لنجعل يوم العمال فرصة لتعزيز مكانةالبحرين ومثالاً يحتذى في المنطقة العربية
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢
بقلم: جميل بن محمد علي حميدان - وزير العمل
يوم العمال العالمي مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعاً، حكومة وأصحاب عمل وعمال. فهو اليوم الذي يعلي قيمة العمل ويحتفى فيه بالعامل الذي يقدم جل طاقته وعرقه وصبره لكي يحقق الخير والعزة لوطنه ومجتمعه، وليجسد حلمه بمستقبل أفضل له ولأفراد أسرته.
وللعمال البحرينيين مكانة عالية في سياسات وخطط وبرامج المملكة، تلك المكانة التي تؤكدها القيادة الحكيمة دائماً، والتي كان أحدثها الكلمات المضيئة التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المفدى، حفظه الله ورعاه، أثناء تشرف الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بلقاء جلالته في ٢١ مارس الماضي عندما أعرب عن حبه واهتمام جلالته بأبنائه العمال وحرصه على توفير فرص العمل الكريمة لهم وحماية حقوقهم وتوفير أوجه الرعاية لهم، لأنهم الثروة الحقيقية للوطن بما يقدمونه من عطاء وما يلعبونه من دور في بناء وتطور ونهضة الوطن.
وفي ضوء السياسات التي تتبناها حكومة مملكة البحرين، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، ومؤازرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد الأمين رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، حفظهما الله ورعاهما، وما تأطر في دستور المملكة والقوانين والأنظمة المتبعة، فإن وزارة العمل حرصت دائماً على حماية حقوق العمال وتطوير التشريعات التي تكفل المزيد من أوجه الحماية والمكاسب المشروعة لهم. هذا فضلاً عن السعي الحثيث إلى تعزيز الثقة بين العمال وأصحاب العمل انطلاقاً من اقتناع الوزارة بأهمية تعاون أطراف الإنتاج الثلاثة في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى الأمام وبما يحقق المزيد من الرخاء والرفاهية لأبناء الوطن في هذا العهد الزاخر.
لقد شهدت الفترة الماضية واحدة من أكبر التحديات التي واجهت سوق العمل بالمملكة والتي تمثلت في معالجة وتسوية ملف العمال المسرحين على خلفية الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد خلال شهري فبراير ومارس من العام الماضي، وضمان عودتهم إلى أعمالهم، حيث كان للتوجيهات الملكية السامية وحرص القيادة الرشيدة، فضلاً عن التعاون المثمر بين مختلف الأطراف أكبر الأثر في تذليل العقبات والصعوبات ونشر روح المحبة والتسامح، بل والتسامي فوق جراح الماضي، علاوة على إشاعة جو من الاطمئنان والتفاؤل والتي أسعدت الكثير من القلوب.
إن تلك الجهود المشتركة قائمة ومتواصلة لمتابعة الحالات التي لا تزال معلقة أو مختلف بشأنها بين الأطراف المعنية، سواء تلك الحالات التي لم تعد إلى عملها حتى الآن أو عادت ولكنها واجهت بعض الصعوبات فيما يتعلق بمكان أو ظروف عملها. فالإصرار والعزيمة مستمران لضمان سرعة معالجة هذه الحالات والتي أخذت تتناقص يوما بعد يوم بفضل تعاون الجميع عمالاً وأصحاب عمل.
اننا الآن نؤمن أكثر من أي وقت مضى بأنه لا يمكن أن تتحقق مصلحة طرف من الأطراف بمعزل عن مصلحة الطرف الآخر مهما كان حجمه أو موقعه. وقد أثبتت الأحداث المؤسفة أهمية أن تكون الشراكة بين أطراف الإنتاج الثلاثة من حكومة وعمال وأصحاب عمل أكثر فاعلية وعمقا وأن يكون الحوار الاجتماعي بينها أكثر جدية وتنسيقاً، وأنه كلما كانت الشراكة في دراسة ورسم الرؤى والاستراتيجيات والعلاقات أكثر عمقاً ومراعاة للمصالح المشتركة، كلما كانت أكثر فائدة للأفراد والشركات والوطن. إن التعاون بين أطراف الإنتاج سمة حضارية ووطنية لا تقتصر دلالتها على محيط العمل والإنتاج فحسب، بل تمتد إلى الوطن بشكل عام.
إن واجبنا الوطني يحتم علينا الاستفادة من ما مر علينا من ظروف قاسية، واستخلاص الدروس والعبر لتطوير تجربتنا الوطنية وتجاوز صعوبات الماضي لكي تستعيد تجربة العمل النقابي في البحرين بريقها وفعاليتها وإسهامها في رفع مستوى النجاح الذي تحققه المنشآت المختلفة بما ينعكس خيراً على ازدهار العمال والوطن. وعلينا أن نسعى بصدق لبناء جسور الثقة وغرز الروح الوطنية في كل المواقع حتى نحافظ على انجازاتنا وتجربتنا التي تحظى بتقدير من أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، ودول العالم، والمنظمات الدولية، حيث إنها أثبتت نفسها كتجربة متميزة ومثالاً يحتذى في التعاون واستثمار العمل النقابي بما يعزز النجاحات ويخلق الأرضية المناسبة للتطور والارتقاء بالإنتاج.
إن أكبر تحد يواجهنا في هذه المرحلة هو الإبقاء على معدلات تدفق الوظائف في حدودها الطبيعية المطلوبة لتلبية احتياجات الباحثين عن عمل والداخلين الجدد لسوق العمل، وعليه فإن أحوج ما نكون إليه في المرحلة الحالية هو الأمن والاستقرار والعمل المخلص لكي تكون معدلات نمو سوق العمل في حدود التطلعات الوطنية، ونكون في وضع اقتصادي يتيح الفرصة لخلق وتوليد فرص عمل جديدة من حيث الكم والنوع إضافة إلى تطوير واستدامة برامج التأهيل والتدريب المهني المطلوبة.
إننا في وزارة العمل نتابع بحرص شديد مجريات سوق العمل، ومدى انعكاسها على حركة نمو الوظائف في البلاد، ومقارنتها في المقابل بمؤهلات واختصاصات الباحثين عن عمل المسجلين والداخلين الجدد، حيث نقوم بطرح المبادرة تلو الأخرى والمشروع تلو الآخر وفقاً لما تفيد به دراساتنا وإحصاءاتنا. وعلى سبيل المثال لا الحصر قمنا مؤخراً بتدشين المشروع التكميلي لتأهيل وتوظيف الخريجين الجامعيين، والذي يعد امتداداً للمشروع السابق، وكذلك مشروع دعم أجور الجامعيين العاملين في القطاع الخاص، والذي يستهدف رفع أجور العاملين الجامعيين في منشآت القطاع الخاص الذين يتسلمون رواتب تقل عن ٤٠٠ دينار بحريني في الشهر، وغيرها من البرامج والمشاريع التي نسعى من خلالها إلى تنمية وتطوير الموارد البشرية الوطنية وجعلها الخيار الأمثل في التوظيف والترقي.
ايماننا عميق بأن الغد سيكون أفضل من اليوم، فلنستمر في تعزيز مبدأ الثلاثية والارتقاء بقنوات وأساليب التعاون بين الشركاء الاجتماعيين حتى نحقق المزيد من المكاسب لأطراف الإنتاج الثلاثة فضلاً عن دعم اقتصاد البحرين وضمان نموه المطرد علاوة على ترسيخ مكانة المملكة عربياً ودولياً والتأكيد على أن تكون بلادنا دائماً مثالاً يحتذى في حماية العمال على صعيد المنطقة العربية. إذن، فليكن التفاؤل، في هذا اليوم العالمي المتميز، نبراساً ينير لنا الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقاً لوطننا الغالي.
.