عالم يتغير
لمدعي المعارضة: مطالبكم فقدت مصداقيتها ومشروعيتها (2)
تاريخ النشر : الأربعاء ٢ مايو ٢٠١٢
فوزية رشيد
} حين تعمل أي جمعية سياسية، أيا كانت، تحت ادعاء كونها إصلاحية ثم تحاول الانقلاب بشكل مبطن عبر دعم العنف والدفاع عنه، على المشروعين الإصلاحي والديمقراطي اللذين تأسست في ظلهما، وتغيير الدفة السياسية بشكل جذري، عبر مطالب سياسية توصلها في النهاية إلى ذلك الهدف الانقلابي الذي تتبادل جمعيات أخرى غير مرخصة العمل عليه بشكل مباشر وعبر نشر الإرهاب في الوطن، حين تفعل ذلك فإنها فورا وطبقا للقانون الذي اكتسبت مشروعية وجودها الشرعي منه، تتحول من جمعية أو جهة سياسية إصلاحية إلى جهة أو جمعية انقلابية تقفز على كل الثوابت الوطنية وعلى الإصلاح نفسه وتقترح بديلا له حسب هواها، وبما يتعارض مع المواقف والرؤى الشعبية الأخرى والرسمية الموجودة عبر نظام شرعي تعمل هذه الجهة على نسفه مباشرة أو بشكل غير مباشر، عبر ما تدعيه من مطالب سياسية، وهذا يفقد مطالبها المصداقية والمشروعية معا.
} وما يفقد «الوفاق» اليوم وغيرها من جمعيات (البصم) مصداقية ومشروعية مطالبها، كونها أنها قد خرجت من كونها سياسية إلى كونها (ولائية طائفية) أي مرتبطة من حيث المطالب والعمل أو الأداء السياسي بمرجعية طائفية تمثل (فئة في طائفة) وليست الطائفة كلها أيضا، ولهذا فان الشعب بكامل مكوناته غير ملزم أصلا لا بتلك المرجعية، ولا بتلك الجمعية أو الجمعيات التي تتبعها لكونها قد خرجت من إطار السياسة العامة إلى إطار التبعية للمرجعية الفئوية في قراراتها السياسية، وهذا مقتل بالنسبة إليها وبالنسبة إلى هويتها السياسية مهما تم نفي الحقيقة فيها، كمن يغطي الشمس بالغربال، فما بالنا حين تكون تلك المرجعية مرتبطة بمرجعيات في الخارج؟ وما بالنا أيضا حين تكون تلك المرجعيات الخارجية لديها أطماع تاريخية ومستجدة في الوطن في ظل مشروع (مهدوي) كبير، وتعمل عبر تلك الجمعيات وأتباع آخرين متطرفين وارهابيين على نسف النظام الشرعي في البحرين، لتحل مكانه بنظام ثيوقراطي تابع كما نظام (المالكي) ان لم يكن في ظل احتلال مباشر للبحرين، باعتبارها الاقليم أو المحافظة الـ14 الذي لاتزال تحتفظ بكرسيه في برلمانها؟
} هنا تصبح (المطالب السياسية الداخلية) التي تسعى لاسقاط النظام مباشرة أو عبر التدرج في تلك المطالب، تصبح المطالب في ضوء ما سبق مجرد مشجب لتنفيذ اجندات مرجعيتها، التي تريد فرضها عنوة باعتبارها (مطالب سياسية وطنية)، مثلما يصبح وجود مثل هذه الجمعية المرخصة مجرد ستار سياسي يستفيد من كل أوجه الحريات في الحياة الديمقراطية البحرينية، ليحقق أهدافا يعمل عليها آخرون أيضا لتدمير النظام الشرعي، وتدمير الحياة البحرينية في كل أوجهها، وتدمير الاصلاح وتدمير الديمقراطية ذاتها، بالانقلاب الجذري عليها جميعا واستبدال نظام ثيوقراطي (نظام الولي الفقيه) بها لاحقا وبما تريد فرضه اليوم لتصل إلى ذلك، من بدائل لم ولن يقبل بها الشعب البحريني بكامل أطيافه وطوائفه أبدا.
} حين تؤدي أي مطالب تدعي الاصلاح إلى افساد الحياة البحرينية، وادخال الخلل فيها، وتوالد الأزمات بشكل مفتعل في كل مرافق البلاد، واتباع الخطاب والأداء اللذين أوصلا إلى شرخ وطني كبير وتقسيم شعبي طائفي، وإلى خلق بؤرة فتنة داخلية، حينها نقول وبكل وضوح إنها مطالب غير وطنية وغير شعبية، وفقدت كل مصداقية لها، مثلما فقدت تماما مشروعيتها، بعد أن خرجت أيضا عن الإطار الوطني الجامع وعن أي توافق شعبي.
} والأدهى في كل ذلك من حيث فقدان المصداقية والمشروعية حين يستند أصحاب تلك المطالب الفئوية إلى العنف والتخريب بل إلى الارهاب الممنهج والمنظم، ثم يتم تسويق كل ذلك للعالم بكذب واضح لم تعد تحتمله أعصاب الناس، بأنها مطالب عبر السلمية لتحقيق الديمقراطية والاصلاح والعدالة. فأي جرأة غريبة وأي سماكة جلد في الوجه لدى هؤلاء، حين يقلبون الحقائق ويزورونها ولا يرف لجفنهم طرف؟
هنا لا تفقد تلك الجهات مصداقيتها أو مشروعيتها فقط، وانما تتحول إلى ضفة الاجرام والارهاب بشكل صريح حين هي تدافع عن ارهاب الشارع والقائمين به وعليه، لنصبح ومن دون أي ممالأة أمام ارهاب جمعيات تدعي للملأ أنها سياسية اصلاحية، فيما هي تدعم الارهاب وتدافع عنه وتروجه على انه سلمية وعلى انه دفاع عن النفس.
وهل من يرهب الناس وهو يحرق بيوتهم ويتعدى على الأرواح والممتلكات العامة ويقتل رجال الأمن ويزرع الخراب والدمار في الوطن يدافع عن نفسه؟ أي كذب هنا وأي ترويج للإفساد في الأرض وأي دفاع عنه وعن إرهاب الإرهابيين؟ وهل يحق لأمثال هؤلاء أن يرفعوا بعدها مطالب في الوطن وهم يعيثون فيه خرابا وحرقا وارهابا؟
} والأدهى أيضا بعد كل ذلك حين تستقوي هذه التي تسمي نفسها معارضة، حين تستقوي على وطنها بالسفارات الأجنبية وبالتدريب الخارجي وبالتمويل الأجنبي سواء الاقليمي أو من المنظمات الدولية وهي تعلم جيدا أن لكل تلك الجهات نهجا ومشروعا استعماريين، قائمين على الفوضى وزرع الفتنة، فتقبل أن تكون (أدوات تنفيذ داخلي) لتلك الجهات الاقليمية والدولية الاستعمارية، لتفقد صلتها الأخيرة بالوطن وبكل الشرفاء فيه، بل لتبلغ بها الوقاحة التي لا نظير لها وبما يقترب من الخبل والجنون، فتطلب (الحماية الدولية) وهي تعلم علم اليقين معنى ذلك الطلب فقط لتحقيق اجندتها فيما الحقيقة أن من يحتاج اليوم إلى حماية نفسه في هذا الوطن هو الشعب والدولة من جرائم من تدعي أنها معارضة سياسية اصلاحية وبقية الجمعيات غير المرخصة، فهي الجلاد الحقيقي وأداة الجريمة، والضحية هي الوطن والشعب البحريني الحقيقي بكامل مكوناته.
وللحديث صلة أخيرة.