بريد القراء
الخليج والخطر القادم
تاريخ النشر : السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
ان المتابع للأحداث التي تعيشها المنطقة اليوم سيصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الأمة تواجه تهديدات وهجمة شرسة وتحيط بها عواصف الفتن والاختلافات، ولا يوجد ما هو أدق في التعبير عنها من قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)، الرسول صلى الله عليه وسلم وصف داءنا وحالنا. الخليج العربي يمر بمرحلة عصيبة فقد تكالبت عليه قوى الشر طمعا في ثرواته وخيراته، وأيدي الأعداء تتصافح في الخفاء وهناك تحالف شرير بين إيران ودول الغرب لاحتلال الخليج ومحو هويته ورسم خريطة جديدة له، والذئب الفارسي الذي يريد أن يلتهمنا يشكل أكبر تحد وهو شوكة في حنجرة الخليج، يتدخل بشكل سافر ويهدد بعظائم الأمور وهو لا يخفي مطامعه وطموحه وقد صرح قادته عدة مرات بأن كل بلاد الخليج تشكل تاريخيا جزءا من الأراضي الإيرانية، هذا الذئب الشرس الذي يعتقد نفسه حاكما ووصيا على الشعوب الخليجية يقدم الدعم لأعمال التمرد في الخليج العربي ويقدم نفسه للعالم على أنه النظام القادر على مواجهة الشيطان الأكبر وفق التسمية الإيرانية فقام باستعراض قوته وعضلاته العسكرية على جيرانه، والمحاولات على قدم وساق لجرّنا إلى ساحات معارك طائفية وحرب أهلية ونشر العنف والفوضى بدعم من دول الغرب والمنظمات الإرهابية التي تسمي نفسها منظمات حقوق الإنسان.
لقد تداعوا علينا يوزعوننا على أنفسهم كأننا وليمة أو إرث، ومهما أخبرتنا الولايات المتحدة وانجلترا من أكاذيب حول الديمقراطية والإصلاح لكن كلنا يعلم أنهما غطاء لإخفاء مطامعهما الحقيقية وهي السيطرة على النفط ولا غيرها، والعهود والمواثيق معهما تتساقط حسب المصالح، مواقفهما متناقضة ومحبطة وهما اللتان مكنتا إيران من رقبة العراق ولن تترددا في فعلها لدول الخليج. ومما زاد الطين بِلة دس فئة منحرفة من شياطين الإنس والجواسيس والخونة والعملاء في بلادنا وارتماء المعارضين في أحضان إيران وأمريكا، وهناك فئة ولاؤها خارجي وأهدافها ومطامعها كبيرة لا تقف عند حدود.
وبالرغم من كل التحديات واستمرار الدسائس والمكايد والابتلاءات التي يتعرض لها الخليج، للأسف مازال في حالة صمت وبطء ومواقفه لا يرقى لمستوى الخطر الذي يحدق به، كل دول العالم تتحد وتتكاتف بغض النظر عن اختلافاتهم وتوجهاتهم وثقافاتهم وبيئاتهم ودياناتهم كالاتحاد الأوروبي، فما بالكم بأمة دينها واحد وقرآنها واحد ولغتها واحدة نراها تتشتت وتنقسم؟
الإسلام يدعو إلى التكاتف والوحدة والاتحاد حتى تكون للأمة مهابة وكرامة أمام غيرها من الأمم، ففي هذا العالم لا مكان للضعفاء والبقاء للأقوى، ونحن أولى بالاتحاد فديننا واحد وثقافتنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا متشابهة، فلماذا يتشتت الخليجيون ويتوحد غيرهم؟ ان صمام الأمان لبقائنا هو الله سبحانه وتعالى ومن ثم اتحادنا وتكاتفنا، وفي هذه الظروف العصيبة لا مناص من تحقيق الاتحاد وبأسرع وقت، ففيه منافع عديدة وفوائد كثيرة، وهو سبيل القوة والنصر وليكون درعا واقية والحصن المنيع في مواجهة التحديات ولكي يصل المجتمع إلى الأمن والأمان، كما أنه الضمان لبقائنا ويبعدنا عن مخاطر الاستعانة بالغرب في مواجهة إيران، ولوقف المد الإيراني وردع طموحها، ولنكن دولا قوية متكاتفة.
كل مواطن محب للخير وولاؤه لوطنه تنبع من قلبه روح الوطنية يرحب بالاتحاد، والفئة التي ترفض وتناهض الاتحاد وتقف حجر عثرة أمام فكرة الاتحاد الخليجي وتقوم بتثبيط دول الخليج عن قيام الكونفدرالية الخليجية ووأد المحاولات للانتقال إليه فئة تريد تنفيذ أجندات خارجية والقوى الخارجية لا تريد لنا التكامل والوحدة وكل عمل خير للخليج يواجهه الأعداء من الداخل والخارج بالسوء والرفض. الخطر قادم لا محالة والسيوف مشرعة في وجه أهل الخليج، نحن لدينا أعداء يعملون بقوة والطابور الخامس يسكن معنا في دارنا ولا يهدأ ولن يهدأ أبدا حتى ينفذ أهدافه وأجنداته وكل ما يلبي طموح الأعداء وغدرهم لن يتوقف. إن لم نأخذ موقفا حازما وموحدا فإن النتائج سوف تكون وخيمة وسوف يتم احتلالنا آجلا أو عاجلا.
إن ضعفنا وغفلتنا هما أسباب تداعي الأمم علينا. لقد عرف التاريخ شعوبا لم تدرك أهمية الاتحاد فانقرضت وتم محوها من على خريطة العالم، ففي التاريخ عبر ومواعظ كثيرة وفي الأحداث الأخيرة التي عشناها عبر أكثر فلنتعظ منها ولنتفاد الأخطاء السابقة، حتى نتجاوز الأخطار المحيطة بنا والغفلة التي نعيشها ونعمل على تحصيل مصادر القوة والاتحاد وهما سياجان حافظان لبقائنا، ففي السياسة لا يوجد أصدقاء ولا مواثيق ولا عهود فهي تتساقط بحسب المصالح فلنعتمد على أنفسنا ولنكن أكثر قوة في مواجهة التحديات والأزمات والخروج من المحن.
نسأل الله العلي القدير أن يعجل في إقرار الاتحاد وأن يستيقظ العرب والمسلمون من سباتهم ويكونوا سدا منيعا أمام الأخطار المتربصة بهم.
عائشة البستكي