أخبار البحرين
الجودر يطالب أبناء الوطن «سنة وشيعة» بالتصدي للإرهاب
تاريخ النشر : السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
قال خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر في خطبته أمس إنه في الظروف العصيبة التي يشهدها وطنكم البحرين، يتطلع الغيورون منكم إلى كل ما يعزز الأمن والاستقرار، ومن ثم مشاركة شعوب العالم في حضارتهم وتقدمهم، فالإنسان السوي والمسلم الحق ليعتصره الألم وهو يرى أعمال الإرهاب والإرعاب في الشوارع والطرقات، في تبعية سقيمة لمرتكبيها بعد أن (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ]البقرة:7[، وما تلك التبعية العمياء إلا بسبب الفتاوى الدينية المتطرفة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبعض الآراء السياسية المظللة، فتاوى وآراء تدفع بالشباب والناشئة لتبني الإرهاب والعنف والتدمير منهاجاً وسلوكاً تشمئز منه نفوس المؤمنين.
الحاجة اليوم إلى معرفة موقف الإسلام من الإرهاب ودعاته ومنابعه، من دون تقية دينية، ولا خداع سياسي، ولا مصالح حزبية، فالإسلام يحرم الإرهاب ابتداءً، ويحرم ما يتعلق به من أعمال وأقوال وتقرير، قال تعالى: « مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » (المائد
وذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية: (وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): (الفسادُ إما في الدين وإما في الدنيا، فأعظمُ فسادِ الدنيا قتلُ النفوسِ بغيرِ الحق، ولهذا كان أكبر الكبائر).
المحن تصبح منحا إذا عاد الناس إلى ربهم، وأعادوا قراءة واقعهم، ومحاسبة ذاتهم، فمن العقل والحكمة اليوم أن يصغي الناس إلى محكم النزيل وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في قضية أقضت مضاجع العالم، وأثارت عنده الهواجس، إنها قضية الإرهاب الدولي، الإرهاب المنظم، الإرهاب القادم من دول العنف والتطرف والتشدد، فقد عانى المجتمع الدولي من الإرهاب، قتل وسفك للدماء، وتخريب وتدمير، وحرق وترويع، فقد أصاب الإرهاب الكثير من المجتمعات، في أعمال تجاوزت تعاليم السماء، وحدود العقل. وما تتعرض له البحرين اليوم هو إرهاب إقليمي منظم، لا يفرق بين كبير ولا صغير، ولا بين رجل ولا امرأة، ولا مسلم أو غير مسلم، ولا بين سني ولا شيعي، يغلق الشوارع والطرقات ويعطل المصالح والمنافع، ويتعدى على الأملاك الخاصة والعامة، لذا يجب شجبه ورفضه والتصدي له.
ما تعرضت له مدارس وزارة التربية والتعليم من أعمال إرهابية، وما تعرضت له الأسرة البحرينية الآمنة في منزلها بمنطقة البلاد القديم من اعتداء سافر، وما يتعرض له أهالي منطقة سترة والبديع وبني جمرة ومدينة حمد ومناطق أخرى من إرهاب موجه، لأكبر دليل على مخطط أولئك المجرمين، فالأمر اليوم خرج عن دائرة المجاملة السياسية، فالاتصالات التي تأتينا من تلك القرى والرسائل المرسلة التي تئن ألماً تكشف معاناة الأهالي هناك بسبب الإرهاب الليلي، فالأهالي يستنجدون بكم لإنقاذهم من أولئك الإرهابيين والمتطرفين، لذا يجب على أبناء هذا الوطن، سنة وشيعة، أن يتصدوا للإرهاب المدمر، فهو ليس من ثقافة هذا المجتمع، فأبناء هذا الوطن قد عاشوا سنين طويلة لا يعرفون الإرهاب، فهي ثقافة قادمة من إيران والعراق وسوريا ولبنان، لذا نؤكد أن أولئك الإرهابيون ليسوا منا ولسنا منهم، فقد تبرأ منهم أهاليهم قبل أن نتبرأ منهم حينما تنكروا لوطنهم، وتأملوا في الآية الكريمة: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقلا وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) ]هود:45[، فنوح يطلب الرحمة والنجاة لابنه لأنه يراه من أهله وخاصته، ويقر بأن الله هو الحق، فيأتيه الجواب الإلهي المحكم: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ]هود: 55[. التصدي للإرهاب واجتثاثه، وتجفيف منابعه، يتطلب وقفة وطنية صادقة، يجب على كل فرد، أن يدين ويعلن الحرب على الإرهاب، فالمسلم حين يدين الإرهاب فإنه يقوم بواجبه الشرعي لحفظ الأرواح والممتلكات، فالإرهاب لن يقف عند التعدي على رجال حفظ الأمن وذهاب هيبة الدولة، ولكنه سيصل إلى كل دار ومنزل، لأن الإرهاب لا يعرف وطناً ولا جنساً، ولا ديناً ولا مذهباً، ولا زمانا ولا مكانا، فالمشاعر كلها تلتقي على رفضه واستنكاره. قال تعالى: (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) ]يونس:81[.
العالم بأسره يرفض الإرهاب والعنف ويدينهما، لذا يسعى لتجفيف منابعه في أي دولة أو موقع في العالم، والأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها وضعت قبل سنوات 13 اتفاقية دولية متعلقة بالأعمال الإرهابية وسبل مكافحته والتصدي لها، واعتمدت في 19 سبتمبر عام 2006م استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب، ومن أبرز بنودها: التصدي للأوضاع التي تفضي إلى انتشار الإرهاب ومنها غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتجميد أي أموال لأشخاص يشاركون في أعمال الإرهاب، ومنع الإرهاب ومكافحته ومنها منع الإرهابيين من السفر والتنقل في عواصم الدول أو توفير مكان آمن لهم، واتخاذ تدابير لبناء قدرة الدول على مكافحة الإرهاب، وكفالة احترام حقوق الإنسان في سياق التصدي للإرهاب.
وجاء في ديباجة قرار مجلس الأمن 1373 (2001م) وفقا لميثاق الأمم المتحدة على ضرورة التصدي بكل الوسائل للتهديدات التي تسببها الأعمال الإرهابية للسلم والأمن الدوليين. وأصدر مجلس الأمن أيضا بيانا رئاسيا جاء فيه: ان أعضاء مجلس الأمن (يؤكدون أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أخطر التهديدات للسلم والأمن).
فالأمن والإرهاب لا يجتمعان، فالأمن هو قوام الحياة وأساس الحضارة، والإرهاب هو بداية الدمار وعنوان الإفساد، لذا قال تعالى:(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) ]الأعراف:56[. ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وقفوا عند قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (كل المسلمِ على المسلِم حرام، دمُه وماله وعِرضه)، وتذكروا قول المولى: (والله لا يحب المفسدين) المائدة: 64.