الجريدة اليومية الأولى في البحرين


اطلالة


هدر تعليمي واقتصادي

تاريخ النشر : الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢

هالة كمال الدين



نحن في هذا الجزء من العالم من أطول الناس إجازاتٍ على مدار العام.. وأقلهم وقتا من حيث فترة الدراسة!
لذلك حذر مؤخرا خبراء في مجال التربية والتعليم من خطورة ترك الطلاب عرضة للإجازات التعليمية الطويلة المتقطعة، مؤكدين أنها سبب مباشر في عملية التأخر الدراسي، وتعطيل القدرات الذهنية والمعرفية لديهم، وخاصة في المدارس التي تعتمد على الطريقة التقليدية في التدريس (التلقين)، والتي تمثل الغالبية العظمى من مدارسنا في المجتمعات العربية.
تقول إحدى خبيرات التربية إن سلبيات الإجازات تفوق إيجابياتها بشكل كبير، حيث تشير الإحصائيات إلى أن مدة العطل في دول كأمريكا واليابان وأوروبا تتراوح بين شهر وشهرين فقط خلال العام، من دون تعرضها لإجازات قصيرة متقطعة، الأمر الذي لا يفقد الطلبة حضورهم الذهني والتعليمي، مشيرة إلى أن الدول المتقدمة لا تكتفي بفصلين دراسيين خلال العام، كما هو حال النظام التعليمي في معظم البلدان العربية، فهناك لا يقل عدد الفصول الدراسية عن ثلاثة، وبعض الدول تطبق نظام أربعة فصول خلال العام، أما الإجازة الصيفية تكون شهرا واحدا فقط، وهو ما يجعل الطالب أكثر ارتباطا بالمناهج التي يدرسها.
ما يتعرض له أبناؤنا من سيل جارف من مغريات العصر الحديث، يباعد بينهم وبين التحصيل الدراسي بدرجة خطرة، الأمر الذي يجعل مخرجات التعليم تترنح على أعتابها.
اليوم، الكبار في بحث دائم عن الإجازات، ويبرعون في تمديدها، تهربا من العمل والإنتاج، والصغار باتوا يسيرون على نفس الدرب، وأصبحوا يتفنون في خلق الأعذار للتغيب عن المدرسة، تملصا من واجباتهم وأعبائهم الدراسية، الأمر الذي يضاعف من الهدر التعليمي والاقتصادي في مجتمعاتنا.
الاختصاصيون يؤكدون أنه من المفترض أن تتناسب فترات الراحة مع حجم الجهد المبذول، وهذا لا يحدث للأسف الشديد على أرض الواقع، فالدراسات تشير إلى أن إنتاجية العامل في بعض الدول العربية لا تتعدى نصف ساعة يوميا، ناهيك عن المستوى المتدني لمخرجات التعليم التي لم تعد تتلاءم مع متطلبات سوق العمل المتغيرة اليوم بصورة مفزعة.
لذلك يجب إعادة النظر في نظام الإجازات المعمول به، سواء الإجازات الرسمية للموظفين، أو التعليمية للطلاب، وبرمجته من جديد، ليواكب العصر، ومستجداته، ومتطلباته، العملية، والعلمية.
وإذا تعذر إحداث هذا الانقلاب -من وجهة نظر البعض- على الجهات المعنية، فيبقى الخيار الآخر (المنسي) للأسف الشديد، هو إعداد الخطط لمعالجة طول وقت الإجازات التي نمنحها للطلاب بشكل مختلف، بحيث يتم استثمار وقت الفراغ بصورة إيجابية، إنقاذا لأبنائنا من التخلف عن الركب، ومن الخمول المعرفي، ومن تعطيل أذهانهم، وقت الإجازات.