راصد
السيادة والانفتاح
تاريخ النشر : الثلاثاء ٨ مايو ٢٠١٢
جمال زويد
سيادة الدولة تعني السلطة العليا للدولة على رعاياها وعلى المنظمات والهيئات والجماعات والمؤسسات داخل حدود هذه الدولة، ولا يمكنها أن تتهاون أو تفرّط في ممارسة سيادتها مهما كلّفها الأمر. حيث إن التساهل في ذلك تحت دعاوى الشفافية أو الانفتاح أو ما شابهها من مصطلحات إنما قد يكون بوابة دخول لإضعاف الدولة وإسقاط هيبتها والتأثير في ممارستها لسيادتها على أرضها ووطنها.
ولذلك ينبغي - بعد الأحداث المؤسفة التي مرّت بوطننا العزيز - أن يُصار إلى إعادة النظر في مسألة الترخيص والسماح للمنظمات والجمعيات الأجنبية التي تزاول أعمالها في الدولة بمسميات أو شعارات بات من الضروري تأطيرها قانونياً وفق آليات يحتاج اليها البلد وتعود بالنفع والفائدة على المواطنين.
في أواخر الشهر الماضي قررت جمهورية مصر العربية رفض منح ثماني منظمات أمريكية ترخيصاً بالعمل على الأراضي المصرية، وبينت في أسباب الرفض أن آلية مزاولة هذه المنظمات أنشطتها تشكل انتهاكاً للسيادة المصرية على أراضيها، وحذرت من أنه في حالة عمل هذه المنظمات على الأراضي المصرية من دون ترخيص ستقع تحت طائلة القانون.
وبالنظر إلى ماهية هذه المنظمات الأمريكية التي رفضت مصر الترخيص لها سنجد أنها منظمات مجتمع مدني وهيئات حقوقية واجتماعية وتبشيرية وأمثالها من تلك المؤسسات التي صار من الواضح مقدار الأدوار المشبوهة التي تلعبها في مختلف الدول، ولا سيما العربية والإسلامية.
السلطات المصرية في إطار ممارستها لحقها السيادي والمحافظة على هيبتها لم ترخص حتى لمركز كارتر لحقوق الانسان، وهو المنظمة التي تحمل اسم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والتي تنشط في مجال مراقبة الانتخابات حول العالم حيث أراد مركز «كارتر» نشر مراقبين وراصدين للانتخابات المصرية؛ للعمل في فرق بجميع أنحاء البلاد لمراقبة وتقييم استعدادات ما قبل الانتخابات، وترسيم حدود الدوائر الانتخابية وتحديد نطاق حملات توعية الناخبين ومدى فاعليتها وإصدار تقارير عامة دورية في أثناء العملية الانتخابية لتقاسم النتائج مع الأطراف المعنية المصرية والدولية، بالضبط كأنها دولة داخل دولة.
والمؤسسات التي لم يُرخص لها في مصر الحبيبة منظمة «الحقوق والحريات العالمية» و«معهد الأمن الأمريكي» و«هيئة التعليم العالمي» و«الكنيسة الإنجيلية الناصرية العالمية» منظمة «بذور السلام» ومنظمة «الأقباط الأيتام» و«جمعية قديسي الأيام الأخيرة الأمريكية».
وورد في الأهداف (المعلنة) لتلك المنظمات الدعوة إلى السلام ومنع الحروب وإزالة العداء ومجالات الإغاثة الإنسانية وتقديم خدمات في مجالات الزراعة والصرف الصحي، بالإضافة إلى تدريب كوادر طبية وتحسين مستوى معيشة الأطفال الأيتام وما شابه ذلك من غايات، وهي في حقيقتها واجهات وأغطية لممارسة أدوار نفوذ وضغط وهيمنة وتدخل، انتبهت السلطات المصرية إلى زيفها وحجم أخطارها.
تصحيح:
كتبت في سانحة عمودي يوم أمس الذي حمل عنوان «أسد عليّ وفي الحروب نعامة» ما يلي: «قتلى وضحايا بطش النظام والجيش السوري بين أبناء شعبهم يفوق بكثير ضحاياهم في العدو الصهيوني - إن وُجدت ضحايا أصلاً -. بمعنى أن (الأسد) يقاتل في المكان الخطأ، فينطبق عليه قول الشاعر: «أسـد علي وفي الحروب نعامـة» ويبدو أن بعض القراء الأعزاء قد التبس عليهم تعبيري، ففهِم أني أقول بعدم أو قلة وجود ضحايا للعدو الصهيوني. وما عنيته في سانحتي أن النظام والجيش السوري قتل من أبناء شعبه أكثر من قتله للإسرائيليين، وكان الأولى له أن يقاتل جيرانه اليهود. وبالتأكيد لا يمكن لأحد أن يشكك في المذابح والمجازر التي ارتكبها الصهاينة في حق إخواننا الفلسطينيين. فأرجو المعذرة.