ضد الفاشية وليس ضد الإسلام
 تاريخ النشر : الجمعة ٤ مايو ٢٠١٢
عبدالله خليفة
تتوهم المنظماتُ المسيّسة للإسلام بشكل شمولي عنيف ومحافظ أن التقدميين والديمقراطيين هم ضد الإسلام، لكونها تتصور أنها هي الإسلام.
نحن نعزلها عن المنظمات المُسيّسة للإسلام بشكل ليبرالي وصوفي ومتعقل. رغم رفضنا هذا التسييس عامة، لأنه تمزيق لصفوف المسلمين وتصعيد لمستويات الشعوب الإسلامية في هياكلها القديمة المحافظة الخطيرة على تطورها.
نحن نركزُ في القوى والمنظمات التي تسيّسُ الدين والقومية بشكل عدواني فاشي، من دون نظرٍ لمسألةِ الطائفة.
ألم نكن مناضلين ضد نظام صدام حسين وداعين لاجتثاثهِ من جذوره؟
أليس في العرف السطحي وفي الخداع السياسي الديني أنه سني؟
فهل كنا نأبهُ لأنه سني وليس شيعياً؟
فنطبلُ له وندعمه وهو يسببُ الكوارثَ لشعبه ولشعوب المنطقة؟ فأي منطق شوفيني هذا؟
وهل المذهبية هنا ذات أهمية في نظامٍ يذبحُ البشرَ بلا رحمة؟
فهل اختلف الأمر تجاه النظام الإيراني، حين صرنا ضد النظام الايراني الفاشي مثل النظام العراقي المقبور لويتم وجوهكم وتغيرتْ سحناتُكم وأظهرتم ما خفي من طائفيتكم المسيّسة المقيتة؟
وهؤلاء الذين كانوا يصرخون ضد نظام العراق السابق صمتوا صمت القبور تجاه نظام إيران وهو يقوم بنفس الجرائم ويخطط لنفس الكوارث!
فأي تناقض هذا؟ وأي موقف ضد الدين والضمير والإنسانية؟!
أين ذهبت ذواتكم الشفافة في النضال من أجل الإنسانية ومنع الحروب وضد نشر الأسلحة الخطِرة وقمع الناس؟ هل تبخرت لأن النظامَ صار طائفياً مثل أعماقكم الوجدانية المتأثرة بالتربية العاطفية وليس بتطوير قيم العقلانية والديمقراطية في نفوسكم وجماعتكم وعلاقاتكم؟
نحن الديمقراطيين والتقدميين ليس لدينا مسألة الطوائف، ولا تعصب للأديان والمذاهب، ونقيمها حسب قربها من الديمقراطية والإنسانية والسلام والتقدم، ونقف بقوة شديدة ضد الأنظمة المتطرفة في سحق الشعوب وتصعيد أنظمتها العسكرية المغامرة، وهي تستخدمُ المذاهبَ مجرد غطاء لحروبها العدوانية وتنامي تهديداتها للبشرية.
هل قرأتم كلمة أيدنا فيها النظام الصدامي؟
من أيده وتحالف معه قوى أخرى، مُزيفة الهوية النضالية، متاجرة بالمبادئ وبالشعوب، وينبغي أن تعترف بإخطائها وتعتذر على ما بدر منها، لكي تبيض صفحتها وتطور من أتباعها وتعود بهم للديمقراطية والإنسانية.
وإنكم الآن ترتكبون الحماقات الرهيبة نفسها التي ارتكبها من سبقوكم في التعصب وعدم قراءة الخرائط السياسية بموضوعية، فتجنونَ على أنفسكم وعلى الشعوب ما جناه صدامُ وغيرهُ على العالمين.
تصبحون صداميين بأشكال طائفية في طهران والبحرين والسعودية والعراق ولبنان، وتتسع دوائرُ الجرائم وتتفشى الفاشية!
ولم يبق إلا القليل، وغدا سيكونُ السعير، ولا نريدكم أن تكونوا وقوداً لجنون الطغاة في طهران، وهم يستغلون معاناتكم ومشاكلهم وفقركم وغناكم من أجل الحرائق التي يعدونها.
غداً لن تكون ثمة مراجعة ونقد واعتراف بالخطأ، بل يكون الدمار، وكما انهارت إمبراطورياتُ العساكر تنهار إمبراطورية القهر والغرور والعدوان.
انتبهوا، تخلصوا من روابطكم مع الفاشية، مع العسكرية المغامرة العدوانية، بل قاوموها لتكتب لكم الحياة!
ابدأوا منذ الآن في قطع هذه الروابط، ابدأوا منذ الآن في حماية أطفالكم وأهلكم، في البعد عن القادة المجانين أصحاب الهلوسات القومية الدينية، في نسف العلاقات مع عملائهم والطابور الخامس العامل لتنفيذ خطط هتلر المجنون في طهران، وأفشلوا مؤامراتهم، وخربوا علاقاتهم الشريرة، واقطعوا اتصالاتهم بالمركز الفاشي، كافحوا من أجل شعوبكم وتقدمها ولشعوب المنطقة كلها، من أجل تطوير حياة الناس.
ساهموا في وقف أصابع المفخخين السياسية والعنفية.
غداً ستكون أيام وسنوات عسيرة، ستجدون كيف أن مؤامرات وأساطير قد جنت على الجميع، وخربت الكثير، وانتشر الضحايا في كل مكان ودب الخراب والدمار في أمكنة كثيرة.
في لحظات عاصفة لن يأتي المنقذ بل الدجال.
غداً ستدركون ولكن الوقت قد فات، والموتى لا يعودون، والمدن المُخربة فيها خسائر جسيمة، وما كنتم تعيشون فيه من رقي وعيش معقول لن يظهر ثانية إلا بعد تضحيات جسام وزمن مرير.
غدا ترون كيف أن الذين ساعدوا الفاشية في إيران هم كذلك خسروا، وتدمرت أجزاء من بلدانهم، وتحطمت كياناتهم، وغدوا بدلاً من الزعامات مقتولين أو مطلوبين للعدالة.
.
مقالات أخرى...
- الثورة السورية والخذلانُ العربي والدولي - (3 مايو 2012)
- المشروعُ الإيراني ينخرُ شعبَنا البحريني - (2 مايو 2012)
- تطورُ الديمقراطيةِ مرهونٌ بهزيمةِ ولايةِ الفقيه - (1 مايو 2012)
- الصراعُ غيرُ الخلاق - (30 أبريل 2012)
- مجددا حول السياسة الفاشية في إيران - (29 أبريل 2012)
- القوميات ورأسمالية الدولة - (28 أبريل 2012)
- لينين في محكمة التاريخ (٢-٢) - (27 أبريل 2012)
- لينين في محكمةِ التاريخ (١-٢) - (26 أبريل 2012)
- ارتباكُ الإصلاحاتِ العربية - (25 أبريل 2012)