الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


لماذا مر عيد العمال فاترا؟

تاريخ النشر : الجمعة ٤ مايو ٢٠١٢

لطفي نصر



يبدو أن الاذان أصبحت مملوءة بالطين والعجين، ولم تعد قادرة على سماع النصيحة بعدم تسييس الأمور.. لقد أخذ الإصرار مداه من حيث الإقدام على صبغ كل شيء حولنا بلون السياسة المقيتة التي تفسد وتدمر كل شيء من حولنا.
رأينا الكثيرين في الآونة الأخيرة يتباكون على العمال وعلى عيدهم الذي مر فاترا من دون احتفالات ومن دون أي أنشطة.. هذه الأنشطة التي تتاح الفرصة من خلالها لترديد الشعارات والمزايدات العمالية التي تهيئ عمال الوطن لأهداف أخرى غير المزيد من العمل والإنتاج والعطاء للوطن وتمتين الاقتصاد الوطني.
التباكي مصدره هؤلاء الذين دأبوا على اقتناص أي فرصة احتفالية لمحاولة كسب زعامات وهمية وزائفة على حساب القطاع العمالي.. والمهم هو أنهم لا يبتغون غير زعامات مهما كان الثمن، فلا يهمهم كم يخسر الوطن وكم يخسر اقتصاده من وراء «اللهفة» على تحقيق هذه الرغبات المجنونة والمرفوضة.
المصيبة أنهم يتباكون على عيد العمال وعلى الاحتفال بعيد العمال.. مرددين أن الاعتراف بهذا العيد إنجاز وطني كبير، والسماح بالاحتفال به إنجاز أكبر ومكسب لا يضاهى.
تباكوا.. وتناسوا.. ولم يظهر من بينهم من يقوى على النطق بالحقيقة.. فلم يسألوا أنفسهم من الذي حقق لهم كل هذه الإنجازات والمكاسب العمالية؟.. أليس من حققها هو النظام؟.. وهم قادة الوطن الأوفياء؟
كان الأول من مايو منذ قرن واحد أو يزيد يمر باهتا.. شأنه في ذلك شأن أي يوم من أيام السنة العادية من دون أي احتفال.. ومن دون أي عطلة رسمية، ومن دون اعتراف بالحركة العمالية لا من قريب ولا من بعيد.. ومن دون هذه الكوكبة من القوانين والأنظمة التي تحمي لهم حقوقهم ومكاسبهم.
نسوا أو تناسوا أيام كان مجرد ذكر نقابة «جريمة» تتم معاقبة من يرددها وتثار الشبهات حول من ينطق بها.. ثم سمح بقيام أول تنظيم عمالي على أرض البحرين.. مرورا باللجنة العامة لعمال البحرين وصولا إلى نظام النقابات ثم الاتحاد العام لاتحاد نقابات عمال البحرين.. شأن البحرين في ذلك شأن الدول العريقة والكبرى.
وتعاموا عن الحقيقة.. هذه الحقيقة الدامغة التي تؤكد أن النظام لم يسئ إلى أي من هذه المكاسب.. ولم يلغ أيا منها.. بل كان هو الساعي دوما إلى تحقيق المزيد منها.. والراغب في البناء من فوقها.. وتعلية صروحها.. وهو الذي كان ولايزال معليا مكانة العمال من أبناء هذا الوطن، ومقدرا أفضالهم في بناء الوطن على الدوام وفي دعم وتقوية اقتصاده الوطني.
أنكروا الحقيقة وجحدوها.. فجاءت الإساءة من أعلى قمة الهرم العمالي.. عندما أرادوا تعطيل عجلة العمل والإنتاج في كل مواقع العمل.. وعندما أرادوا شل حركة الحياة على الأرض.. ومن هنا بدأت مكاسب وإنجازات الوطن تعود القهقرى.. وتتراجع معدلات النمو.. وتهتز المسيرة الاقتصادية وتختفي الكثير من القيم الجميلة التي كان يتحلى ويتفرد بها هذا الوطن.. وأصبح الظاهر على هذه الأرض الطيبة أن أبناء الوطن هم الذين يسيئون إلى الوطن.. وأن بناة اقتصاده هم الذين يسعون إلى هدمه.
فهل بعد ذلك يمكن أن يقبل أي تباك على عيد العمال الذي مر فاترا بالبحرين منذ أيام؟
ورغم ذلك.. وبعد كل ذلك.. التقى عاهل البلاد المفدى.. وسمو رئيس الوزراء.. القيادات العمالية على أرض الوطن: الأمين العام لاتحاد نقابات العمال وأعضاء الأمانة العامة للاتحاد.. وتم خلال هذين اللقاءين الكريمين تبادل وترديد الكلمات الطيبة التي تثلج الصدور وتطمئن القلوب على مستقبل الوطن.
الملك ورئيس الوزراء أعلنا حرصهما الشديد على مستقبل جميع أبناء الوطن.. ذلك لأنهم أبناء الوطن وأرباب أسر يحرص النظام بأكمله على أن تعيش هانئة وفي رغد من العيش.. وأمرا بعودة كل عامل يكون قد فصل من عمله إلى موقعه في أقرب فرصة من خلال إعمال القانون وتحقيق العدالة الكاملة.. وقالا – حفظهما الله – كلاما كثيرا أعليا من خلاله مكانة عمال الوطن.. مؤكدين أنه يجب ألا نلتفت إلى الوراء.. وعلينا أن ننظر إلى الأمام.. وأن صوت الإنتاج في كل مواقع العمل ينادي الجميع.. فاستجابت قيادة العمال في التو واللحظة ورد أقطابهم بكلام جميل مملوء بالحرص على مصلحة الوطن.. وقال الأمين العام إنه لن يبخل على الوطن بعد ذلك بأي شيء مهما يكن إلى درجة أنه لن يدخر أي جهد خاص من أجل توحيد الصفوف، وتقوية اللحمة الوطنية، وأن رائده الأول والأخير سيكون حماية الوحدة الوطنية التي لا غنى عنها لإسعاد الوطن وأهله.
ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟.. عاد جميع المفصولين إلى أعمالهم.. أو أنه لم يتبق منهم سوى القلة القليلة التي يجرى العمل على حل مشاكلهم.. وسوف تحل بإذن الله.. ولكن يبقى السؤال: هل حققت القيادات العمالية وعودها؟.. وهل عادوا إلى وفائهم الذي كان؟
مجرد سؤال.