الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٩ - الخميس ٣ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مادام كل الشعب يحبه ويتمسك به ويعرف أفضاله





إن من أسهل الأمور أن يستسلم المرء أو أن ييأس من عمل ما، وأن يعلن انسحابه من أداء واجب أو أي عمل مناط به، ولكن إذا كان المرء مقتنعا بعمله ومتفانيا في أداء واجبه، فإن الاستسلام واليأس لا مكان لهما في قاموسه، فكلما زاد جده وزادت مثابرته وكرّس نفسه لأداء عمله وبالأحرى واجبه كلما صعبت عملية استسلامه وانسحابه وبالتالي لم يجد اليأس طريقه إلى أجندته، لأن البناء صعب والهدم سهل ويصعب على الإنسان أن يجلس ليرى أن ما بناه يهدم.

اليائسون تراهم يتمنون أن تواجههم مشكلة أو أن تتسلل إلى خططهم معضلة أو مشكلة سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة أو أن يواجهوا بنقد سواء كان بناء أم من فعل الحاسدين، ليعلنوا انسحابهم من الواجب وأن يتركوا المجال لتعم الفوضى حين يناط بواجبهم لمن هم ليسوا أكفأ بتأدية ربع ما هم قادرون على تأديته.

فالعزيمة والإصرار والتفاني في أداء الواجب هي الجزء الإضافي الذي يقدمه الإنسان المتفاني حين يكون قد أدى ما عليه من واجب بصورة عادية، وهي لا تفرق بينه وبين الإنسان الانهزامي والمتقاعس.

وخلاصة القول هنا والكلام موجه إلى من بدأوا في الفترة الأخيرة المنصرمة في محاولة اكتشاف حدود حرياتهم متناسين أن حرية الفرد تتوقف عند حدود حرية الغير وإلا لانتقلنا من دولة القانون إلى دولة قانون الغاب، فقام هؤلاء من كل هب ودب في انتقاد رجل واحد وجهوا إليه كل الانتقادات، متناسين من هو وما يرمز إليه هذا وكأنه ليس رجل الصعاب الذي بنيت على أكتافه هذه الدولة ورسمت وقامت وفقا لسياسته المملكة، فتفننوا في انتقاده والتطاول عليه وكأن كل مشاكل البلاد معلقة بوجوده في منصبه.

فتطاول من تطاول وقّل الأدب من قل الأدب ورددوا الدعوات بتنحي سمو الأمير من منصبه، منادين بالحرية والإصلاحات، في حين أن مناداتهم هذه تثبت وجود الحرية ووجود الإصلاحات وإلا لعوقبوا لتفكيرهم بهذا الأمر، ناهيك لو أنهم تفوهوا به وقد وصلت الأمور إلى أن ظن الأجانب من غير أهل البلاد ومواطنيه أن البلاد كلها تدعو إلى تنحي الأمير من منصبه، في حين أن الغالبية من أبناء الشعب موالون له ويكنون له كل الحب والاحترام، بل يعلمون ما لهذا الرجل من أفضال في قيام هذه المملكة وما وصلت إليه، وقد شاهدنا ذلك من خلال السؤال الموجه إلى سموه في مقابلة مجلة دير شبيجل حيث سئل سموه عن رأيه في طلبات التنحي التي بات يطالب بها فئة من الشعب، فجاء جواب سموه ليثبت أنه بالفعل السياسي المحنك، حيث أجاب بأنه لم يطلب منه التنحي من قبل جلالة الملك الذي عينه، ثم إنه لو كان يرى في تنحيه حلا للمشاكل التي تواجهها المملكة لكان هو أول من تنحى عن منصبه، إلا أن طلب التنحي هو بداية لسلسلة من الطلبات التي تجس المعارضة بها النبض ليكون آخرها إسقاط النظام ككل وموالاة النظام الإيراني الذي يمول المعارضة ويديرها.

ولو سلمنا عبثا- لا سمح الله- بأن سمو الأمير كما تطلب المعارضة قد يترك منصبه ويتنحى فمن ذا الذي سيتسلم الزمام من بعده؟ فعندما تقول المعارضة وتعترف بأنه في منصبه منذ ما يقارب الأربعين عاما فإنها تعترف بأن للرجل خبرة أربعين عاما كرجل دولة محنك في حين أن من تردد بأنه سيعين في حال سقوط النظام لا سمح الله لا يمتلك خبرة أربعين يوما في هذا المجال بل ولا حتى أربعين دقيقة.

ثم في يد من سنترك؟ أفي يد من يرددون «إخوان سنة وشيعة» في حين أنهم يضمرون الحقد والكراهية لمن لا يتبع مذهبهم؟ وقد ظهر ذلك جليا حين حضرت ندوة المعارضة التي عقدتها في جنيف على حساب ودعم الجمهورية الإسلامية وتحت رقابتها في شهر مارس الماضي، والتي كان عنوانها «كيف تسحق الحريات في مملكة البحرين» حيث أعرب المتحدث باسم المعارض عن قلقه الشديد تجاه مصير إخوانه السنة ممن لن يتخذوا من الحرف المهنية أو التخصصات العليا مثل الطب والهندسة حرفة بل اتجهوا إلى العمل في وزارتي الدفاع والداخلية، فقال ماذا سيكون مصير هؤلاء عند نجاح الثورة؟ ما الحرفة التي سيزاولونها فهم لا يعرفون غير العمل في وزارتي الدفاع والداخلية، وسؤالي هنا هل بيتت المعارضة النية بأن تتخلص من كل هؤلاء السنة وأن تفصلهم من أعمالهم في الوزارتين المذكورتين إذا ما نجحت الثورة؟ لا سمح الله، ليتسائل السني حينها ويقول «يا ليتني لم أعمل في الداخلية أو الدفاع فأنا اليوم عاطل» فأقولها إن السبب الأكبر لبقائهم في الوزارتين هو كي لا يأتي ذلك اليوم الأسود الذي تنجح فيه الثورة والله المستعان على كيد الظالمين.

محامي ومستشار قانوني







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة