الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


رومني مرشح الحزب الجمهوري إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية





لقد كانت الطريقة وعرة ومفروشة بالأشواك غير أن ميت رومني قد كسب الرهان في النهاية وهو الذي تراكمت لديه تجربة الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية. يحق لميت رومني أن يعتبر نفسه الآن المرشح المنتظر للحزب الجمهوري لخوض غمار الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر .٢٠١٢

منذ البداية كان ميت رومني يتمتع بنقاط تكرس تفوقه على حساب منافسيه، فقد سبق له الترشح من قبل إلى الانتخابات التمهيدية ولم يتوقف عن الترشح منذ هزيمته أمام المرشح الجمهوري الآخر السيناتور جون ماكين سنة .٢٠٠٨ لذلك فهو على دراية تامة بالمسار الانتخابي، كما أنه كان أفضل استعدادا لمسار الانتخابات التمهيدية من المرشحين الجدد الذين كانوا يفتقرون إلى تجربة الحملات الانتخابية الرئاسية والذين نافسوه على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في نوفمبر .٢٠١٢

لقد اعتمد ميت رومني إلى حد كبير على أصدقائه وزملائه من عالم المال والأعمال، لذلك فإنه كان منذ البداية يتمتع بالأفضلية من حيث المال. لقد استطاع منذ البداية أيضا أن يكدس الكثير من الأموال لحملته الانتخابية، كما أنه وجد على ذمته من الجهات والأطراف الأخرى التي كانت مستعدة للإنفاق بكل سخاء على الحملات الدعائية للقيام بالعمل القذر المتمثل في تدمير منافسيه.

نظرا لضعف المنافسين، حظي ميت رومني على دعم المؤسسة الجمهورية، صحيح أن ذلك الدعم كان هادئا ومبطنا في البداية غير أنه أصبح بعد ذلك علنيا مع تلاحق انتصارات ميت رومني في الانتخابات التمهيدية.

لقد ساعد هذه الدعم من المؤسسة الجمهورية ميت رومني على المزيد من تنظيم حملته وجمع الكثير من التبرعات المالية، فقد كان خصومه في الوقت نفسه يعانون نقص التبرعات، الأمر الذي اضطرهم إما لإنفاق مواردهم المالية على أولى الولايات في سباق الانتخابات التمهيدية وإما للتركيز في بعض المناطق الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون أن يحققوا فيها نتائج إيجابية. لقد ساعد المال ودعم المؤسسة الجمهورية ميت رومني على إعادة تموقع حملته الانتخابية للفوز في الولايات الأمريكية المتبقية في السباق.

في النهاية، ورغم أن ميت رومني لم يكن الأذكى من بين كل المترشحين، أو الأكثر شخصية كاريزمية، فإنه كان الأكثر بأسا واندفاعا في الآن نفسه، هذه الميزة هي التي جعلته لا يتوانى عن القيام بأي شيء من أجل كسب الرهان وتحقيق الفوز في نهاية المطاف.

إن السياسة الانتخابية لا ترحم في كثير من الأحيان وهي عبارة عن معركة لا هوادة فيها. لم تشكل انتخابات هذه السنة الاستثناء. لقد ظل ميت رومني على مدى أشهر يواجه خصومه ويتعرض لمواقف محرجة أحيانا كما أنه وجد نفسه مضطرا إلى اتخاذ مواقف لا تنسجم البتة مع سجله ومواقفه السابقة. لكن استطاع ميت رومني في النهاية كسب الرهان وتحقيق الفوز وإلحاق الهزيمة بخصومه وإسكات منتقديه، كما أنه عمل على تسويق نفسه باعتباره السياسي الحقيقي الذي يحمل لواء المؤسسة السياسية المحافظة، وهو أمر يصعب تصديقه في حقيقة الأمر.

لقد انسحب كل الخصوم باستثناء رون بول، لذلك فإن ميت رومني سيكون المنتصر غير أنه دفع ثمنا باهظا من أجل تحقيق الفوز، فأغلب الخصوم المنهزمين -على عيوبهم ونقائصهم - لم يعبروا بشكل علني وواضح عن دعمهم للمرشح المنتصر الذي هزمهم، فقد اعترف البعض ؟ على مضض ؟ بأنهم سيدعمون ميت رومني ببساطة لأنهم يريدون إلحاق الهزيمة بالرئيس الأمريكي الحالي الديمقراطي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية القادمة المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر .٢٠١٢ أما الآخرون فإنهم يعتبرون أن الانتخابات التمهيدية ربما تكون قد انتهت وحصل ما في الصدور غير أن المعركة مستمرة حول التوجهات الايديولوجية للحزب الجمهوري. هناك أيضا أطراف أخرى راحت تنتقد المسار الانتخابي وتقول ان اخلالات كبيرة تشوبه وهم يشيرون على وجه الخصوص إلى المال السياسي والانتخابي والحملات السلبية ويرون أنهم قد خسروا لهذه الأسباب.

إن السياسة الانتخابية الرئاسية أشبه ما تكون بالمرض الذي يصيب المتنافسين في انانيتهم المركزية، فأولئك الذين يدخلون السباق الانتخابي يعانون منذ البداية مشكلة «تضخم الأنا» لديهم، حتى الانتصارات الصغيرة التي يحققونها في هذا المسار تزيد من تفاقم المشكلة حتى تخرج بعد ذلك عن كل سيطرة، وهو ما تجلى هذه السنة على وجه الخصوص.

صحيح أن الكثير من الجمهوريين غير راضين عن ميت رومني غير أن مختلف المترشحين ظلوا يتنافسون بلا هوادة حيث إن كل واحد منهم قد تصدر قائمة المترشحين فترة معينة قبل أن يتراجع إما لخلل في حملته الانتخابية وعدم جدارته وإما جراء الحملات التي مازالت يخوضها ضد الماكينة الانتخابية الدعائية التابعة لميت رومني. لقد كانت النتيجة تضخم أنانية كل مرشح راح يعتقد أنه هو الأفضل.

خلال الحملة الانتخابية ظل ميت رومني يطلب ود الناخبين المتشددين. يتعين على ميت رومني أن يعيد النظر في مواقفه ويعمل على تحسين صورته من أجل تعزيز فرصه في المنافسة على أصوات الناخبين المستقلين والمعتدلين في الانتخابات العامة، غير أنه لو فعل ذلك فإنه قد يخسر الجناح اليميني من مؤيديه من الجمهوريين، الأمر الذي قد يجعل المؤيدين المترددين والمتخوفين قد لا يتحمسون لانتخابه.

لا شك أن التأييد الذي يتمتع به ميت رومني لا يخلو من الهشاشة، قد يشكل هذا الأمر نبأ سعيدا للرئيس الأمريكي باراك أوباما. لكن رغم هذه الانقسامات التي تشق الناخبين فإن استطلاعات الرأي الوطنية التي تجرى في الولايات المتحدة الأمريكية لها وجهة نظر أخرى، فالرئيس أوباما قد يجد بدوره صعوبة كبيرة لاستعادة أجزاء من قاعدته الانتخابية وإقناع الناخبين المستقلين. نتيجة لذلك، فإن أغلب استطلاعات الرأي تظهر أن السباق بين أوباما وميت رومني قد يكون متقاربا وقد تكون المنافسة بين المرشحين الأكثر حدة وشراسة في التاريخ الأمريكي.

* رئيس المعهد العربي الأمريكي



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة