الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٠ - الجمعة ٤ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بريد القراء


في السّلامة اللغوية:
الكفايات وليست الكفاءات





في الحقيقة أن الأخطاء في اللغة العربية إنما أصبحت في هذا العصر مسألة اعتيادية وطبيعية لا تدعو إلى التوقف ولا تشد الانتباه وأصبحت الصحافة اليومية مجالا لاصطياد كثير من الأخطاء اللغوية واستعمال الكلم في غير موضعه الصحيح، أي حدوث خلط في استخدام كلمات بدلا من كلمات ومفردات أخرى هي أحق بالاستعمال في مواضعها السليمة لاختلاف المعنى والدلالة. إن كل هذه الأخطاء والمغالطات إنما تدل على مدى الاستهتار بالأداء اللغوي ووضوح الفكرة، وللحق نقول إن كثيرا من المثقفين والمتعلمين في هذا العصر لا يبدون أدنى اهتمام بإغناء ذخيرتهم اللغوية وإثراء محصولهم الثقافي على نحو يسعفهم في صون أقلامهم وألسنتهم من اقتراف اللحن والوقوع في الخطأ.

وحرصا على رفع شأن اللغة العربية وإنمائها يسعدنا أن نقدم إلى القارئ الكريم - فيما يلي - بعض الأخطاء السائدة والشائعة والمتداولة في هذا العصر بين الناس التي يقع فيها المحررون والمذيعون والمحاضرون والخطباء والكتّاب وأصحاب الأعمدة اليومية في الجرائد أثناء أحاديثهم وفي كتاباتهم كي تكون معلما لهم على الطريق ولكي نحافظ على لغة القرآن الكريم.. وهاكم نماذج من الأخطاء المتداولة والشائعة مع تصحيحها:

(الكفاءات والكفايات) وشتان بين الاستعمالين:

لا يكاد يفرق الكثيرون في هذا العصر بين هاتين الكلمتين فيقع الخلط بينهما في فهم معانيهما، فكلمة «الكفاءات» مفردها «كُفء» - بضم الكاف - في اللغة العربية بمعنى: (النظير والمثيل والمساوي) وكل شيء ساوى شيئا فهو مكافئ له، ومنه قوله تعالى: «ولم يكن له كفوًا أحد» سورة الإخلاص الآية رقم (٤) أي ليس له مثيل أو ند.

«فكفاءة» في اصطلاح أهل العلم أن يكون الرجل مساويا للمرأة ونظيرها. «الكُفء» في المعاجم يعني: النظير والمساوي.

جاء في الأساس: هو كفء بين الكفاية والكفاء يريد «كُفء» أي المساوي وليس «التميّز» كما هو شائع بيننا. لهذا نسمعهم يقولون ويكتبون مثل هذا التعبير الخاطئ: المدير الجديد «كُفء» لملء هذا المنصب ويقصدون «بالكُفء» في هذه الجملة أنه مدير متميز وجدير بالمنصب وهذا خطأ فادح يقعون فيه بل الصواب أن يقولوا ويكتبوا: المدير الجديد «كفيء» لملء هذا المنصب والجمع «أكفياء» وهي من «الكفاية» أي بمعنى: أنه تتوافر في هذا المدير الجديد كل عوامل «الكفاية» من الثقافة والمعرفة والخبرة والمهارة والقدرات بحيث يتميز ويتفوق على غيره بهذه الصفات والسمات. ولهذا لا يجوز أن نقول: فلان صاحب ((كفاءة)) والصواب هو: فلان صاحب «كفاية». ونسمع أو نقرأ في الجرائد مثلا: الوزير يشيد «بالكفاءات» البحرينية وهذا الخطأ شائع شيوعًا كبيرًا في كل مكان والواقع أن هذا الاستعمال غير موفق والصواب أن يُقال: الوزير يشيد «بالكفايات» البحرينية.

و«الكفاءات» جمع «كُفء» - بضم الكاف - و«الكفايات» جمع «كفاية» وهذا اللفظ هو المقصود يعني التميز والجدارة والإخلاص.

في هذا الصدد يقول الدكتور زيان احمد الحاج أستاذ اللغة العربية: «يكثر الخلط بين معاني: أكْفاء - بسكون الكاف – وأكفياء، ويخفى وجه الصواب فيهما على كثير من مستخدميهما من الناس، فأكْفاء - بسكون الكاف - على وزن «أفعال» أي جمع كُفء، على وزن فُعْل بضم فسكون، وهو النظير والمساوي.

فإذا قلنا: فلان كفء لفلان، فهذا يعني انه له ند ومماثل، لا امتياز لأحدهما على الآخر. قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في هجاء أبي سفيان عندما هجا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أتهجوه ولست له بكفء؟ فشركما لخيركما الفداء.

ومنه الكفاءة في النكاح، وهو أن يكون الزوج مساويا للمرأة في حسبها، ودينها، ونسبها. وتكافأ الشيئان: تماثلا، ومنه أيضا، قول الرسول عليه السلام: «المسلمون تتكافأ دماؤهم» أي: تتساوى في الديات والقصاص، فليس فيها لشريف على وضيع فضل.

أما «أكفياء» وهو الصواب فهو على وزن «أفعلاء» أيضا، فجمع كفيء، على وزن «فعيل»، من الكفاية، وهي التفوق والتميز على الآخرين.

لهذا لا نقول: فلان كُفء لهذا المنصب أو العمل، لأن معناه أنه مساو له ومماثل، والأولى أن نقول: فلان كفيء، أو ذو كفاية، أو كاف له أي متميز عن غيره من حيث قدرته على الأداء والقيام به».

عباس حبيب فتح الله



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

    الأعداد السابقة