مقالات
شبابيك
جلالة الملك والاتجاه نحو الشرق الآسيوي.. الأبعاد والدلالات (2-2)
تاريخ النشر : الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٢
انتهينا في المقال السابق من تناول الأبعاد الاستراتيجية والتكنولوجية والثقافية لزيارة جلالة الملك لليابان وتايلند، واليوم نستكمل أبعاد هذا الانفتاح البحريني والاتجاه نحو الشرق الآسيوي وفرص الاستفادة الممكنة من تلك البلدان.
4- البعد السياسي، حيث تشترك مملكة البحرين مع تلك الدول الآسيوية فيما يمكن تسميته بالنظرة المثالية للعلاقات الدولية، أي إتباع سياسة خارجية معتدلة ملتزمة بمبادئ العلاقات الدولية السلمية وتحرص على احترام القواعد والقوانين الدولية، وتؤمن بأن مجال العلاقات الدولية يتسع لمزيد من التقارب والتعاون وقادر على امتصاص الخلافات والمشكلات شريطة الاحترام المتبادل والعمل بنوايا حسنة.
ولعل ما يؤكد هذا التقارب والتشابه في السياسات الخارجية وتحديدا بين مملكة البحرين واليابان ما يلي:
- اشادة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» بالدور المحوري المهم الذي تقوم به اليابان على الصعيدين الإقليمي والدولي ومساهماتها الايجابية ودورها البارز في تعزيز وإرساء دعائم الأمن والسلم والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وكل ربوع العالم.
- إشادة إمبراطور اليابان «اكيهيتو» على ما تشهده مملكة البحرين من حرية وما حققته من خطوات متسارعة ونجاحات متميزة في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية بفضل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي عزز من مكانة مملكة البحرين على الساحة الإقليمية والعالمية.
- التوقيع على مذكرات تفاهم ثنائية بين مملكة البحرين واليابان، وقد تضمنت مذكرة التفاهم الأولى حول المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية في مملكة البحرين ووزارة خارجية اليابان، والمذكرة الثانية حول التبادلات الدفاعية بين وزارة الدفاع في مملكة البحرين ووزارة الدفاع في اليابان.
5- البعد الاقتصادي، حيث تتعاظم فرص الاستفادة من هذا التوجه البحريني نحو دول الشرق الآسيوي وخاصة اليابان التي تمتلك جوانب عديدة ومرتكزات كثيرة للنهوض بالاقتصاد وتقويته، ومن هنا كان تطلع جلالة الملك إلى مزيد من التعاون الثنائي مع اليابان في كل المجالات وبخاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والاستفادة من الخبرات اليابانية المتقدمة وتبادل الزيارات بين المسئولين في كلا البلدين لتوثيق هذه العلاقات والوصول بها إلى أرقى المستويات.
لقد استطاعت اليابان في فترة وجيزة أن تكون قوة اقتصادية كبرى على الصعيد العالمي رغم محدودية مواردها، وذلك بفضل عوامل عدة أهمها:
- الاستثمار في العنصر البشري، وهو أفضل أنواع الاستثمار على الإطلاق ومن دونه فإن مصير أي استثمار هو الفشل طالما لم يتزامن مع تأهيل العنصر البشري والاستثمار فيه.
- الثقافة الإيجابية العاشقة للعمل والإنتاج والتي تعلي أداء الواجبات والنهوض بالالتزامات والمسؤوليات على المطالبة بالحقوق.
- رعاية ودعم وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث يرى المختصون والخبراء ان سر قوة اليابان هو في دعمها لهذه النوعية من المشاريع، حيث وفرت منظومة متكاملة من التشريعات والآليات والخطط والبرامج التي أسهمت كثيرًا في قوة الاقتصاد الياباني.
وقد نال الجانب الاقتصادي اهتمامًا ملحوظًا في زيارة جلالة الملك لليابان أثمر عن توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة، كما تم توقيع اتفاقية تعاون أخرى بين قوة دفاع البحرين وشركة صناعات الأدوية (اس.بي.اي) اليابانية، كما تم بحث موضوع تحديث وتوسعة مصفاة البحرين للنفط ومضاعفة طاقتها الاستيعابية من النفط بكلفة تقدر بمليار ونصف المليار دولار.
ورغم أن اليابان تعد حاليا من بين أكبر الشركاء التجاريين للمملكة، وتحوز وحدها على 8% من تجارة البحرين مع العالم، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 1,347 مليار دولار أمريكي عام 2008، إلا أن العلاقات الاقتصادية البحرينية- اليابانية قابلة للتطور ومرشحة للزيادة، وخاصة أن لدى اليابان إمكانات تصدير صناعي وتجاري كبير ومتنوع، فيما تملك البحرين بموقعها الجغرافي ومركزها المصرفي والمالي العالمي القدرة على تمويل مشاريع كثيرة، ويمكنها أن تكون مركز استثمارات وصادرات يابانية في الخليج والشرق الأوسط.
خلاصة القول، إن توجه جلالة الملك وانفتاحه على الشرق الآسيوي يحمل رؤية ثاقبة بعيدة النظر تحمل معها خيرات كثيرة ومنافع عديدة تصب في صالح مستقبل المملكة وضمان استمرار مسيرة التطوير في جميع الأصعدة والميادين.