الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


فرعون مصر على أرض فرنسا بعض ما قرأت

تاريخ النشر : الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢



كنت أنوي أن أكتب موضوعا آخر غير هذا الموضوع الذي هو أمامك الآن - قارئي العزيز - لكن حدث انه بينما كنت أفتش عن بعض المطبوعات في مكتبي فوجئت بوجود مجموعة من الاوراق تتصدرها قصة «مومياء فرعون مصر والفحوصات المختبرية الخ».. وذلك بعد ان التقطتها عيني (مدفونة) بين أرفف كتب الواقع، لقد شدني ما قرأت عن قصة نقل مومياء فرعون مصر إلى فرنسا، لذلك ارتأيت نشرها كما جاءت مطبوعة في مجموعة من تلك الاوراق.. فقد يكون ان البعض من القراء لم يسمع او يقرأ عنها بينما البعض الآخر ربما مرت عليه واطلع عليها من زمان، ويقال انها نشرت من خلال مختلف الوسائل الاعلامية. على كل، في كلتا الحالتين لنشرها فائدة ايضا لمن فاته - كما قلت - الاطلاع عليها.
تقول القصة: عندما تسلم الرئيس الفرنسي الراحل «فرانسوا ميتران» زمام الحكم في فرنسا عام 1981 طلبت فرنسا من مصر في نهاية الثمانينيات استضافة مومياء فرعون لاجراء اختبارات وفحوصات أثرية. فتم نقل جثمان اشهر طاغوت عرفته الارض، وهناك عند سلّم الطائرة اصطف الرئيس الفرنسي منحنيا هو ووزراؤه وكبار المسئولين الفرنسيين ليستقبلوا فرعون. عندما انتهت مراسم الاستقبال الملكي لفرعون على أرض فرنسا حملت مومياء الطاغوت في موكب لا يقل حفاوة عن استقباله، وتم نقله إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ليبدأ بعدها اكبر علماء الآثار في فرنسا واطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء واكتشاف اسرارها، وكان رئيس الجراحين والمسئول الاول عن دراسة هذه المومياء هو البروفيسور موريس بوكاي.
كان المعالجون مهتمين بترميم المومياء بينما كان اهتمام موريس هو محاولة ان يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني، وفي ساعة متأخرة من الليل ظهرت النتائج النهائية.. لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على انه مات غريقا، وان جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا ثم اسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه، لكن أمرا غريبا مازال يحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة اكثر سلامة من غيرها رغم انها استخرجت من البحر!
كان موريس بوكاي يعد تقريرا نهائيا عما كان يعتقده اكتشافا جديدا في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة حتى همس أحدهم في أذنه قائلا: لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء، ولكن موريس استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه، فمثل هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته الا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة. فقال له أحدهم ان قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق «فازداد ذهولا وأخذ يتساءل: كيف هذا وهذه المومياء لم تكتشف الا في عام 1898 أي قبل مائة عام تقريبا.. بينما قرآنهم موجود قبل اكثر من الف واربعمائة عام؟ وكيف يستقيم في العقل هذا؟ والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة الا قبل عقود قليلة من الزمان فقط»؟
جلس موريس بوكاي ليلته محدقا في جثمان فرعون يفكر بإمعان فيما همس به صاحبه له من ان قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق، بينما كتابهم المقدس يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى عليه السلام من دون ان يتعرض لمصير جثمانه، وأخذ يقول في نفسه: هل يعقل ان يكون هذا المحنط الذي هو أمامي الآن هو فرعون الذي كان يطارد موسى؟! وهل يعقل ان يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام؟
لم يستطع موريس ان ينام وطلب ان يأتوه بالتوراة، فأخذ يقرأ في التوارة قوله: فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد. وبقي موريس بوكاي حائرا، فحتى الانجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة. بعد ان تمت معالجة جثمان فرعون وترميمه أعادت فرنسا إلى مصر المومياء، ولكن موريس لم يهدأ له قرار ولم يهدأ له بال منذ ان هزّه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة فحزم أمتعته وقرر السفر إلى بلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين، وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكتشفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق.. فقام احدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى: «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية.. وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون».
لقد كان وقع الآية عليه شديدا.. ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته: لقد دخلت الاسلام وآمنت بهذا القرآن.. رجع موريس بوكاي إلى فرنسا بغير الوجه الذي ذهب به.. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية المكتشفة حديثا مع القرآن الكريم والبحث عن تناقض علمي واحد مع ما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة وهي قوله تعالى: «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد».
كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها موريس ان خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هز الدول الغربية قاطبة ورجّ علماءها رجّا، لقد كان عنوان الكتاب: «القرآن والتوراة والانجيل والعلم» دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، فماذا فعل هذا الكتاب؟ من أول طبعة له نفد.