في الصميم
... وإلى متى السكوت؟!
تاريخ النشر : الثلاثاء ٨ مايو ٢٠١٢
لطفي نصر
ليست هي المرة الأولى التي يعرب فيها مجلس الوزراء عن استنكاره استمرار خطباء المساجد والجوامع في استغلالهم للمنبر الديني، وتسخيره لأغراض سياسية، واتباع اسلوب التحريض على العنف والطائفية، والدعوة إلى مخالفة القانون.
وإلى متى التعدي والاساءة إلى المؤسسات الدستورية، والتعدي السافر والمرفوض على القضاء، والاضرار بالاقتصاد الوطني.. ثم محاولة فرض رؤية فئوية على جميع مكونات الشعب؟ إلى متى؟!
أقول إنها ليست المرة الأولى.. وأؤكد أنها لن تكون الأخيرة.. كما أؤكد أن البعض قد حول رسالة هذه المنابر من الاصلاح والتنوير إلى التضليل والتخريب وشق الصف الوطني.. وما دام هؤلاء قد أكدوا انحرافهم ونجحوا في تحريف الرسالة التي حض عليها الاسلام منذ ما يزيد على اربعة عشر قرنا من الزمان.. وما دام أنهم قد وصلوا إلى منعطف خطر، ألا وهو الرغبة في تحقيق زعامات دنيوية بعيدة عن رسالة الدين الحنيف.. فإن تدخل ولاة الأمر لتصحيح المسيرة والممارسة قد اصبح أمرا ملحا، والتدخل هنا حتما لن يكون بعيدا عن الاجراءات العقابية الحاسمة والرادعة.. فلم تعد تنفع مجرد الدعوة التي أعلنها مجلس الوزراء إلى معتلي هذه المنابر الجليلة إلى تحمل مسئولياتهم الوطنية والشرعية تجاه حفظ دور المنبر الديني، بما يعزز قيم الوسطية، ويكرس مبادئ المواطنة والخطاب الديني الجامع.
اكرر.. الحسم اصبح مطلوبا الآن لتصحيح الصورة المشوهة.. بعد أن كثرت وتكررت الرجاءات والتوسلات إلى معتلي المنابر بالرجوع إلى جادة الحق والصواب، والالتزام برسالة المنبر ومنهجه كما رسمها ديننا الاسلامي الحنيف للذين يعتلون المنابر باسمه وعلى هديه.
لم يعد الرجاء أو التوسل مطلوبا.. بعد أن ركب الكثير من الخطباء موجة اللهاث من اجل الحصول على زعامات سياسية وهمية.. وبعد أن تعالت الدعوات التحريضية الاجرامية من اجل القتل والتدمير والتخريب مثلما جاء في دعوة (اسحقوه)، من أجل ترويع الآمنين، وشق الصف الوطني، والتمهيد للمساومة على بيع الوطن لأعدائه.
أرجو ان يوضع توجيه سمو رئيس الوزراء الوزارات المعنية إلى المسارعة فى اتخاذ الاجراءات القانونية اذا تكررت هذه المخالفات المنبرية الصارخة موضع التنفيذ - ويقيني انها سوف تتكرر بعد ايام قلائل - كما أرجو أن تؤخذ أقوال سموه وتشديده على «الرفض التام لأي مساومة على أمن الوطن ووحدته، وواجب حماية منجزاته، وصون مصالحه العليا مأخذ الجد والاهتمام».. فقد كان سموه واضحا وشديد الحسم في هذا المقام عندما قال: «لا حصانة لأحد قبالة أمن الوطن والوحدة الوطنية، وإن دور المساجد والمنابر يجب أن يكون جامعا لا مفرقا وموحدا وداعيا للتعايش».. اللهم فان سموه الكريم قد بلّغ، والكرة الآن في ملعب الوزارات المعنية بتصحيح مسار رسالة المنابر الجليلة.
هذا فيما يختص بالناحية المتعلقة بالرجاء إلى معتلي المنابر.. اما الناحية الثانية والمتعلقة بالاستغراب من استمرار العنف على ارض البحرين، والرغبة المستميتة في تدمير الوطن وسحقه، والتسليم الكامل لدعوات الباطل.. هذا الأمر وجدناه متجسدا في بيان مجلس الوزراء خلال جلسته أمس الأول عندما أعرب المجلس عن استغرابه من استمرار البعض في التشبث بالعنف والارهاب منهجا، رغم حرية التعبير ومبادرة الحوار والاصلاح المتاحة أمام الجميع.
أما الغريب في الامر والمترتب على استغراب مجلس الوزراء، هو اكتفاؤه بإدانة هذا الاستمرار في العمليات الارهابية، التي تستهدف رجال الأمن أثناء تأديتهم واجبهم الوطني في حفظ النظام.. ومنها التفجير الارهابي الذي وقع في بني جمرة، واستهداف حياة رجال الأمن أثناء قيامهم بواجبهم.
صحيح أن مجلس الوزراء مجتمعا قد أكد أن العدالة ستلاحق مرتكبي هذه الجرائم الارهابية، وان القانون كفيل بردعهم، وايقاف ممارساتهم التي يرفضها الدين، وتنبذها الأخلاق التي جُبل عليها المجتمع البحريني.. ولكن وجه الاستغراب المترتب على استغراب مجلس الوزراء سببه الصبر الذي تجاوز حدوده.. وهذا السكوت عمّا يفعله المعتدون، الأمر الذي شجعهم على التمادي في عدوانهم.. وارتكاب المزيد من الاستهتار بحياة ومقدرات الناس من دون ذنوب اقترفوها.. وهذا أصبحت له الكثير أو العديد من الأوجه وكلها مستنكرة ومرفوضة.. والسكوت عليها مجلبة لكثير من الضحايا والمصابين.. وتواصل نزيف الدم الذي يسيل من الأجساد.. وهل هناك تماد اكبر من هذا التفجير عن بعد؟.. وهذا النوع الشديد الخطورة من التفجيرات هو نفسه الذي استخدم في تفجير وارهاب بني جمرة!
البحرين كلها وجميع محبيها يسألون: إلى متى السكوت؟!