الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


أم البحرين في جنات الخلد

تاريخ النشر : الأربعاء ٢ مايو ٢٠١٢



في هذا اليوم بالذات من العام الماضي وجدت نفسي في محاولة مستميتة للإمساك بالقلم لتدوين ولو خاطرة بسيطة علها تعكس ما يكنه قلبي وقلوب كل من كان له شرف الالتقاء والاختلاط بذلك الإنسان العزيز على قلوبنا جميعا. فبهذه الخاطر كنت أريد أن أرثي بها الغالية صاحبة السمو الشيخة موزة بنت حمد بن عبدالله آل خليفة رحمة الله عليها وطيب الله ثراها وأسكنها فسيح جناته، أقول بحق إنني عانيت كي أجد بعض الكلمات علها تفي حق هذا الإنسان الذي من الصعب تعويضه في هذا الزمان.
خصال الشيخة موزة غير عادية سواء تعلق الأمر بحكمة قلبها ورجاحة عقلها ومواعظها أو تواضعها، البساطة وحسن الخلق سمات لصيقة بحياتها قلما تتوافر لدى الإنسان في هذه الأيام، فقد عاشت عيشة البسطاء لم تغرها الدنيا وما بها من ملذات ولم تأخذها مكانتها ورفعة شأنها إلى التعالي على من يخالطها ويعرفها وتعرفه فقد عاشت وماتت في منزل متواضع، أحبت عيشة البسطاء لبساطتها وكانت تبتعد عن الحياة المدنية ومغرياتها، أعترف بأنني عجزت ويعجز غيري عن أن يعطي تقييما منصفا وكاملا يفي هذه الإنسانة حقها.
فهي أم الجميع أم الخير على الجميع إنها صاحبة السمو الشيخة موزة، ففي مثل هذا اليوم من السنة الماضية صحونا جميعا على نبأ حزين لوفاة الغالية أم الشيوخ، لقد كان يوما حزينا على البحرين وصعبا علينا جميعا لقد فقدت البحرين برحيلها أمّا غالية مثالية في التواضع وحسن الخلق، مرت على وفاتها وكأن الخبر الحزين طرق آذاننا أمس وليس قبل عام مضى، الجميع افتقدها ولكن مكانتها في القلوب بقت خالدة.
عند مرورنا في الطريق بجوار منزلها يصيبها إحساس عميق بأنها موجودة ولم تغادرنا إلى جوار ربها كغيرها من الصديقين الطاهرين، هذا الإحساس يزرع الطمأنينة والأمان في قلوبنا، لم أكن أتردد على منزلها يوميا ولكني كغيري كنت حريصة على زيارتها في منزلها بين فترة وأخرى، لم تمح تلك اللحظات من ذاكرتي وهي ذكريات لن تمحى كي أحكى لأحفادي خصالها ومحطات من سيرتها التي ترسخت في قلوبنا ومن واجبنا أن نزرع ذكراها في قلوب أبنائنا وأحفادنا.
كانت طيب ألله ثراها تحب الجميع الصغير والكبير على حد سواء، فأحبها الله، عند لقائها بأي كان تبادر بالترحيب بزوارها وكل من يقصد منزلها العامر فبيتها مفتوح أمام الجميع، لقد تعلمنا منها ما لم نتعلمه في المدارس والجامعات.
أعترف بعجزي عن إيفاء سموها حقها ومع ذلك فقد آثرت أن أدون ما يجول في خاطري من ذكريات جميلة نحو سموها، فأنا بنت من بناتها ومن حقها علينا أن نحفظ ذكراها الجميلة في قلوبنا، فدعاؤنا لله الواحد الأحد الفرد الصمد وطلبنا لله جلت قدرته ان يرحمها ويجزيها عن الأحسن إحسانا ويرحمها ويغفر لها ويلهم الجميع الصبر والسلوان.
ابنتك أم أحمد