أخبار البحرين
الشيخ علي مطر:
نعم كثيرة لا تحصى في الوطن وعلينا الشكر لله
تاريخ النشر : السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة أمس:
} نحمد المولى عز وجل على فضله ونعمه الظاهرة والباطنة، فنعمه سبحانه تعالى علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى وفضله عظيم.
قال الله تعالى: «وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدلاوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ». وقال سبحانه: «وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ...».
} ومن هذه النعم التي يجب أن نحمد الله تعالى ونشكره عليها باللسان، ما نتمتع به في بلادنا من الأمن والاستقرار، والعيش بطمأنينة وسلام، حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية النقد وإبداء الرأي والتعبير وغيرها من الحريات، التعليم المجاني، وهاهي مدارسنا المهيأة النموذجية منتشرة في كل مدينة وقرية وحي، الخدمات الصحية المجانية الموجودة في كل منطقة، أسعار المواد الأساسية عندنا أقل بكثير من دول الجوار وغيرها، فاليتيم له حق ورعاية، وللأرملة والمطلقة مستحقات وعناية، يأتينا رزقنا بفضل الله من كل مكان، بينما دول وشعوب تعيش في ضنك وضيق وفقر وحاجة وشدة وفوضى وفتن وحروب وقتال، وأمم أرهقتهم الضرائب، كدول أوروبا والغرب وغيرها، وبلدان تعاني من غلاء الأسعار، وأخرى تعاني من كبت الحريات وأجواء الدولة البوليسية.
وقد نشرت الصحف مؤخرا أن مئات الآلاف من البريطانيين الأثرياء يفكرون في الهجرة من بريطانيا لارتفاع معدلات الجريمة، وعشرات الآلاف من الفقراء والمشردين بدون وظائف ولا مأوى في الولايات الامريكية.
وأما الحال في بعض الدول الافريقية والآسيوية والعربية وما تعانيه من الفقر والبطالة وتدني الأجور وضعف البنية التحتية فحدث ولا حرج، فملايين منهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وليس عندهم قوت يوم واحد.. ورأينا بعض بيوتهم التي هي أشبه بالخرائب وليس فيها فرش ولا بساط ولا أوان، ولا حبة رز ولا قمح.
فنحن في هذا الوطن حالنا أفضل من ملايين البشر.
} فلننظر دائما إلى من هو أقل منا ودوننا في المال والصحة والمعيشة، لئلا نستصغر نعم الله تعالى علينا.
لقوله: «انْظُرُوا إلى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلاَ تَنْظُرُوا إلى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ».
قال رسول الله: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدلانْيَا».
} فيجب علينا أن نكثر من شكر الله تعالى باللسان والقلب والعمل الصالح والاستقامة وترك المعاصي.
قال الله سبحانه: «بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ».
«فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ».
«وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبلاكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد».
وقد كان نبينا إذا أوى إلى فراشه قال: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولامؤوي له».
وأعداد من لا كافي لهم ولا مأوى بالملايين.
وأخذ رسول الله بيد معاذ بن جبل رضي الله عنه يعلمه أن يطلب من ربه عز وجل أن يعينه على شكره سبحانه. فقال له: «يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبلاكَ وَاللَّهِ إِنّي لأُحِبلاكَ. فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
ويروي عن أمّنا عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما أنها قالت: «ما من عبد يشربُ من الماء القراح، فيدخُلُ بغير أذى، ويخرجُ بغيروعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رجلا سأله فقال: «أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُاللَّهِ: أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِي إِلَيْهَا؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَأَنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ. قَالَ فَإِنَّ لِي خَادِمًا قَالَ فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ».
- مر رجلٌ على شخص مبتلى أعمى مجذوم مقعد به برص، وهو يقول: الحمد لله على نعمه.. الحمد لله على نعمه... فقال له الرجل: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها، فقال له: ارم ببصرك إلى أهل هذه المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها وما يعملون، وكانوا يرتكبون المعاصي ولا يعبدون الله تعالى. فقال: أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.
- قال أحد التابعين لرجل يشكو ضيقَ حاله: أيسُرلاك ببصرك هذا مائةُ ألف درهم، قال الرّجل: لا. قال: فبيديكَ مائةُ ألفٍ، قال: لا. قال: فبرجليكَ مائةُ ألف، قال: لا. فذكَّرهُ نِعَمَ اللّهِ عليه. فقال يونس: أرى عندك مِئِينَ الأُلُوفِ وأنت تشكو الحاجة.
× ومن تمام شُكر النعمة التحدث بها، وإظهارها، لقول الله تعالى: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ». ولقوله: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبلا أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ».
× ولنعلم أننا لن نشكر الله تعالى حق شكره حتى نشكر الناس على معروفهم وإحسانهم إلينا، وعلى رأسهم الآباء والأمهات وغيرهم ممن لهم فضل علينا، فنثيبهم وندعو لهم، ونثني عليهم.
قال الله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُملاهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إليّ الْمَصِيرُ».
وقال سبحانه: «... وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا».
وقال رسول الله: «لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ».
وقال: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».
وقال: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ».
} ولكن هناك نوعيات من البشر لا يشكرون الآخرين على معروفهم أبدا ولا يعترفون بفضلهم، فكم من أبناء أنكروا فضل الآباء عليهم، وكم من جاحد أنكر فضل وطنه وعطاء وطنه وأبناء وطنه عليه وتنكر لذلك. بل استعان بشياطين الدنيا من أجل الإضرار بوطنه، وما هذا العبث الذي نشاهده اليوم، والفوضى والتخريب والتحريض والتأزيم إلا نوع من الجحود وانكار الجميل.