتطلع لحكم المسلمين كافة بمن فيهم العرب.
} بلا أدنى شك فإن البحرين اليوم وهي تواجه اتباع وتلامذة هاتين المدرستين الاستعماريتين، فإنها قد دخلت، رغما عنها، سباقا محتدما تتهاوى أمامه كل السباقات، وخاصة بعد (الحراك الانقلابي العنفي) الجديد في السنة الماضية، لأنه سباق يتعلق بمصير وطن وشعب وخليج، ومصير هوية وانتماء وولاء وطني، وهو السباق الدائر بين الارادة الوطنية وبين ارهاب خفافيش الظلام والمندسين في حراك السياسة تحت لافتة المعارضة كذبا وبهتانا، رغم انهم ممثلو الحراك الانقلابي الإرهابي المعتمد على دعمين اقليمي وأمريكي وغيرهما، ومخططات مسبقة الصنع، وتدريب نظري في الكذب وقلب الحقائق والتشويه واللاأخلاقية، وتدريب آخر ميداني ميليشياوي، ينشر اليوم العنف والتخريب والإرهاب في البحرين مما ينفي عنهم تماما صفة المعارضة الوطنية.
} وما بين الارادة الوطنية وارادة الخيانة للوطن تقف البحرين حتى اللحظة متصالبة، في وجه كل الشر الداخلي والاقليمي والدولي، وتخرج من معركة بعد أخرى منتصرة رغم أفواه الحيتان المفتوحة لسحقها وابتلاعها.
لم يتراجع الخطر وانما ازداد، والمعركة الكبرى هي سياسية وإعلامية بالدرجة الأولى، ولا مناص فيها من التسلح بأدواتهما جيدا، ودحر الأكاذيب، و«اضعاف» الأدوات الداخلية المدعومة خارجيا، التي هي في جوهرها «عدوة» للإصلاح وللديمقراطية وقادتها أصدقاء للعنف والإرهاب.
هؤلاء في حقيقتهم لا يمثلون الطائفة الشيعية التي عليها نبذهم، ولا يمثلون معارضة سياسية وطنية، ولا صلة لهم بالهوية والانتماء العربيين. هؤلاء يمثلون أنفسهم والأجندة الخارجية ويجرّون خلفهم قطيعا مورس على عقول أصحابه أدهى أنواع غسل الدماغ الدينية والسياسية، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس باعتبارهم أعداء الوطن والخليج العربي.
} عبر الدعم والتمويل والتدريب مارسوا أخبث الحروب النفسية على البحرين وعلى القيادة السياسية وعلى الدولة وعلى الشعب، ليوهموا العالم بأنهم معارضة اصلاحية وسلمية، وخلال العقد الأخير حققوا في ذلك الكثير من الغايات والأهداف، وهم يرضعون بشكل خاص من ثدي الدولة الصفوية المصابة بجنون العظمة فنقلت عدواها اليهم. هؤلاء المجرمون ـ وليس في هذا الوصف أي مبالغة ـ اختطفوا تمثيل كل شيء عبر الخداع والكذب المستمرين، حتى انطلت حقيقتهم وخاصة حقيقة «الوفاق» على الدولة التي بدت مصدقة لأكاذيبهم وخدعهم وألاعيبهم، فتعاملت معهم باعتبارهم معارضة وطنية وفي هذا كان الفخ الأكبر.
} اختطفوا الشعارات وهم لا يطبقون شيئا منها في علاقتهم مع أنفسهم أو مع الدولة أو مع بقية المكونات.
اختطفوا تمثيل الطائفة الشيعية كذبا وخداعا، وتمثيل الشعب البحريني بذات الوسيلة، واختطفوا مفهوم الديمقراطية وانهم وحدهم الديمقراطيون والباقون نظاما وشعبا ديكتاتوريون، رغم انهم (ولائيون) وطائفيون، لا صلة حقيقية لهم بالديمقراطية الا إذا كان استبداد الولي الفقيه، الذي هو سيدهم وهم خدمه، بحسب الدرجات الولائية وباعتباره مرجعيتهم الدينية والسياسية، الا إذا كان هذا هو ممثل الديمقراطية الجديدة في العالم التي تباركها اليوم بقوة الولايات المتحدة.
} اختطفوا المؤسسات والمرافق الحكومية والخاصة وملأوهما بعملائهم، وعملوا على افقار الدولة ونشر الفساد حسب مخطط (الوفاق)، رغم ادعاء محاربتهما، حتى يتم استخدامهما كورقة سياسية للمتاجرة، وبذلك فهم من عرقل الإصلاح ووضع العثرات في طريقه، ثم شنوا حملة كبرى للدلالة على انه لا يوجد في البحرين إصلاح أو منجزات أو حريات، ومع انقلاب 14 فبراير، قتلوا وأجرموا وانتهكوا الحقوق وحرقوا وأرهبوا ثم طنطنوا بالحقوق الإنسانية والعدالة.
استغلوا الأطفال والنساء ثم تباكوا عليهما.
رهنوا الوطن للإرادة الخارجية الطامعة ثم شوهوا أصحاب الإرادة الوطنية الحقيقية، ونعتوهم بأسوأ النعوت.
تآمروا مع السفارات، وسافروا للتدرب على الكذب والانقلاب والإرهاب ثم تحدثوا عن أن أمريكا تقف ضدهم.
أخرجوا كل بذاءات القواميس في العالم لوصف النظام والدولة، فلم يبقوا على وصف بذيء أو تشويهي لم ينعتوهما به.
} اليوم يقول «علي سلمان» استمرارا في ذات النهج التدميري: (إما الإصلاح وإما أن العنف سيزداد)، هو إذًا يمارس إرهابا سياسيا فاضحا.
هؤلاء يمثلون ارادة الشيطان وكل تعاليمه بدعم استعماري من أمريكا وايران وغيرهما، ويعملون على توطين الإرهاب في البحرين. والحل لكي تنتصر الإرادة الوطنية في مواجهة الارادة الشيطانية، هو انه لا مناص من اضعاف أدواته الداخلية، ودحر جنود الشيطان وهزيمتهم، فهؤلاء لا يمكن ان يلتقوا الارادة الوطنية بأي شكل، لا في حوار ولا في إصلاح ولا في ديمقراطية، فكل ذلك عوامل بناء في الوطن وللوطن، وهؤلاء أجندتهم الهدم ثم الهدم ثم الهدم.
اهزموهم وادحروهم، فنحن اليوم على مشارف المعركة الاخيرة وليعتمد أصحاب الإرادة الوطنية (دولة وشعبا) على القوة الذاتية التي تستمد عنفوانها من الله وحده، وليس من الخارج أو وضع الحساب للخارج، الذي أظهر كل ما لديه من قبح ورغم ذلك انهزم أمام ارادة الشرفاء، الذين وحدهم حماة هذا الوطن.