أخبار البحرين
الشيخ فيصل الغرير: الحياة الطيبة في الاستجابة لله والرسول
تاريخ النشر : السبت ٥ مايو ٢٠١٢
قال الشيخ د. فيصل الغرير في خطبة الجمعة أمس: يقول الله تبارك وتعالى: «كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله».
الله عز وجل في هذه الآية مدح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيا تُرى لماذا مدح الله عز وجل هذه الفئة المؤمنة، ومن سار على ما ساروا عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان الصادق.
إن الجواب إخوة الإيمان في هذه الآية الكريمة وفي غيرها وهو القيام بهذا الدين العظيم الامتثال لأوامر الله ونواهيه والثبات على المبدأ الصحيح. يقول الله تعالى: «إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون.
وروى أبوهريرة رضي الله عنه أنه قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم «لله ما في السموات» والله على كل شيء قدير فقال أبوهريرة رضي الله عنه، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لماذا تشتد عليهم، لأنهم يعرفون بأن الأمر تطبيق وعمل وأنه لابد من تنفيذ هذه الآية، قال أبوهريرة رضي الله عنه فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والجهاد والصدقة، كأنهم يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم هل رأيت منا تقصيراً؟ هل رأيت منا مخالفة لك؟ وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا، بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» إنه لامتحان صعب، ولكن السمع والطاعة هما الأساس الذي سار عليه الصحابة رضي الله عنهم فقالوا: «سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» يقول أبوهريرة رضي الله عنه: فلما اقترأها القوم أنزل الله في إثرها: «آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون».
يقول أبوهريرة رضي الله عنه: فلما فعلوا ذلك تجاوزوا الامتحان فأنزل الله «لا يكلف الله نفسا الا وسعها»، قال الله نعم قد فعلت.
فمتى فعل الله هذه الأشياء لما رأى هذه القابلية في تنفيذ الأحكام والسمع والطاعة. يقول تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسولهُ أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم».
والذي دعاني للحديث في هذا الموضوع هو أن التأصيل الشرعي والثبات على المبادئ والتمسك بدين الله عز وجل في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية غاية يجب على كل مسلم أن يسعى لها، مهما تغير الزمان والمكان، وتكاثرت المغريات ونحن في عصر الماديات التي تركض إليها النفوس ركضاً سريعاً.
أيها المسلمون: إن النظر في واقع المسلمين وفي بدايات البعثة المحمدية، ودخول القلة القليلة من المسلمين لهي صور مشرقة من صور الثبات، حري بالمسلم أن يعتبر بها، حيث الثبات والصبر على أذى وتعذيب كفار قريش للمسلمين، ومع ذلك صبروا ومنهم من قتل، وما قصة آل ياسر عنكم ببعيدة. إن المسلم لا بد أن يتعظ بهذه الصور في حياته التي يعيش فيها، فقد يواجه صراعا حادا بين الحق والباطل، ويواجه بضغوط من إخوانه وأهله ومجتمعه لفعل أمر محرم مخالف لشريعة السماء، فتجده يقترض قرضاً ربوياً ويتعامل بالحرام ويتكسب بالحرام من أجل هذه الدنيا الزائلة ويحتج بالمجتمع والذين من حوله، وأنه يريد مستقبل الأولاد الذي يبنيه من الحرام والباطل. إن الواجب على المسلم أن يثبت على دين الله عز وجل فوالله - إخوة الإسلام - إن الذي يتمسك بهذا الدين ويترك الباطل لله عز وجل، فإن الله رازقه خيراً عظيماً، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه»، فمن ترك الربا لله عوضه الله خيراً منه وكم سمعنا من أناس تركوا البنوك الربوية لله عز وجل إلا فتح الله عليهم أبواباً كثيرةً بالحلال إنه الإخلاص والثبات على هذا الدين والبحث عن الحق والصواب.
إن الرضا المبتغى هو رضا الله عز وجل لا رضا الناس.
ونأتي إلى أمر مهم على أرض الواقع وهو أن أي مسألة أو أي قانون أو أي نازلة نزلت بالمسلمين لا بد من عرضها على الكتاب والسنة، حتى لو كانت في اسمها بعيدة عن الدين كالقوانين الاقتصادية والتجارية والسياسية، فكل هذه من الدين ولا يجوز فصل الدين عن الحياة. وأخيراً أوصيك أخي المسلم: إياك إياك أن تتنازل عن دينك أن تتنازل عن مبدئك أن تتنازل عن الحق من أجل تحقيق أمنية من الأماني، أو لحل مشكلة من المشاكل، ولا تبادر إلى أي شيء فيه شبهة إلا أن تسأل عنه فالخير في الدينا والآخرة، والنجاة في التمسك بالحق والخسران في الدنيا والآخرة والضياع في البعد عنه.
أما بعد إخوة الإيمان: إن الرسالة المحمدية والشريعة الإسلامية لضرورية في إصلاح العبد في معاشه ومعاده، فكما أنه لا صلاح له في آخرته إلا باتباع الرسالة، فكذلك لا صلاح له في معاشه ودنياه إلا باتباع الرسالة، فإن الإنسان مضطر إلى الشرع، فإنه بين حركتين: حركة يجلب بها ما ينفعه وحركة يدفع بها ما يضره. والشرع هو النور الذي يبين ما ينفعه وما يضره، والشرع نور الله في أرضه وعدله بين عباده، وحصنه الذي من دخله كان آمناً. انتهى كلامه رحمه الله.
إن المسلم الذي يسير في هذه الدينا وفق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ليعيش في سعادة وفي طمأنينة قلبية، لأنه أطاع الله عز وجل وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم». فالحياة الطيبة في الاستجابة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، أما حياة الفشل والغم والحزن والضيق فهي في البعد عن منهج الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم طاعتهما. يقول تعالى: «ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى».