بالشمع الاحمر
من يكون الأحمق؟
تاريخ النشر : الأحد ٦ مايو ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
التعديلات الدستورية الجديدة تعطي البرلمان صلاحية الإطاحة بالحكومة، وهو ما تنص عليه المادة 21 من الدستور. هل يفهم البحرينيون معنى هذه المسألة؟ هذا يعني باختصار أن البرلمان باتت له اليد الطولى على السلطة التنفيذية في حين أن السلطة التنفيذية ليس لها أي يد على السلطة التشريعية، ويعني أيضاً أن أي عجز برلماني في محاسبة السلطة التنفيذية لن يكون سببه من الآن فصاعداً نقص الصلاحيات الرقابية والمحاسبية في البرلمان، وإنما سيكون الخلل في النواب أنفسهم، وخصوصاً أولئك الذين يمكن تحييد أصواتهم أو شراء ذممهم بحسب المواقف والمصالح.
من جديد يجب أن نذكّر بأن التعديلات الدستورية الأخيرة التي صادق عليها جلالة الملك قد أحدثت تغييرا جوهريا في مسيرة الديمقراطية في البحرين، وهي نقطة فاصلة في تاريخ البلاد ربما لم يستوعبها البعض حتى الآن. ومع ذلك، فإننا نقول ونؤكد أنّ من لا يريد الإصلاح، وليست الديمقراطية هي هدفه الحقيقي، سوف يجد لنفسه ألف عذر ومخرج كي يستمر في سياسة التخريب والتدمير. على رأس هؤلاء جماعات «المعارضة» التي يعمل منتسبوها برقائق إلكترونية مصنوعة في إيران. وهم لا همّ لهم سوى الإنكار والجحود والتصعيد، فلا هم اعترفوا بأخطائهم الفادحة في العام الماضي وما أدى بالبلاد إلى حافة الهاوية، ولا هم يعترفون بأي إصلاح تقوم به الدولة، وإن اعترفوا بذلك سابقاً فإنهم سرعان ما يتلوّنون بحسب الإشارات الصادرة إليهم من مركز البث..! في حين يستمرون في دعم الحرق والتخريب وترويع الآمنين ودفع البلاد إلى الصدام بغية تعميق الشرخ الطائفي الذي عليه يتغذون.
حينما كانت كتلة «الوفاق» ممثلة في البرلمان، مارس أعضاؤها العمل السياسي بكل صنوفه الواسعة والضيقة، وكان من بين ذلك خداع الناخبين والاستنفاع من الوزراء والمسئولين لتحقيق مصالح «شخصية»، وشاركوا في إقرار قانون تقاعد النواب الذي أخذ من مال الوطن ما أخذ، بل هم من قادوا القانون وفصّلوه على مقاساتهم ليكون إجبارياٌّ وليس اختيارياٌّ، وطبعاً كي يخدعوا شارعهم - كما هو حالهم على الدوام - استصدروا فتوى من «المرجعية» تجيز أخذ مال تقاعد النواب، وبالفتوى يلجمون أفواه المنقادين خلفهم. بمعنى آخر، هم مارسوا الدجل السياسي ولم يكونوا ديمقراطيين لا مع مؤيديهم ولا مع وطنهم، واليوم من خارج البرلمان الذي صالوا وجالوا فيه وأخذوا منه ما أخذوا لأنفسهم، يدّعون أنهم يطالبون بالديمقراطية التي استنفعوا من ورائها.. والأحمق هو من يصدقهم