بريد القراء
هل القرضاوي أعلم أهل الأرض؟
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ أبريل ٢٠١٢
قرأت رسالة السيد عبدالرحمن يوسف القرضاوي الموجهة إلى شعب البحرين، وجزى الله خير الجزاء الأخت سميرة رجب في ردها المتميز عليه، ولكن لي ملاحظة على ما ورد في رسالة الكاتب، فقد مدح نفسه وعائلته بمديح (الأسرة العالمة)، ثم تجاوز الحد فظلم والده باطلاق صفة (أعلم أهل الأرض) و(إمام أهل السنة)، وإن كنا لا نختلف في أن الدكتور يوسف القرضاوي ليس فقط داعية، بل هو إمام كبير المقام من أئمة أهل السنة، لكننا لا يجوز أن نطلق عليه هذين اللفظين، فلم يعينه أحد إماما لأهل السنة أجمعين، بل إن هناك مجاميع كثيرة وتوجهات عديدة من أئمة أهل السنة والجماعة يخالفونه في بعض ارائه، واختلاف العلماء رحمة.
إذًا ليس من حق القرضاوي الابن أن يطلق هذا اللقب على والده، كما أن العلم بحر كبير وغزير، مهما غصت فيه فلا تستطيع أن تصل إلى قاعه أبدا، بل كلما غصت وتعمقت أكثر فيه اكتشفت جهلك وحاجتك إلى التعلم أكثر، فلا يصح إطلاق لقب (أعلم أهل الأرض) على الشيخ العلامة القرضاوي، فقد يكون القرضاوي عالما في أشياء ويجهل أشياء أخرى، ولا يستحق لقب (أعلم أهل الأرض) أي بشر على وجه هذه الأرض، ولنا في قصة موسى عليه السلام، التي لا أظن أن القرضاوي الابن يجهلها، بوصفه من أسرة مثقفة دينيا، كما وصف نفسه، فقد سأل موسى رب العالمين قائلا: أي رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى، قال: أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني؟ قال نعم، قال: فمن هو؟ قال الخضر، ثم بقية القصة نجدها في سورة الكهف، حيث اكتشف موسى عليه السلام إنه جاهل بأشياء يعلمها الخضر، والخضر يجهل أشياء يعلمها موسى عليه السلام، وهكذا وزع الله العلم على البشر (فلم يسكب العلم كله في جيب أحد من البشر) فالعالم يظل يطلب العلم ولا يتوقف في نقطة، ويقول لقد أصبحت عالما ولا حاجة لي للمزيد من العلم، ولا يتكبر في طلب العلم ولو من هو أدنى منه منزلة، ولا يقول أنا أعلم أهل الأرض، بل إننا نجد ان هناك علماء دين وصلوا إلى مرتبة عالية في الاجتهاد ومازالوا يطلقون لقب طالب علم على أنفسهم تواضعا، ومطلوب من الشيخ القرضاوي أن يبين للناس أن ما قاله ابنه لا يجوز في الاسلام، فهذان اللقبان لا يملكهما، وهو أول من يرفض هذا الكلام الذي كتبه الابن، وقد أخطأ الابن بإطلاقهما على الأب، وهذا يبين أن الطريق مازال امام الابن طويلا لكي يصل إلى مرتبة المثقفين والعالمين، فالثقافة متشعبة، والانسان يظل طول عمره يطلبها وينهل منها، ولا يتكبر على غيره، فيظن نفسه هو المصيب، وغيره مخطئ.
وأكرر دعوة الأخت سميرة رجب لكاتب المقال إلى زيارة البحرين، والاطلاع عن قرب على أوضاعها، والتعرف على آراء شعبها من الطائفتين وأكرر كلام الأخت سميرة رجب أن هذه الألفاظ لم نتعودها في زماننا الجميل الماضي، ولكن ما باليد حيلة، فلا يكتفى برؤية الفيديوهات التي تنشر، فهي مليئة بالفبركة والكذب، وكما قالت الأخت سميرة رجب (أهل مكة أدرى بشعابها)، فلا تتحدث باسمنا، وأنت تجهل حالنا.
أم فهد