الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٨ - الأربعاء ٢ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١١ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

شبابيك
قيادة المملكة والإدارة الناعمة للدولة





من المعروف في السياسة والعلاقات الدولية أن تقوم الدولة بتوظيف أدواتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية لتحقيق أهدافها وتنفيذ سياستها الخارجية، ويطلق على هذه الأدوات القوة الصلبة أو الخشنة تمييزا لها عن نمط جديد من أدوات القوة التي يمكن أن تلجأ إليها الدولة لتنفيذ سياستها الخارجية يطلق عليها وصف القوة الناعمة

ورغم ان مفهوم القوة الناعمة لم يبرز في السياسة الدولية إلا مع بداية التسعينيات من القرن المنصرم على يد الكاتب الأمريكى «فوكوياما»، فإن استخدام أدوات هذه القوة يعود إلى قرون مضت ربما يصل إلى عهد الإغريق في توظيف أدوات (الإعلام - الثقافة - الدين...) في تنفيذ السياسة الخارجية والتأثير على الأطراف الأخرى من دون اللجوء إلى الأداة العسكرية او الاقتصادية.

والملاحظ أن الدول الأكثر استخداما لأدوات القوة الناعمة في سياستها الخارجية هي الدول الأكثر نجاحا في تحقيق أهدافها الخارجية بأقل كُلفة وأكثر فعالية وكفاءة، لذا فإن انتهاج الدول مثل هذه الأدوات على الصعيد الداخلي بات من سمات القيادات الواعية الحريصة على الاستقرار المجتمعي.

وتقدم قيادة المملكة نموذجًا يحتذى في هذا الإطار، وهو ما تكشف عنه القراءة الموضوعية لإدارة الدولة على مدى السنوات الماضية بصفة عامة وخلال الأحداث المؤسفة التي عاشتها المملكة منذ ١٤ فبراير من العام المنصرم بصفة خاصة، وهو ما يتأكد في تعاملها مع الملفات والقضايا المترتبة على تلك الأحداث فيما بعد بدءا من حوار التوافق الوطني وتشكيل لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة مرورًا بإنشاء صندوق لتعويض المتضررين من الأحداث، وتنفيذ مرئيات الحوار الوطني في محاوره الحقوقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق.

إن هذا النمط الفريد في إدارة الدولة أرسى مبادئه وحدد معالمه ورسم خطاه جلالة الملك وقام بتنفيذها صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي ولي العهد، وهو يقوم على الاستخدام الأمثل لأدوات القوة الناعمة من دون اللجوء إلى أدوات القوة العسكرية أو الأمنية إلا في أضيق الحدود وأحلك الظروف وبغرض الحفاظ على كيان الدولة.

ولعل ما عاشته مملكة البحرين خلال الأيام القليلة الماضية بدءا من تنظيم سلسلة من المعارض الدولية كمعرض الكتاب، ومعرض الطيران، مرورا باستضافة العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، وصولا إلى تنظيم سباق الفورمولا ١، يمثل ثمارًا ونتائج إيجابية حصدتها الدولة بفضل سياستها الحكيمة وإدارتها من خلال القوة الناعمة.

لقد أدركت قيادة المملكة وحكومتها أن إدارة الأوطان ترتكز على احترام المواطن وتقديس حريته وحماية حقوقه، لكونه شريكًا في الوطن، لذا فإنها تحرص على ان تضع نصب أعينها تطلعات المواطن واحتياجاته وتسعى جاهدة في سبيل تلبية طموحاته وآماله، وذلك على عكس موقف بعض الجماعات التي رأت أن إدارة علاقتها مع وطنها لا يمكن أن تستقر إلا بالتظاهرات والمسيرات غير السلمية والمخالفة للقواعد القانونية.

وفي ضوء تلك السياسية الحكيمة لقيادة المملكة وحكومتها، فإنه من المثير للدهشة والريبة تلك الرؤية الخارجية المنحازة والمشوهة للواقع البحريني، سواء من حيث ازدواجية الإعلام الغربي أو المواقف الرسمية لبعض الدول الغربية، وهي مواقف متناقضة ولا تلتزم خطًّا أو معيارًا واحدًا تجاه أحداث المنطقة عمومًا، فهي تطالب حكومات بالحوار مع جماعات تتخذ العنف والتخريب منهجًا بينما تلتزم الصمت تجاه دول أخرى تخوض حربًا شرسة ضد مواطنين عزل، كما تطالب دولا بالإفراج عن معتقلين على ذمة قضايا أمنية بينما تقوم هي باعتقال أطفال ومراهقين من دون توجيه أي تهم ضدهم.

صفوة القول، إن الدولة البحرينية بنهجها القويم وسياستها الحكيمة وإدارتها الناعمة نموذج يحتذى في تحمّل المسئوليات وإدارة الأعباء بكل كفاءة وحنكة واقتدار خدمة لمواطنيها وسعيا للحفاظ على وحدة أراضيها ومواجهة كل التهديدات الداخلية والخارجية التي تعصف بوحدة الوطن واستقراره.







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة