أخبار البحرين
في ثاني أيام مؤتمر (عصور ما قبل التاريخ)
المتحدثون يشيدون بفكرة إنشاء المركز الإقليمي للتراث العالمي بالبحرين
تاريخ النشر : الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢
أكد المشاركون في ثاني أيام انعقاد المؤتمر الإقليمي لعصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات في المنطقة العربية، في فندق الريجنسي، والذي شملته قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة برعايتها، وبتنظيم من وزارة الثقافة، بأنه لا بد أن تكون هناك توعية شاملة في العناية بمواقع عصور ما قبل التاريخ، وأن يمد المسؤولون في الوطن العربي دارسيها أهمية كبرى في تثقيفهم وتعريفهم بحقول الآثار التي تعتبر حضارة الأمة العربية والناطقة لكل وطن، كما وجد التاريخيون أن للغة وتفاصليها سواء العربية أو الأجنبية غاية في إدراك معاني علم التاريخ الإنساني، وراهن التاريخيون على دور المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي الذي افتتح مقره قبل يومين في مملكة البحرين تزامناً مع انطلاق أعمال المؤتمر الإقليمي لعصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات في المنطقة العربية.
الدكتور عبدالحليم نور الدين عميد كلية الآثار في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، «كنت رئيساً لهيئة المنظمة للمتاحف، كما إنني أول مصري جلب معرض آثار المتحف المصري في البحرين، وكان شرف لنا أن يعرض بمملكة البحرين، أما هذا اللقاء الذي يجمعنا نحن كتاريخين فهو علامة فارقة على طريق العمل في مجال الآثار في الوطن العربي، وعلاقتي بالوطن العربي قوية بكل المقاييس، وأتمنى في هذا المؤتمر لو انبثقت منه فكرة تأسيس جمعية أو هيئة علمية تعني بالآثار ما قبل التاريخ، كما وأتمنى أن تخرج هذه الفكرة من البحرين بتشكيل تلك الجمعية الحاضنة للآثار، فلو نتجه إلى أي صحراء في الوطن العربي سنجد أن المناطق الأثرية لعصور ما قبل التاريخ هي دائما بالصحراء، ودائما في عزلة وتنبش ودائما ما تغطيها العواصف والرمال، فنريد أن ننقذ هذه الآثار ولدينا تجارب كثيرة،، فأنا لدي تجربة 40 سنة في العمل الأثري. من جهة أخرى وكما هو معروف أن الآثار تسرق بسهولة، وهذا ما نريد إيجاد حل له، ونريد لصناع القرار في الوطن العربي أن يضع للآثار أولوية، لأنه تاريخ الوطن، ويجب أن تتمثل في دعم كل مشاريع التراث».
وقال التاريخي سعيد علي حامد من ليبيا معبرا عن رأيه في المؤتمر، «التنظيم جيد، ونقدر الاستضافة الكريمة من قبل الجهة التنظيمية في وزارة الثقافة، أما النقاشات فكانت مستفيضة والبحوث مميزة»، موضحا «نأمل أن يتم العمل بالتوصيات التي سيخرج بها المؤتمر، وخاصة مع المركز الإقليمي للتراث الذي أنشئ حديثا في البحرين، أن يبذل جهوداً مضاعفة لتنفيذ أكبر قدر من التوصيات»، مضيفا «يجب أن يتم الاهتمام بمواقع عصور ما قبل التاريخ، علمياً وإعلاميًا، وتوعية الجماهير بها، فحتى المسؤول يحتاج إلى توعية وإدراك لأهميتها، وقيام دراسات وبعثات وحفريات مشتركة لمجموعة من الأقطار العربية، فالمركز الإقليمي في البحرين نعول عليه كثيرا، والبحرين لها اهتمامات جمة في التراث العربي والإنساني، ونتمنى أن يكون في درجة الطموحات الملقاة عليه، وقادرا على تفعيل المواقع والعصور والتكامل العربي في مجال ما قبل التاريخ والحضارات العربية».
ومن جهته نظر الدكتور معاوية إبراهيم (من الأردن) الذي عمل في البحرين إبان فترة السبعينيات، قائلاً «لقد أشرفت على بعثة عربية نظمتها مملكة البحرين بالاشتراك مع المنظمة العربية للثقافة والعلوم، وقمنا بكشف كبير في تلال المدافن في سار، وبإجراء دراسة مسهبة حول هذه الاكتشافات التي لم يسبق لها مثيل».
كما أدلى الدكتور معاوية بدلوه تجاه المركز الإقليمي بوصفه بغاية الأهمية من أجل إعداد الكوادر والكفاءات العربية، وإجراء الدراسات والبحوث حول التراث الحضاري في المنطقة العربية، معرباً بذلك «لقد قدم التاريخيون مساهمات غنية جداً، وأرجو أن تتمكن وزارة الثقافة من توثيق الأوراق التي تداولت في المؤتمر بمجلد خاص، وأن تتوالى مثل هذه المؤتمرات في الدول العربية، فنحن بحاجة ماسة إلى تلك الحقائق العلمية».
وأضاف «يجب إيجاد برامج في الجامعات الخليجية لتكوين الكوادر والكفاءات ولا يمكن الحفاظ على حضارة المنطقة من دون إعداد الكوادر المهيأة، وإلا سيبقى هذا شعار أجوف، فالكفاءات أولاً، ومن المعروف أن لا يوجد جامعة خليجية تعنى بدراسة الآثار في برامجها».
بيوبه بنت علي الصابري مديرة التنقيب والدراسات الأثرية في وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان، رأت أن «المركز الإقليمي مبادرة جيدة من مملكة البحرين، فهو لن يخدم البحرين فحسب وإنما المنطقة بشكل كامل، وحان الوقت إلى مسح المناطق في الجزيرة العربية، فمواقعنا كثيرة وغنية، وآن الأوان لإدراجها في قائمة لجنة التراث العالمي»، مضيفة «النقاشات غنية في المؤتمر، ومكثفة، وفرصة جيدة للالتقاء بأساتذة الآثار في المنطقة نتناقش ونتداول بعض القضايا التي نحتاج إلى خبراتهم في هذا المجال»، مشددة «نتمنى الخروج بتوصية لسلطنة عمان في عدد من المواقع الأثرية، ومن خلال المداولات التي جرت في المؤتمر نريد أن لا نقدم فقط مواقع وإنما حضارات، وتدرج مثلا عشرات الآلاف المدافن البرجية في عمان في كل مناطق السلطنة، ولا تقتصر على موقع بحدود جغرافي معين، وإنما مساحات شاسعة تشمل الحضارة».
وقال عبدالرحمن الأنصاري من السعودية إن «افتتاح المركز الإقليمي مكسب كبير للمنطقة العربية، كما جاءت الموضوعات في المؤتمر بشكل حثيث وباختيار رائع وبعناية ثاقبة، وأوصي بأن كان هناك مؤتمر مقبل أن يوصي بالاهتمام باللغات لأنها أساس الحضارة، وأساس التقدم العلمي، لذلك أشعر بأن الاهتمام باللغات سيشكل لنا قفزة نوعية، فهناك الكثير من العلماء يهتمون باللغة واللهجة القديمة، وعندما يأتي أي جذر من الجذور العربية نشعر بأن الجذر العربي يقوم بأعمال كبيرة جداً ونستفيد منه فائدة عليا».
الدكتور محمد النجار من الأردن رأى أن المركز الإقليمي دوره مهم للغاية في تجميع الجهود وتركيزها في آلية المحافظة على التراث الإنساني والحضاري، ويعتقد الدكتور النجار أن مواضيع عصور ما قبل التاريخ لا تلقى رواجا في الوطن العربي، ومحاولة جمع المختصين في هذه الفترة لتدارس آفاق التراث الإنساني، هي محاولة جيدة جداً، ولو أخذنا بعين الاعتبار أن قائمة المواقع عددها قليل مقارنة بقائمة لجنة التراث، لذلك يجب حصر عدد المواقع وإعداد البيانات في الوطن العربي، والتي هي من المطلوبة أن تمكث في قائمة لجنة التراث العالمي.
الدكتور المغربي عبدالعزيز تورييظن أكد أن المركز الإقليمي مهم جداً في البحرين ومكسب للدول العربية، والبحرين معروفة باعتدالها وتعاملها مع كل الأقطار العربية بدون أي مشاكل لا سياسية ولا ثقافية، وأعتقد أن المركز تكمن أهميته في قدرة البلد على أن يحتضنه على سير أموره بالشكل الجماعي، وحقيقة أن وزارة الثقافة وخاصة وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة قامت بمجهود كبير شخصياً، وقد أحسنوا أن يكون المركز الإقليمي في المنامة عاصمة الثقافة العربية.
وأضاف «المؤتمر خلق لنا فرصة فريدة للاجتماع، وهي مبادرة مهمة جدا، والموضوع الذي يطرح بالمؤتمر ليس بالسهل وهي فترة ما قبل التاريخ، والمتخصصون فيها ليسوا بالكثر والمشاكل التي تطرحها أكبر وأعقد من المشاكل التي تطرح في المواقع التاريخية، ولذلك كانت المساهمات متعددة ومختلفة، وباختلافها وتعددها يكون هناك تمخض عن التجارب في البلدان ونظراً لانفتاحها على التقدم العلمي في البلدان الأخرى غير العربية، وهذا أدى إلى الوصول إلى مناقشات وطرح أسئلة جذرية بالنسبة إلى مستقبل هذه المواقع ومبادرة مميزة لتجد الدول العربية نفسها في منظومة قد تعطيها قوة فيما يتعلق بتسجيل مواقع جديدة على قائمة التراث العالمي».