عالم يتغير
لمدعي المعارضة: مطالبكم فقدت مصداقيتها ومشروعيتها
تاريخ النشر : الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢
فوزية رشيد
} من أين تستمد المشروعية حقيقتها وقوتها ومصداقيتها، لدى أي جماعة أو في أي خطاب؟ أو في أي مطالب وأينما كانت جهة انطلاقها في العالم وخاصة حين ترتبط تلك الأمور بجهة معينة ومحددة تدعي أنها معارضة تعمل في إطار الوطن ومن أجله؟ قبل أن نُفصل (بضم النون) نود أن نوضح أن ما بين المشروعية واللامشروعية في عمل أي معارضة مساحة كبيرة فاصلة، الحكم فيها هو توجهات وارتباطات وسلوكات قادتها تجاه الوطن ومصالحه الحقيقية وأمنه القومي ومصلحة الشعب في عمومه، خاصة حين ترفع مطالب بكونها معارضة سياسية وطنية، فإذا لم تستطع تلك الجهة وضع الاعتبار أو العمل وفقها، لكل ذلك فقدت مطالبها المصداقية، ومن ثم فقدت المشروعية، ولنُفصّل.
} «الوفاق» وهي الجمعية التي تشكلت مع غيرها في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، باعتبار أنها جمعية (سياسية وطنية وإصلاحية) خرقت كل مبادئ ذلك التشكيل (قانونيا) لماذا؟
منذ أن عاد رؤوس قيادتها من المنفى، وهي الرؤوس التي كانت تقود العمل السري ضد الدولة، شكلت معاً الجمعية في إطار لم يخرج عن فحوى الأداء السري السابق، إلا أن الأداء والخطاب السابقين تم العمل بهما في الإطار العلني، مع فارق الاستفادة القصوى من كل ما فتحه المشروع الإصلاحي من ديمقراطية وحرية تعبير وحريات أخرى مؤسساتية ونقابية وبرلمانية فإذا بها تستغل كل ذلك بما يتنافى دائماً مع المصالح الوطنية الحقيقية ومع المصلحة الشعبية (العامة)، ونركز هنا في لفظي (الحقيقية) و(العامة) لأنهما يتناقضان جوهريا مع أي مطامع أو مطامح فئوية أو طائفية أو ولائية خاصة، للاستحواذ التدريجي أو الانقلابي السريع على السلطة من طرف واحد. فكل ذلك يناقض أيضاً الهدف الأصل الذي تشكلت من أجله كل الجمعيات السياسية في ظل المشروعين الإصلاحي والديمقراطي، وهو هدف خدمة المصالح الوطنية الحقيقية، والمصالح الشعبية لكل مكونات الشعب من دون تفرقة أو تجزئة، وبالتالي فإن عمل أي جمعية يكتسب مشروعيته ومصداقيته من خلال ذلك الهدف المزدوج تجاه الوطن وتجاه الشعب في عمومه، مثلما المشروعية والمصداقية تكتسبان حقيقتهما من خلال توافقهما في عمل أي جمعية سياسية مع الإصلاح والديمقراطية القائمين وتطويرهما ضمن آلياتهما وليس بمحاولة الانقلاب عليهما (جذريا) أو نسفهما أو قيادة ثورة ضدهما لبناء نمط ونظام آخرين، أو العودة بالوراء من الديمقراطية المدنية إلى الديكتاتورية الولائية المرتبطة بها (الوفاق) كنموذج، وبقية الجمعيات غير المرخصة، أي أن يكون البرنامج السياسي متوافقا مع بنود القانون المنظم للجمعيات السياسية، ومع الدستور وعمل المؤسسات الأخرى التي تشكلت هذه الجمعيات معها في إطار ديمقراطي يتوافق مع الميثاق الوطني، لا محاولة الانقلاب على القانون وعلى الدستور وعلى الميثاق وعلى التوافق الوطني، وطلب تأسيس (مجلس تأسيسي) ومحاولة الانقلاب على (كل أبجديات الحياة البحرينية) وتغييرها، وليس فقط تغيير النظام أو الحكومة، وهذا واضح سواء في إعلان الجمهورية الإسلامية، أو فيما تم تسميتها (وثيقة المنامة)، وطالما لا يوجد هناك توافق وطني، فهذا إلى جانب مخالفته لأسس تشكّل الجمعيات السياسية فإنه (انقلاب فئوي طائفي) ولا تسمية أخرى له، وهو أيضاً ما يخالف كل مبادئ الديمقراطية والإصلاح والقوانين والدستور والميثاق خاصة في ظل العنف والإرهاب.
} إن أي جمعية تعمل في الوطن على أساس أنها «جمعية سياسية إصلاحية» لا يجوز لها بأي شكل من الأشكال (الدخول في أي محاولة انقلابية في ظل العنف أيضاً) مثلما لا يجوز لها الدفاع عن الإرهاب أو أصحابه بأي شكل. فعل المعارضة الصحيحة يتم بناؤه في ظل ما تشكلت من خلاله، أي في ظل مشروع جلالة الملك الإصلاحي، والديمقراطية التي هي للجميع على حد سواء أو «الديمقراطية التوافقية» مادام هناك مكونات أخرى، لها وجهات نظر أخرى تختلف تماماً عما ترفعه (الوفاق) أو أتباعها أو الجمعيات غير المرخصة اختلافاً يصل إلى حد أن يكون اختلافا جذريا في بعض المفاصل، وأن يكون العمل السياسي قائماً على وضع الاعتبار لحريات ومواقف تلك المكونات، وإلا تم اعتباره خروجاً عن كونها معارضة وطنية وشعبية وممثلة للمصالح الحقيقية لهما، وهذا للأسف ما عملت «الوفاق» وغيرها على ضرب تلك الاعتبارات عرض الحائط، فلاقت النبذ والإدانة، وفقدت مطالبها السياسية أي مصداقية أو مشروعية، سواء في الإطار الشعبي أو في الإطار القانوني لعمل الجمعيات السياسية الإصلاحية.
} لم تفقد مطالب «الوفاق» وأتباعها المصداقية والمشروعية فقط لكونها تعمل على (الانقلاب الجذري على النظام) وإن بالتدريج في حين تعمل الأخريات على الانقلاب وإسقاط النظام مباشرة فيما تدعي (السعي إلى إصلاح النظام)، وبالتالي فقدت مع ازدواجية الجمع بين (العمل الانقلابي الباطني والعمل الإصلاحي) حقيقة كونها سياسية إصلاحية، وفقدت مصداقية ومشروعية مطالبها. ولكونها (طائفية ولائية) وليست ذات توجه سياسي فقط، ولأنها خرجت عن التوافق الشعبي، ولأنها ارتبطت بالخارج دعما وتمويلا وتدريبا، ولأنها تبنت العنف وهي اليوم تتبنى وتدعم وتدافع عن الإرهاب المنظم والممنهج والممول فإنها أصبحت مادة أزمة في الوطن. وللحديث تكملة.