الجريدة اليومية الأولى في البحرين


رسائل


من يريد إقحام لبنان في المستنقع السوري؟

تاريخ النشر : السبت ٥ مايو ٢٠١٢



بيروت - من: أورينت برس
لاتزال العملية التي قامت بها القوات البحرية التابعة للجيش اللبناني بضبط سفينة محملة بالأسلحة كانت في طريقها إلى سوريا، محط تجاذب وجدال في الأوساط اللبنانية، حيث تبرز نظريات كثيرة حول الجهة المسؤولة عن تمويل هذه السفينة وإرسالها تحديدا عبر البوابة اللبنانية إلى الداخل السوري، وما ينطوي عليه هذا الأمر من إقحام للبنان في مستنقع الأزمة السورية بينما حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اعلنت مرارا وتكرارا انها تلتزم سياسة الحياد والنأي بالنفس.
التحقيقات لاتزال جارية لمعرفة ملابسات العملية، وما اذا كانت «سفينة لطف الله-2» هي الاولى من نوعها لنقل السلاح من لبنان إلى سوريا، او حتى ما اذا كانت في الحقيقة تذهب لدعم الثوار وليست مجرد فبركات امتهنها النظام السوري.
«اورينت برس» أعدت التقرير التالي:
لطالما وجه رموز النظام السوري الاتهامات إلى قيادات لبنانية، ولاسيما قيادات قوى 14 مارس، بأنها تمول الثوار والجيش السوري الحر وتمده بالمال والسلاح عبر الحدود اللبنانية في الشمال والبقاع، ولئن غابت الأدلة والبراهين حول صحة هذه الاتهامات في السابق، تتمسك الجهات الحليفة لسوريا في لبنان اليوم بحادثة ضبط السفينة المحملة بالأسلحة في مرفأ سلعاتا بالجرم المشهود لتؤكد مزاعمها السابقة. في حين تؤكد جهات اخرى ان الامر لا يعدو كونه مسرحية من اخراج نظام دمشق.
نظريات مختلفة
ومن المعلومات التي جرى تسريبها إن الممولين لهذه الباخرة ولشحنة الأسلحة على متنها هما اثنان من رجال الأعمال السوريين المقيمين في إحدى الدول الخليجية كما أن صاحب الباخرة من الجنسية السورية وقبطانها سوري أيضا، والجميع يدور في فلك المعارضة السورية. لكن هناك من يشكك في صحة هذه المعلومات.
وفي انتظار جلاء التحقيقات مع طاقم السفينة «لطف الله- 2»، التي اقتادتها البحرية اللبنانية إلى مرفأ سلعاتا الفارغ بينما اقتادت الـ11 فردا كانوا على متنها إلى التحقيق، لمعرفة خلفيات شحنة الأسلحة والجهة المرسلة إليها، أشارت المعلومات الأولية إلى ان السفينة كانت محملة بثلاث حاويات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وانها خرجت من ليبيا في طريقها إلى تركيا، ومن تركيا إلى الإسكندرية، ومن الإسكندرية إلى المياه الإقليمية الشمالية اللبنانية حيث وقعت بقبضة الجيش اللبناني بعدما تلقى إخبارية عن السفينة من القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) تحذره من دخول السفينة المحملة بالسلاح إلى لبنان. وكانت دوريات اليونيفيل البحرية قد تكثفت في الأشهر الأخيرة مع تزايد الحديث عن تهريب الاسلحة من لبنان إلى سوريا لكن القوات الدولية لم تتمكن من ضبط أي عملية تهريب سابقة.
وما يدفع إلى التساؤل حول كيفية عبور الباخرة المرافئ الثلاثة، وماذا فعلت الباخرة في تركيا، ولماذا لم يكشف عليها في مرفأ الإسكندرية، وكيف عبرت كل هذه المسافة البحرية من دون أن يعترضها أحد؟
جدل كبير
حتى الآن لم تشر الجهات المختصة في الجيش اللبناني ولا المحكمة العسكرية إلى تورط أي جهة لبنانية في أعمال الباخرة المثيرة للجدل، لكن العديد من المصادر السياسية حذرت من العبث بالأمن اللبناني من خلال الاستغلال الرخيص لقضية الباخرة قبيل انجلاء التحقيقات.
وفيما تتهم قوى 8 مارس خصومها، ولاسيما نواب تيار المستقبل، بتمويل الباخرة وتحميلها بالسلاح بغرض إسقاط النظام السوري الذي تكن له العداء الشديد، اكدت مصادر في 14 مارس أن كل تسريبات الباخرة هي مسرحية معدة بسذاجة من اجل اتهام قوى المعارضة اللبنانية بالتورط في تسليح المعارضة السورية، وبالتالي التمهيد لهجوم على معارضة لبنان ووضعها في مرمى الاستنكارات الدولية، وإباحة القيام بأعمال عدائية ضد أفرادها.
ورجحت أوساط اعلامية محسوبة على 8 مارس أن هذه الأسلحة متجهة إلى المعارضة السورية، اذ انها لو كانت متجهة إلى الجيش النظامي السوري لما كان قد أوقفها الجيش اللبناني وذلك لأن اتفاقيات عسكرية تحكم العلاقة بين لبنان وسوريا، وقالت هذه الاوساط ان توقيف سفينة الأسلحة إنما يكشف عن انتقال الدول الداعمة للمعارضة السورية إلى مرحلة تنفيذ وعودها بدعم المسلحين في الداخل السوري، متسائلة: «هل هذه السفينة الأولى من نوعها التي تأتي بالسلاح إلى الجماعات المسلحة في سوريا؟ ولاسيما ان الكشف عن مصدر السفينة الذي تبين أنها قادمة من ليبيا يكشف أن قطر تقف وراءها وخصوصا أنها الجهة الداعمة للجماعات الإسلامية هناك».
ومن الروايات المتداولة في أروقة حلفاء سوريا اللبنانيين ان شخصية لبنانية طرابلسية توجهت الشهر الماضي إلى مصر حيث عقدت عدة اجتماعات مع قادة إحدى المجموعات المسلحة في ليبيا بحضور بعض أعضاء مجلس اسطنبول السوري المعارض وتم الاتفاق خلال الاجتماع على تزويد المجموعات المسلحة بأسلحة مضادة للدروع بنصف الثمن الأصلي في السوق. وأضافت المصادر «ان الشخصية الطرابلسية رددت خلال الاجتماع أن تنسيقاً ما سيجري مع قوات اليونيفيل البحرية لغض النظر عن حمولات الأسلحة التي ستصل إلى ميناء طرابلس اللبناني بغية تهريبها إلى الداخل السوري».
تدخل دولي
من جهته لفت مسؤول لبناني محسوب على دمشق إلى أن كمية الأسلحة المضبوطة ونوعيتها تشيران إلى منحى خطر في تصاعد الأزمة في سوريا لناحية كون عملية إمداد المجموعات المعارضة في سوريا بالسلاح تخطت أعمال التجارة المحدودة فما ضبط بحسب المسؤول ذاته، يعني أن ثمة قراراً كبيراً على مستوى المنطقة وربما على مستوى العالم، يقضي برفع مستوى تسليح المجموعات الإرهابية مع ما يعنيه ذلك من نية لتوتير الأوضاع خلف الحدود اللبنانية في ظل الحديث عن مبادرة أممية تهدف إلى منع الحرب الأهلية في سوريا.
ورأى المسؤول اللبناني القريب من دمشق أن هذه الشحنة الضخمة كانت متجهة على الأرجح إلى سوريا ولا قدرة لأفراد على تحمل سعرها ونفقات نقلها، بل إن تمويلها وتأمين وصولها إلى هدفها بحاجة إلى عمل على مستوى مؤسسات دول وأجهزة، وأشار إلى أن هذا المستوى من العمل يختلف عن جمع 20 بندقية من السوق اللبنانية مثلا وإرسالها إلى سوريا وهو ما دأب بعض الجهات الداعمة للثوار في لبنان على فعله خلال الاشهر الماضية ومنذ تفاقم عملية انشقاق الجنود من الجيش النظامي وانضمامهم إلى الجيش السوري الحر.
اليوم، نقلت السفينة من مرفأ سلعاتا إلى قاعدة جونية البحرية فيما نقلت حمولتها من الأسلحة إلى مخازن الجيش اللبناني، واوضح محمد خفاجي، مالك السفينة، أن سفينته نقلت المستوعبات التي قيل إنها تحمل الأسلحة على أنها زيوت محركات متجهة لصالح شركة في طرابلس في لبنان، نافيا إطلاقاً أن تكون السفينة قد تم اعتراضها في عرض البحر من قبل «اليونيفيل» أو الجيش اللبناني واقتيادها إلى مرفأ سلعاتا، وقال إن «السفينة رست في مرفأ طرابلس وتم إنجاز معظم أوراقها، إلى أن أتى زورقان كتب عليهما «البحرية اللبنانية» طلبا إلى ربان السفينة عدم إنزال حمولتها في طرابلس والانتقال إلى مرفأ سلعاتا وهذا ما حصل»، مؤكداً أن خلف القضية «هدفا سياسيا ما».
وفيما تحدثت مصادر عن وجود اسلحة ثقيلة وصواريخ متطورة على متن السفينة، رفضت مصادر معنية بالتحقيق تأكيد أو نفي ما تردد بشأن وجود عدد من الصواريخ المضادة للطائرات ضمن الأسلحة التي عثر عليها، واكتفت بإعلان أسلحة خفيفة ومتوسطة وعرضها.
من جهة ثانية، اشار بيان تابع للجيش اللبناني إلى ان المستوعبات الثلاثة التي ضبطها الجيش على متن السفينة كانت مليئة بالأسلحة الرشاشة وقذائف آر بي جي وصواريخ مضادة للدروع وكمية ضخمة من المتفجرات، وتحدثت مصادر دولية عن ان من حق الجيش مصادرة هذه الأسلحة وضمها إلى ترسانته بعدما اثبت كفاءته في منع التهريب.