أخبار البحرين
رئيس تجمع الوحدة الوطنية:
يستغلون حقوق الإنسان للدفاع عن مرتكبي الجرائم في حق الوطن والمواطنين
تاريخ النشر : السبت ٥ مايو ٢٠١٢
أكد الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية خلال خطبة الجمعة أمس ان بعض الدول تستغل حقوق الإنسان للدفاع عن مرتكبي الجرائم في حق المواطنين والوطن، ذلك لأنهم يريدون استثمار حقوق الإنسان للوصول إلى أطماع سياسية.
وقال: لوحظ أيضا استشراف جماعات للفتن واللجوء إلى النفخ فيها واثارتها بين اتباع الأديان واتباع المذاهب وبين الدول العربية والإسلامية.. فقد حاولوا ايقاع الفتنة بين مصر والسعودية في وقت يحتاج كل منهما إلى الآخر من أجل خدمة الأمن العربي والإسلامي.
ودعا الدكتور المحمود ناقلي الأخبار ومستخدمي أدوات الاتصال الحديثة الى أن يكونوا على وعي بأن أعداء الأمة العربية والإسلامية لن يناموا.
(التفاصيل)
في خطبته ليوم الجمعة بجامع عائشة أم المؤمنين بمدينة الحد تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية عن حقوق الإنسان وحقوق المجتمعات والتحذير من الفتن المتنامية بين الدول العربية والإسلامية.. حيث قال فضيلته:
كرامة الإنسان حق رباني
عندما خلق الله الإنسان قرر له الكرامة حقا شرعيا باعتباره إنسانا مخلوقا من الله تعالى، وقد قرر الله تعالى هذا الحق بقوله سبحانه وتعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)» الإسراء.
حق الكرامة للإنسان باعتباره إنسانا
هذا الحق يثبته الله تعالى لكل إنسان باعتباره إنسانا، من دون نظر واعتبار لإيمانه بالله الذي خلقه أو عدم إيمانه به، من دون نظر أو اعتبار للونه أو دينه أو لغته أو انتمائه إلى مكان أو زمان، وعلمه أو جهله، وتقدمه أو تأخره في سلم الحضارة الإنسانية.
وهذه الكرامة يستحقها كل إنسان في الكون منذ أن خلقه الله تعالى وأسجد له ملائكته وإلى أن تقوم الساعة.
انتهاكات حقوق الإنسان في أكثر الأزمان
لكن بعض البشر أفرادا ودولا وأنظمة على مدى التاريخ البشري وحتى يومنا الحاضر مارسوا وما زالوا يمارسون كثيرا من الأعمال مع إخوانهم في الإنسانية بعيدا عن الالتزام بحق الكرامة الإنسانية التي قررها الله تعالى لعباده.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وفي محاولة من المنظمات الدولية لحفظ الكرامة الإنسانية اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلن أن تناسي حقوق الإنسان وازدراءها أوصل البشرية إلى أعمال همجية تؤذي الضمير الإنساني.
وقد جاء في المادة 30 من هذا الإعلان: (ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه).
مقارنة بين كرامة الإنسان في الدين الإسلامي وفي التشريعات الحديثة
1 - التشريع الرباني يقر مبدأ الكرامة الإنسانية بناء على أن جميع البشر هم إخوة في الإنسانية تناسلوا من أب واحد وأم واحدة، فيقول الله تعالى: «يَا أَيلاهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)» سورة النساء.
بينما كثير من الدول المتقدمة لا تعترف بالأخوة الإنسانية بين البشر. وقد رأينا كيف أذاقت الدول المستعمرة شعوب الدول التي استعمرتها الهوان والأذى ونشرت بين أبنائها الفوضى أو زرعت بينهم أسباب الحروب والدمار والشقاق واستباحوا ثرواتهم وعملوا على تجهيل تلك الشعوب ليستمروا في نهب تلك الثروات وعملوا على عدم تقدمها، لأنهم يرون أن أبناء الدول المستعمرة خير من أبناء الشعوب التي استعمروها، وأن دماء أبناء تلك الشعوب المستعمرة أغلى من دماء أبناء الشعوب التي استعمروها، لأنهم لا يؤمنون بالأخوة الإنسانية.
وانظروا إلى تحيز تلك الدول خصوصا الدول الغربية للصهاينة على حساب الشعب الفلسطيني منذ أن أعلنت الأمم المتحدة قيام دولة إسرائيل وإلى يومنا هذا.
وانظروا إلى ما تفعله الدول الكبرى وخاصة أمريكا هذه الأيام بالدول التي دخلتها الجيوش الأمريكية في أفغانستان والعراق، فما قيمة الدم الأفغاني والدم العراقي لديهم؟ وانظروا إلى ما تخطط له أمريكا في بعض الدول وتعمل على نشر الفتن بين أبنائها تنفيذا لمصالحها وسياساتها كما كانت تريد أن يحصل في البحرين وهم يعلمون أن أصحاب الفتنة في البحرين هم من ذات التوجه الذي سيطر على العراق.
2 - التشريع الرباني يوازن بين كرامة الفرد وبين كرامة بقية أفراد المجتمع، فيقرر شخصية العقوبة على المجرم الذي يعتدي على حقوق الآخرين، ويقرر حماية المجتمع من الجريمة والعمل على الحد من استفحالها.
ففي شخصية العقوبة يقول الله تعالى: «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ» سورة البقرة، ويقول تعالى: «يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرلا بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى» سورة البقرة، وفي حماية المجتمع من استفحال الجريمة يقول عن تشريع القصاص: «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)» سورة البقرة.
أما المشرعون في الدول الغربية وخاصة فإنهم لا يعيرون حماية المجتمع الأهمية التي ينبغي أن تحاط بها، ولذلك فإن معظم تلك الدول ألغت عقوبة الإعدام عن المجرمين الذين يقتلون الناس بغير حق، بل يحاولون أن ينشروا هذا المبدأ في العالم كله.
استغلال بعض الدول الغربية حقوق الإنسان للوصول إلى أطماعهم السياسية
ونرى في زماننا هذا كيفية استغلال حقوق الإنسان للدفاع عن مرتكبي الجرائم في حق المواطنين والوطن ولا يأبهون بها لأنهم يريدون أن يستثمروا حقوق الإنسان للوصول إلى أطماعهم السياسية؟
وقد رأينا في الفتنة التي مررنا بها موقف بعض الدول من الوقوف مع حق المعتدين في المحاكمة العادلة بدعوى تطبيق حقوق الإنسان من دون اعتبار لحق المجتمع في الحصول على الأمن والأمان والاستقرار والسلم الاجتماعي.
ماذا فعلت أمريكا والدول التي أعانتها على احتلال العراق الجريح بالشعب العراقي؟ هل نظرت إلى المليون ونصف المليون عراقي من السنة والشيعة على حد سواء تم قتلهم أيام سيطرتهم على الحكم في العراق بعد احتلاله وهم يعلمون الجناة من الزعماء السياسيين والزعماء الدينيين، لكنهم لم يحركوا منظمات حقوق الإنسان في العالم ضد أولئك الذين انتهكوا حقوق الإنسان لأنهم كانوا يريدون تدمير العراق وقتل شعبه وتمزيق الأواصر بين أبنائه لتحقيق مشروعاتهم السياسية الممزقة للدول والشعوب العربية والإسلامية.
هل يمكننا أن نثق في إدارات تلك الدول ونحن نرى ممارساتها معنا على أرض الواقع؟
اتخذت بعض الدول الكبرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة للضغط على الدول التي تريد أن تفرض عليها سياساتها أو تغير من أنظمتها أو تغير من حكامها أو تغير حدودها ومصير شعوبها.
نقف مع حقوق الإنسان وضد انتهاك حقوق المجتمع
لسنا ضد حقوق الإنسان التي قررتها الأمم المتحدة وتصادق عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولكننا ضد أن تستخدم المنظمات العالمية لحقوق الإنسان هذه الحقوق من دون اعتبار لحقوق بقية أفراد المجتمع في العيش بسلام وأمن وأمان.
مطالبة بموقف موحد لإعادة التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع
إن دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مدعوة أكثر من أي يوم آخر إلى أن تقف مع الدول العربية والدول الإسلامية لإعادة التوازن في الإعلانات الدولية بين حقوق الإنسان الفرد وحقوق المجتمع الذي يعيش فيه هذا الإنسان، لنحقق لجميع البشر الحق في العيش الآمن والعدالة والمساواة والكرامة التي تدعو إليها المواثيق والمعاهدات الدولية.
التحذير من الفتن المتنامية بين الدول العربية والدول الإسلامية
يقول رسول الله (ص): (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ) متفق عليه.
وإننا نرى هذه الأيام جماعات تستشرف لهذه الفتن وتتطلع للنفخ فيها وتعمل على إثارتها بين أتباع الأديان وأتباع المذاهب وبين الدول العربية وبين الدول الإسلامية كما حاول البعض إيقاع الفتنة بين مصر والمملكة العربية السعودية، في هذا الوقت الذي تحتاج كل من مصر والمملكة العربية السعودية إلى بعضهما البعض لاستقرار الوضع في مصر، ولتتبوأ مصر مكانتها التي كانت لها بين الدول العربية والإسلامية والدولية في خدمة أمتها العربية وأمتها الإسلامية. لذلك ندعو جميع الذين ينقلون الأخبار ويستخدمون أدوات الاتصال الحديثة أن يكونوا على وعي بأن أعداء الأمة العربية والإسلامية لن يناموا وأنهم يعتمدون على وجود من ينشر أسباب الفتنة لتحقيق مآرب الأعداء فما يصيبنا أذى من مكر أعدائنا إلا بمقدار ما يجدون من بيننا من يعينهم على تحقيق أهدافهم.
اللهم أحم الدول العربية والإسلامية من مكر الماكرين وحقد الحاقدين وكيد الكائدين، ورد كيدهم في نحورهم، وسلمنا من شرورهم، واجعل الدائرة عليهم وأشغلهم بأنفسهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا ذا القوة المتين، واجعل لنا من لدنك نصيرا.