مقالات
جائزة نوبل لمجلس التعاون الخليجي
تاريخ النشر : السبت ٥ مايو ٢٠١٢
الأحداث المؤلمة والمجازر البشعة التي تشهدها سوريا اليوم بكل مأساويتها، تمثل برهاناً حياً على حصافة المبادرة الخليجية حيال اليمن، وما ترتب عليها من حقن للدماء وتحويل لمسار الأزمة؛ بل انهائها تقريباً بأقل ما يمكن من الخسائر والمآسي والشرور.
ولو عدنا بالزمن قليلاً إلى الوراء، لأدهشتنا تعليقات بعض المسئولين والسياسيين في دول اقليمية مجاورة ضد المبادرة الخليجية ووصفها بأنها تدخل سافر في الشأن اليمني، إلى ما هنالك من تعليقات عدائية ثبت اليوم أنها لم تكن سوى إرهاصات لنوايا تلك القوى الاقليمية نحو الشعب اليمني، واستهانتها بدمائه وشهدائه وضحاياه في سبيل اجندتها الاقليمية والسياسية التي تكتظ بالأطماع والنوايا السوداء. وهذا بالضبط ما يجري الآن لسوريا وشعبها، الذي تتم التضحية به بلا رحمة على مذبح النوايا والاطماع السياسية والاقليمية لبعض الأنظمة التي أصبحت شريكاً أساسياً في بحر الدم السوري.
إن دول العالم كلها باستثناء دولة أو اثنتين اعترفت بأن المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية لم تصدر من نوايا اقليمية طامعة أو أجندة سياسية. وأكثر من ذلك نجحت هذه المبادرة في تحقيق غالبية مطالب الشعب اليمني، وحقنت الكثير من دمائه، بل تضمنت نوعاً من المساهمة الخليجية الايجابية في إعادة مسيرة التنمية في اليمن ومساعدة شعبها على تجاوز تلك الأزمة الطاحنة التي هددت أمنه بل وجوده وتاريخه ومستقبله.
وبهذه المكاسب التي لا تكاد تحصى.. وبهذه الحصافة البالغة الانسانية في المحافظة على دماء اليمنيين وأمنهم واستقرارهم وتنميتهم، حققت المبادرة الخليجية ما لم تحققه أي جهود دولية على الاطلاق في قضية مماثلة، بما في ذلك قضية كوسوفو والقضية الصربية وغيرها من القضايا الدولية التي هددت السلم والامن العالميين علاوة على ما كبدته لابناء تلك الدول من ضحايا ودماء وخسائر لا يمكن حصرها.
لقد نجحت المبادرة الخليجية في حل واحدة من أكثر الازمات تعقيداً في هذا القرن، وفي دولة ذات تاريخ مليء بالازمات والدماء والحروب الاهلية والقبلية، علاوة على خصوصيات اخرى عديدة كالنظام القبلي المعقد، والتعدد العرقي والاثني والطائفي، والامتداد الجغرافي والفقر والامية وغير ذلك من الأسباب التي من شأنها مراكمة الكثير من أسباب الدمار والخلافات المستحكمة.. فعلت المبادرة الخليجية ذلك من دون استخدام جندي واحد ومن دون إراقة نقطة دم واحدة ومن دون تحريك أساطيل جوية وقوات برية وهدر عشرات المليارات من الدولارات، كالتي انفقها التحالف الغربي في كوسوفو أو صربيا أو حتى ليبيا..!
ولو استثنينا تحركات القاعدة والحوثيين، وهي تحركات لم تكن جزءاً من (الربيع اليمني)، فإن الاستقرار الذي تنعم به اليمن اليوم يتجاوز استقرار دول (ربيعية) اخرى.. وكل ذلك بفضل المبادرة الخليجية، التي حيكت في وجهها الكثير من المؤامرات وتعرضت لانتقاد دول وقوى سياسية آثمة وذات أطماع واجندات مكشوفة.. لا لشيء الا لأن هذه المبادرة اجهضت احلام تلك القوى في الهيمنة على قرار الشعب اليمني وسرقة ثورته وتضحياته.
نقول ذلك، ونحن نراقب ما يجري في سوريا، وما يجري في ليبيا، بل ما يجري في العراق التي تعيش فوق برميل من البارود الطائفي والاثني القابل للانفجار في أي لحظة رغم كل الادعاءات والمزاعم بالاستقرار والديمقراطية.. لنصل إلى الخلاصة الأولى التي نحن في صددها، وهي: أن النجاح الذي تميزت به دول مجلس التعاون والمبادرة الخليجية في معالجة الازمة اليمنية لا مثيل له في العصر الحديث، لأنها لم تصدر من أطماع سياسية ولا من أجندات اقليمية مأزومة في ذاتها.. ولأنها هدفت بالدرجة الأولى والاخيرة إلى حقن دماء الشعب اليمني وتجنيبه الكثير من المصائب والشرور التي كانت تخبئها الازمة وتقاطع الاجندات الدولية والاقليمية.
أما الخلاصة الثانية، فهي استحقاق مجلس التعاون على هذا الانجاز غير المسبوق جائزة نوبل للسلام، التي سبق أن حصلت عليها هيئات دولية نتيجة انجازات متواضعة جداً وبكل المقاييس بالمقارنة مع الانجاز الخليجي في اليمن.
إنني أدرك تماماً أن جائزة نوبل لم تعد تلك الجائزة الجليلة للغاية، والفائقة القيمة، وخصوصاً بعد ان تم تسييسها، وبعد ان نالها بعض من هم دون مواصفاتها واستحقاقاتها، بحسب قناعتي الشخصية، إلا أنها تبقى أعلى الجوائز الكونية مكانة في مجال السلام العالمي.
والطريق إلى جائزة نوبل للسلام يبدأ من الترشيح الذي تبادر إليه هيئات دولية مرموقة ومعترف بها.. من مثل الجامعة العربية ومنظمة العالم الاسلامي وغيرها. واقتراحنا أن تبادر هذه الهيئات منذ الآن الى ترشيح مجلس التعاون الخليجي، لجائزة نوبل للسلام، باعتبارها حقا طبيعيا لهذا المجلس على مبادرته الناجحة بامتياز لاحلال السلام في اليمن وبالتالي في هذه المنطقة الشديدة التعقيد من النواحي الجيوسياسية والانسانية والاقتصادية.
في الشأن الوطني:
أيها الشوريون.. توصيات بسيوني ليست مرجعا تشريعياً مع احترامنا لأعضاء مجلس الشورى الذين تداخلوا عند مناقشة تعديل المادة 168 من قانون العقوبات.. إلا أننا نستغرب أطروحاتهم التي أدلوا بها واعتبروا بها توصيات لجنة بسيوني أصلاً مرجعياً لصياغة القانون البحريني..!! وهذا من أغرب ما يمكن أن يحصل في مجلس تشريعي على الاطلاق يفترض به المعرفة بأن مرجعيتنا الوطنية تنحصر في ميثاق العمل الوطني والدستور.. ولا شيء غير ذلك.