رسائل
الخطايا العشر لجماعة «الإخوان» في مصر منذ ثورة 25 يناير
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ أبريل ٢٠١٢
رصد محللون سياسيون في مصر أن جماعة الإخوان المسلمين امتلكت من الدهاء ما مكنها أن تحصد أكبر المكاسب في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، وسارت بخطى سريعة نحو سدة الحكم بعد أن طوعت الأكثرية التصويتية بشتى الطرق الممكنة، حتى سيطر نواب حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، لكن بمرور الأيام بدأت تتكشف أخطاء بالجملة وصلت إلى حد الخطايا التي أفقدت الجماعة الكثير من الثقة الشعبية، لعل آخرها قرار الدفع بنائب المرشد المهندس خيرت الشاطر مرشحًا لمنصب رئيس الجمهورية، بالرغم من أن قيادات الإخوان يتقدمهم المرشد محمد بديع أكدوا مرارًا وتكرارًا استحالة تقديم مرشح إخواني مما جعل سهام الاتهام بالكذب والتدليس تصوب نحوهم على خلفية المواقف المتناقضة للجماعة أثناء المرحلة الانتقالية.
وعن الأخطاء الفادحة لجماعة الإخوان يقول أحمد بهاءالدين شعبان وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري إن أكبر أخطاء الإخوان والمرشد والتيار الإسلامي بشكل عام هو دفعهم المجتمع إلى تخوم الاستقطاب السياسي والديني واستخدام سلاح الدين في الدعاية السياسية بما يهدد الوحدة الوطنية للمجتمع، وقد أحدث شرخًا في العلاقات بين مسلمي وأقباط مصر، ولوث مناخ التحويل الديمقراطي الذي كان مبشرًا بعد الوحدة البديعة في ميدان التحرير، بالاقتتال العقائدي والطائفي والفكري والثقافي بدلاً من شكل الوحدة والتجمع الذي كان سائدًا أيام الثورة، وهذا الوضع أدى في النهاية إلى بناء تجربة سياسية مشوهة، ولاسيما بعد انتخابات مجلس الشعب التي تحولت إلى ساحة حرب دينية كبيرة ليس فقط ضد المخالفين في الدين أو في الرأي ولكن في داخل التيار الإسلامي نفسه، وهذا الوضع أساء إلى التجربة الديمقراطية ومجلس الشعب الجديد غير المتوازن الذي يغلب عليه استقطاب حاد لصالح التيارات الإسلامية، وهو ما ستعكس بصماته على المستقبل.
وعلى حد قول بهاءالدين فإن الخطأ الثالث الاستراتيجي للمرشد هو موقفه المتناقض من الثورة بتنصله منها في البداية ثم سعيه إلى الفوز بمغانم على حسابها، وتركه للثورة تذبح في ميدان التحرير، واستغلاله فرصة انشغال الشباب في الأحداث السياسية المتلاحقة التي كانت تنال من الثورة، بأن تفرغ الإخوان ومرشدهم لتحقيق السيطرة الانتخابية، والنتيجة أن الشباب وصل إلى لحظة رفع فيها الأحذية في وجه الإخوان المسلمين، وهذا- في رأيي- نتيجة خطأ في تقدير الحسابات والتحالفات أدى في النهاية إلى خسارة الوطن عددا كبيرا جدًا من الشباب.
واعتبر بهاءالدين أن الخطأ الرابع والأكبر هو تحالف المرشد مع المجلس العسكري كان يذبح الثورة ويتغاضى عن محاكمة النظام السابق، الأمر الذي سيؤثر بالسلب على المستقبل السياسي للإخوان المسلمين، واصفًا الإخوان المسلمين الآن بالحزب الوطني الجديد لأنهم ينتهجون الأساليب نفسها ، ولا يتورعون عن تكرار الأخطاءعينها من غطرسة وإقصاء الآخرين، وغاب عنهم ما حاق بالحزب الوطني المنحل من ثورة الشعب عليه.
ويرى د.عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة أن الخطيئة الخامسة للإخوان تتمثل في أنهم ومرشدهم لايزالون أسرى منهج الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة، يتحركون في حمى الحكم القائم، وما يؤكد ذلك أنه في كل المليونيات التي تمت الدعوة إليها كان الإخوان يعلنون المقاطعة، وهي رسالة للمجلس العسكري مفادها نحن معك لكسب رضاك، وهذه هي مقولة الإمام حسن البنا، تحرك تحت ألوية الحاكم طلبًا للأمان، أي لم نعهد عليهم قيادة القضايا الشعبية، وإنما يوجهون بوصلتهم نحو الحصان الرابح، وهو ما حدث يوم الخامس والعشرين من يناير فلم يشارك الإخوان إلا يوم الجمعة بعد تأكدهم أن الثورة اقتربت من القضاء على النظام.
وأضاف إنه بعد استحواذ الإخوان على الأغلبية البرلمانية بدؤوا يتصرفون كأصحاب مصلحة، ويصدرون فتاوى معارضة للعصيان المدني وضد مطالبة المجلس العسكري بالرحيل، مشيرًا إلى أنهم ينتهجون ممارسات النظام السابق نفسها في السلطة، وأنهم ينجحون عن طريق تزوير الإرادة باللعب على وتر التدين والفقر لدغدغة عواطف الناس مثلما كان الحزب الوطني ينجح بالتزوير، كما لا يمكن تجاهل واحد من أعظم الأخطاء وهو ترشيح الشاطر للرئاسة بعد أن أوهموا الشعب بعدم البحث عن الحكم وهذا هو الخطأ الثامن.
أما د.ناجح إبراهيم القيادي السابق في الجماعة الإسلامية فيقول إن الأخطاء التي وقع فيها الإخوان والمرشد والإسلاميون عمومًا ولم يستفيدوا منها تتمثل في الاستقطاب الحاد، وأن الكثير من خطاباتهم كانت تناسب الدعوة وليس الدولة وهو ما يعتبر الخطيئة التاسعة، كما أنه مازال خطاب «الولاء والبراء» هو الأساس لديهم، فلم يفرقوا حتى الآن بين خطاب الجماعة وخطاب الدولة، وهو ما يشبه إدارة طالبان لأفغانستان بمنطق الجماعة مما أدى إلى فشلها وانهيار الدولة الأفغانية وهو ما يعد الخطيئة العاشرة، فضلاً عن أن الاستقطاب الديني يمثل جزءًا كبيرًا من نجاحهم في الانتخابات، والذي كان بسبب الدين وليس السياسة، فالاختيار يتم على أساس «الولاء» وليس على أساس الكفاءات، حتى وصل الأمر بهم أن اعتبروا عضوية البرلمان غاية وليست وسيلة وأن الذي يفوز بكرسي البرلمان كأنما يحجز مقعدًا في الجنة.