دول الخليج ومتطلبات التوجه إلى «الاتحاد» وحماية الاستقرار
 تاريخ النشر : الأربعاء ٩ مايو ٢٠١٢
بقلم: ماجد محمد الفيحاني*
الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي اصبح قضية محورية للكثيرين من اصحاب القرار السياسي، في الوقت الذي ظهرت فيه دلالات على اهمية ذلك اقليميا ودوليا، الذي جاء نتيجة رياح «الربيع العربي»، ونتائجها الاقليمية.
والاهم من هذا، ان هذه الدول اصبحت في قلب ما تسمى «نظرية المؤامرة»، التي بدأت مرحلتها الاولى في التنفيذ من خلال ما نشاهده على ارض الواقع بعد ان اصبحت مجتمعات هذه الدول تشهد حالة خطرة من ممارسة «العنف السياسي» لتختزل بذلك حالة من عدم «الاستقرار» الذي شهدته الحياة الاجتماعية طوال السنين الاربعين الماضية.
اذ انه ليس سرا انه في سياق استمرار مسببات تقويم اساسيات الاتحاد الخليجي حسب متطلبات مرحلة «التغيير»، فان نتائج هذه المسببات بدأت تظهر شيئا فشيئا في دهاليز واروقة الدواوين الحاكمة.
وحين يتم التدقيق في منحنيات الخطر الممتدة بانعطافاتها الشديدة التي حذر منها وفضحها قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان منذ عدة اسابيع مضت، فانه من المؤكد ان المواطن الخليجي قد يكون لم ينتبه جيدا لسرعة ما يدور حوله من تغيرات، وعليه ينطبق المثل القائل انه لا يعرف شعاب مكة الا اهلها.
فاذا كان هذا هو وضعنا والرؤية للأمور لتعايشنا مع التغيير، فانني شخصيا اعتقد ان حسابات اصدار القرارات السياسية ستكون صعبة على المدى البعيد.
إذًا، فان هذا الوضع يحتم على حكوماتنا الولوج والنظر إلى مسببات استمرار حالات «العنف السياسي» وسط الدولة «المدنية»، علما ان المسببات قائمة على السلوك والتنشئة السياسية المرتبطين بالتركيبة المجتمعية المتمثلة في المذهبية والعقدية والطائفية والفئوية، وأيضا استفحال الازمات بين القوى السياسية المحلية، ومنها ازمة فقدان الثقة التي تجتاح صفوف النخب المجتمعية.
بهذا الوضع، فانه من المؤكد ان الذي نطرحه حول اشكالية «العنف السياسي» يشكل صورة «شاملة» للاتجاهات السائدة في المنطقة.
فالقضية لها دلالات واسعة وخطرة، كما انها تدل على افتقار المكون المجتمعي لهذه الدول إلى مبدأ نظريات التقدير «الحدثي»، وغياب في اصول الخيار المبني على أهمية التغيير ومواكبة استراتيجيات التطوير، بعيدا عن الاخذ بالنظريات المعنية بالادراك والمعرفة في مجال قيادة وإدارة الامم والشعوب.
إن هذه الاشكالية لها معادلة قائمة في قاموس السياسة الخليجي تتمثل في قاعدة «لزوم ما يلزم»، علما انها معادلة شعرية من اجل زيادة الايقاع الموسيقي يتخذها الشعراء في قصائدهم، ورغم انها تلقي جميع عبارات الجمال والابداع، فهي مباحة، وهذا ما ترفضه ذهنية الاذكياء.
ولنلق نظرة سريعة على الظواهر المؤدية إلى العنف السياسي، والمستمدة من تجارب القياس التاريخية، فقد انتج هذا العنف انظمة ديمقراطية واخرى دكتاتورية، وجميعها انعكست على الهويتين السياسية والاجتماعية لمجتمعات دانت لها.
وبدهيا، ولا مجال من ان النتيجة ستكون عنفا مستمرا يسقط كل الاقنعة، وخاصة اذا ادركنا ان العنف في مسيرة التطور الانسانية، رغم اشكاله المتعددة، تصل مراحله إلى درجات مختلفة من الشغب، ولكن جميعها مدمر.
خلاصة القول ان اسباب ومكونات العنف السياسي لا تختلف عن مكونات مصطلح التطرف، واذ لم تتم معالجتها فقد تصل إلى بداية مراحل من التحولات تؤدي في النهاية إلى مشكلات لابد من مواجهتها بحسم في وقت مبكر وبرؤية واضحة لعواقب التأخر في المواجهة المطلوبة.
* عضو اللجنة التأسيسية للهيئة الدولية لكتاب الصحافة
.