أخبار البحرين
الدكتور عبدالرحمن الفاضل:
احذروا.. وصلنا إلى مرحلة كمائن الغدر
تاريخ النشر : السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار مدينة عيسى في خطبة الجمعة أمس:
لا تثريب على الناصح الأمين، أن يعيد الكلام، ويكرر الحديث، إن أقتضى الحال، وألحت الضرورة على ذلك ليتنبه الغافل، وينهض الخامل ليصد الخطر المحدق، ويوقف الزحف الداهم، فإنه لم يعد بعد اليوم للاهٍ من عذر في لهوه، ولا للاعب من مكان للعبه، فالعدو الداخلي قد كشف الغطاء عن مكنون عداوته، وخطره بات قائماً، واعتداءاته أصبحت واقعاً، طالت رجال الأمن ابتداء، وها هي اليوم تمتد لتعتدي بخسة وغدر على الآمنين من المواطنين والمقيمين، وليس عنا ببعيد اعتداؤهم الإرهابي بكمين قذر نصبوه لرجال الأمن، الذين جاءوا بصحبة سيارات الإطفاء لإخماد حريق تخريبي افتعلوه، غير إنه لم يكن سوى كمين غدرٍ تمكنوا من خلاله تنفيذ تفجيرهم الإرهابي الفاجر، الذي نتج عنه إصابات بليغة تعرض لها رجال الأمن، بترت على إثره أطراف بعضهم، وشوهت بالإصابات أجساد آخرين منهم، وإمعاناً في الإرهاب فجروا اسطوانة غاز بالقرب من أحد المنازل، مما تسببت في إصابة أم وابنها كانا في منزلهما آمنين، ومن شدة الانفجار أصيبا بشظايا زجاجية خطرة وأدخلا على إثره إلى المشفى لتلقي العلاج، فما هو الذنب الذي ارتكباه، والجرم الذي جنياه؟! وها هي اعتداءاتهم الإرهابية تتصاعد يوما بعد يوم في زيادة مضطردة، ولا نرى لها في المقابل من رادع يتناسب وحجم الإجرام الإرهابي المرتكب، وقد أسهم عدم الردع في تشكيل استياء عام جراء العمليات الإرهابية مما جعلهم يعتقدون أن الدولة عاجزة وغير قادرة على القضاء على هذا الإرهاب المنظم الممنهج، والذي بلغ ذروته في سفك الدماء، وإزهاق أرواح الأبرياء وتعريض الناس جميعا للخطر بما يصاحبه من أسلحة قاتلة مميتة، حيث لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقف إزاء هذا الإرهاب المسلح، من دون أن تواجهه بالقوة المسلحة التي تقضي عليه، وما كان للإرهابيين أن يستمروا ويتمادوا في إجرامهم، إلا يوم أن تُركوا من دون عقاب رادع، وإنه لم تكن لهم من عقوبة، إلا العفو المتكرر، الذي أطمعهم في مزيد من عمليات التخريب، والتدمير والتساؤل، لماذا هذا التهاون، وهذا التراخي والتسامح مع الإرهابيين؟! ما الحكمة والمصلحة التي ترجوها الدولة من وراء ترك الإرهابيين بلا عقاب يردعهم أو قانون يزجرهم؟! إننا في حيرة من أمرنا لم نعد نفهم، مغزى هذا التسامح والعفو الذي جاوز حده، ولعلنا لا نفهمه إلا في إطار واحد محدد، ألا هو إطار المؤامرة على البحرين وشعبها نعم هناك مؤامرة حبكت ومخطط أعد سلفاً، وهذا في الواقع ما ترصده الوثائق والدراسات، وتؤكده التصريحات المسؤولة.
قلنا إن الناس قد ملوا بطء الإجراءات التي تشعرهم بأنها لا تتماشى مع ما يرتكب من إجرام وإرهاب منظم حيال جرائم ثابتة ارتكبت شاهدوها بأم أعينهم، ووقعت أمامهم، وثبتت على الأشخاص المعينين، ومع هذا يرون مماطلة غير مفهومة في إنزال العقوبة في حق من ثبت جرمه، فكل الدلائل والبراهين والمستندات والحقائق مسجلة وموثقة بالصوت والصورة تثبت وتؤكد جرم هؤلاء الإرهابيين، إلا أن القانون وعقوباته مؤجلة، لم تثبت حتى الساعة إدانة واحدة ينفذ فيها القصاص العادل على قاتل، أو يطبق فيها القانون على مجرم، لمصلحة من تهدر حقوق ثابتة لكثير من المواطنين والمقيمين تعرضوا لاعتداءات مباشرة في أجسامهم أو أهليهم أو أرزاقهم أو ممتلكاتهم؟ إلى متى يبقى الإرهابيون ومحرضوهم يعيثون في البلاد الفساد؟ لقد شوهت البلاد وضرب الاقتصاد وخربت الشوارع وروع الناس، أليست لنا حقوق إنسان كذلك؟ أم أن حقوق الإنسان بحسب المفاهيم التآمرية المقلوبة تراعى للإرهابيين فحسب إذا ما تم إلقاء القبض عليهم، نقول للدولة اتقِ الله في البحرين وشعبها، وذلك في تطبيق القانون وإنفاذه، وإقامة القصاص العادل في حق الإرهابيين المعتدين، يقول تعالى ((وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)).
ولهذا فإنه بسبب التهاون في تطبيق العقوبات، فإنهم بعد كل عملية إرهابية إجرامية يرتكبونها يقولون: إن القادم أشد، نعم نصدقهم فيما يزعمون لأن هذه هي عقيدتهم فينا أي استباحة دمائنا وأعراضنا، ولنقلها بصراحة ولنواجه الحقائق من دون تلبيس ولا تدليس الحرب من قبلهم معلنة، وهي حرب طائفية بامتياز، وهم لا يخفون ذلك فصلاتهم الطائفية لا ينكرونها، والامتداد الصفوي الإيراني في العراق وسوريا ولبنان والخليج أمسى ظاهراً مفضوحاً.. وانهم عندما يقولون القادم أشد، فعلى الدولة أن لا تتجاهل هذا القول أو تهون من شأنه، فهم إرهابيون بكل ما تعنيه الكلمة تاريخهم الأسود يؤكده، فهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. وهم مصممون على الحرب والعدوان، وزعماؤهم يصرحون بأنهم مستمرون في إرهابهم حتى تتحقق مطالبهم وهي حكم البلاد، وتحويلها إلى دولة صفوية تابعة للدولة الصفوية الحاقدة الكبرى، التي لا يزال المسؤولون في دولنا الخليجية يعتبرونها دولة إسلامية السلمية جارة، هكذا يرددون وإنه لابد من حلول سلمية، نقول: إنه الضعف والخور والوهن الذي يفتك بهؤلاء المسؤولين هم يعدون العدة لغزونا ونحن ما زلنا نقول سلمية، نراهم يقتلون إخواننا هناك بكل بشاعة وقسوة ولا يتورعون عن إعدامات يومية في كل من إيران والعراق وسورية غير مبالين، أما يشاهد المسؤولون؟ عندنا صور القتل الرهيبة التي تقوم بها عصابات طاغية الشام المؤيد من إيران الصفوية، وإرهابي البحرين وغيرهم الذين يفرحون لتلك الجرائم التي ترتكب في حق إخواننا من أهل السنة في سوريا.. ولعلكم شاهدتم بشاعة القتل وقذارته، لقد تجردوا من الرحمة، ولم تبق فيهم ذرة من الإنسانية، وإلا كيف بهم يقتلون شاباً مسلماً سنياً بدفنه وطمره حياً بالتراب؟ وكيف بهم وهم يقولون له قل: ((لا إله إلا بشار)) ألا لعنة الله على الكافرين.. ولكن ثبات ذلكم البطل على الحق - بتوفيق الله تعالى- يبعث موقفه العظيم الرهيب، يبعث في الأمة الهمة، ويُعلم العالم بأن أهل الشام منصورون، وأن الأمة الإسلامية الموحدة - بإذن الله تعالى- منصورة، ما دامت تلك البطولات الشامية تتحقق، فهي ليست قصصاً خرافية أو روايات خيالية، إنها حقائق واقعية يسطرها أبطال الشام رجالاً ونساءً، صغاراً وكبارا، فالله أكبر يا أمة الإسلام عندما نرى أولئك الأبطال يُقتلون وهم رافعوا الهام فينطقون وهم في أتون المحنة وشدتها من دون خوف ولا وجل، بل بثبات على قول كلمة التوحيد كلمة الحق المبين ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) أي عظمة هذه، وأي شهادة في سبيل الله تلك ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدلانْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِللا اللَّهُ الظَّالِمِينَ
وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)) فلا يثبت لقول كلمة التوحيد، إلا المؤمنون في الحياة الدنيا، وعند سكرات الموت، وعند سؤال الملكين في القبر، وعند القيام لرب العالمين، ولا يوفق الله الكفرة الفجرة لقولها، ولا يلهمهم الصواب، ولا يهديهم الجواب.
نعم إن الإرهابيين يعنون ما يقولون، ولذلك نحذر من مغبة التهاون معهم، فواجب الدولة أن تبذل كل ما تستطيع من أجل القضاء عليهم ومن دون تردد، ومن دون الاستماع إلى إرجاف المرجفين من الخونة والعملاء المندسين المثبطين، ومن حقها حفظ أمنها وأمن مواطنيها، فالإرهابيون مصممون على إشاعة الفوضى والتخريب والتدمير والقتل، فلا مجال بعد أن ثبت هذا أن تتعامل الدولة مع هؤلاء باللين والعفو والسماحة، وهم قد عزموا على إزالتها والقضاء عليها،.. ان التراخي مع المجرمين الإرهابيين لا يعد من الحكمة أو الحنكة في شيء، بل هو ضعف وخور وجبن ووهن وسلبية يحط من الكرامة الإنسانية، ويهدم العزة الإسلامية، ونحن قد اعتدي علينا من قبل فئات ضالة مضلة إرهابية مجرمة لو تمكنت من رقابنا -لا قدر الله تعالى- لارتكبت أفظع مما يرتكبه طاغية الشام بأهلنا من أهل السنة، لأنها من نفس المدرسة المذهبية الحاقدة، ومن هنا، ومن خطورة الأحداث نود أن ننبه الذين يريدون أن يتحاوروا، ويجعلوا الأمر لا يعدو كونه حلاً سياسياً مع هؤلاء الإرهابيين، والذين نعلم أنهم حسموا أمرهم وحدودا أهدافهم المتمثلة في إسقاط النظام وإزالته، وإنه إذا صمت أسماع دعات الحوار والحل السياسي، فليخرجوا إلى مسيرات الإرهابيين ليسمعوا عن قرب هتافات تسقيط النظام.. ولذا نود أن نذكرهم بأن مبادئ الإسلام العامة توجب على المسلم أن لا يسكت على المعتدى، وأن لا يستخذي أمام المسيء، كما يجب على المسلم أن يدفع الاعتداء بالاعتداء، وأن يقابل الإساء حتى يرد المعتدين على أعقابهم خاسرين، ويكون السلطان والحكم لأهل الحق الموحدين، أتباع محمد سيد المرسلين- صلى الله عليه وسلم- ولا يكون لأهل الشرك والبدع والضلال والانحراف، وفي رد الإساءة والعدوان يقول تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ..)) ولقد أشاع الإرهابيون المخربون الفتنة في البلاد وسعوا فيها وهم ينشرون الخراب والدمار والفساد، وتآمروا مع العدو الخارجي وتعاموا معه من أجل إسقاط النظام، وترحيل آهل البلاد أو تصفيتهم على غرار ما حدث في العراق، ويحدث في سوريا. لقد كرننا الحديث وزدنا في الكلام.. فمتى تعزم الدولة وتحسم أمرها مع هؤلاء الإرهابيين من دون أن تلتفت لرؤية حليف غادر، ولا توجيه صديق ماكر حاقد يسعى كل منها في تمكين الإرهابيين من إسقاط نظامها، وتنحية حكامها، واحتلال أراضيها.. هذه خلاصة القضية برمتها، فكفانا تخاذلاً، ولنتحرر من رق العبودية وأسر التبعية لغير دين الإسلام: ((وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافة.