الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


اللهم يا رحيم يا رحمن

تاريخ النشر : الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٢



يقال إن القائد هو من يقود الآخرين، وإن القائد مطلوب حتى في مسيرة السيارتين، فإن لم يتم تحديد السيارة التي ستقود المسيرة فإن مصير المسيرة الفشل، ان لم يكن مصيرها حادث وفي كل الحالات فإن اختيار القائد ليس تشريفا له بل تكليف، فعند اختياره يناط به مسؤولية القيادة بما فيها من إدارة من هم تحت إمرته والتأكد من ان الكل يدين بالولاء - ليس للقائد فحسب - بل إلى النظام الذي يمثله القائد ككل.
والقائد هو من يعلم انه كلما بلغت من العلو والسمو فإنك بهذا تسعى إلى من هم أدنى منك بحنية ورقة أكثر وأكبر، وهذا ما يفصل بين القائد الحق والرئيس المنصب، فالقائد هو من يتبعه الآخرون مهما كانت الظروف، وسبب ذلك ان من يتبع القائد تكون له ثقة عمياء في قدراته وفي ولائه.
ولو فكرنا في هذا الموضوع لوجدنا ان حبنا للآخرين ليس لشخصهم فقط، فنحن لا نحب فلان لأنه ابن فلان أو أخوه، ولكن الحب ومن ثم الرضوخ الى إمرته تأتي من فكرة الشعور الذي يولده هذا فيك، فالأب لا يحب ابنه لكونه ابنه ولكنه يحبه لأنه جعل منه أبا، والقائد الفذ لا تحبه لأنه القائد المنصب ولكن لما يضفيه عليك من شعور بالأمان والطمأنينة ومن ثم تأتي الثقة بما يختاره القائد من اتجاه وما يرسمه لأتباعه من خطط.
وعلى ضوء ذلك نرى أننا نتبع القائد ولو إلى ساحة القتال التي قد لا ينجو منها احد، وكلنا شعور بالحب والولاء لكوننا تحت إمرته بل وقد نتوق إلى الموت ونحن تحت قيادته.
وبالطبع هذا لا يعني أننا لا تتم قيادتنا من قبل الآخرين ممن لا صلة لهم بفنون القيادة أو أصولها، وعليه قد لا تكون لنا رغبة في ان نقتاد من قبلهم أو أدنى حب لهم، وعليه فلا يتعلق جزء من ذلك بقدرتهم على القيادة من عدمها، إنما هي مسألة وجودهم في منصب ما فقط وليس حبا فيهم.
ومناسبة الكلام أنني تشرفت أمس بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه وسدد في الخير خطاه، وذلك في افتتاح المعرض السنوي للبناء ومعرض الخليج الدولي للديكور والتصميم والأثاث حيث تشرفت بالسلام على سموه الكريم، والحديث هنا ليس عن لقائي بسمو الأمير بل بما حصل بعد ذلك، حيث واصل سموه بعد أن تكرم بقص شريط الافتتاح بزيارة مختلف أجنحة المعرض وتبعه في ذلك من منظمي المعرض والمدعوين وأفراد الأمن والبروتوكول عدد كبير مما حدا بي أن أمشي خلفهم عن بُعد وقد أدى ذلك إلى أن التقي بعدد كبير من العارضين الذين كان سموه قد ترك أجنحتهم للتو إلى أن وصلت إلى عارض كانت الأرض لا تتسع لحمله حيث سألني «هل تشرفت بالسلام على سمو الأمير؟» فأجبته بالإيجاب واستفسرت منه ان كان هو قد تشرف بذلك فقال «لقد شاركت في المعرض كمشارك ولم أظن أنني سأحظى بلقاء سمو الأمير حيث إن جناحي في أطراف صالة العرض ومشاركتي كانت في نظري تكملة عدد ولكن سموه زار جناحي وسأل عن معروضاتنا وتمعن فيها بل وسأل أسئلة فنية لم أكن أظن قط أن سموه سيتطرق إليها».
وواصل قائلا: «إنني أحسست بأهميتي كعارض ومشارك من خلال أسئلة سموه ولا يسعني هنا إلا أن أقول ان هذه مميزات وصفات القائد الحق الذي يرغمك بتصرفاته واهتمامه بك أن تنقاد له، بل وان تنصاع لأوامره علما منك أنه يعرف المسار الصحيح وانه رسم الخطة ليسلكها الجميع إلى بر الأمان. وعلى ضوء ذلك فقد تركت جناحي في أيدي موظفيّ وذلك رغبة مني في المشي خلف هذا القائد الفذ وإتباع خطواته».
وشخصيا لا يسعني هنا إلا أن أقول جزى الله خيرا من طبع وعلق أدعية في أرجاء الرفاع تقول «اللهم يا رحيم يا رحمن احفظ لنا خليفة بن سلمان» فهو في نظر أبنائه وشعبه رمز الطمأنينة والأمان.
* محامي ومستشار قانوني