لك الله.. أيها الشعب السوري الأبي
 تاريخ النشر : الأربعاء ٩ مايو ٢٠١٢
إذا كان ضحايا النظام السوري الإجرامي يتساقطون ويتزايدون, يوما بعد يوم, فان دماءهم وأرواحهم لن تذهب هدرا وهباء.. بل ستظل خالدة وشاهدة.. وستروي الثرى السوري وتخلد قضية شعبه.. وستكون لثوار (سوريا), الزاد والسند والذخر.. وستحقق لهم النصر, وتحطم أغلالهم التي كبلتهم, على مدى أربعين عاما, من الاستغلال والاستعباد والاستبداد. ان الشعب السوري قد أطلقها صرخة مدوية, شقت عنان السماء في وجه الظلم والجبروت, وضد قوى الشر والطغيان والإذلال: فكان لسان الشاعر (أبي القاسم الشابي) يعبر عن حال الشعب السوري, الذي ذاق من العذاب والاضطهاد والبطش ألوانا على أيدي النظام وزبانيته, حتى طفح به الكيل فانطلق ثائرا.. فقال الشاعر في حقه:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
لقد وقع على الشعب السوري ظلم كبير.. فقد أهينت كرامته, وسلبت حقوقه وخنق صوته, وقيدت حريته, وعندما حاول أن يتظاهر, من أجل تحقيق مطالبه, تصدى له النظام البعثي الطاغي, وأطلق عليه وحوشه وكلابه, يذيقونه الويل وعظائم الأمور.. فمارس مع أفراد شعبه, أبشع أنواع التعذيب والتنكيل.. وأذاقه الهوان, كؤوسا مترعة.. وقام بضربه وجلده وجرحه واعتقاله وتعذيبه.. واطلق عليه الرصاص,وجها لوجه, وصب عليه صواريخه وقذائفه ومدمراته.. ولم يرتكب من ذنب سوى انه كان يطالب بحقه المهضوم ويعبر عن رأيه المخنوق. وق أطلق الشعب السوري استغاثته إلى اخوانه والمسلمين, وإلى الجامعة العربية فلم يجد عندهم ما يداوي علته, وما لا يشفي جراحاته غير المسكنات والمراهم الوقتية, وعما رفع مظلمته, إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحاكم الدولية وجدهم يتقاعسون ويترددون في انصافه والاخذ بحقه.. مع أن الظلم الواقع عليه, كان واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار.
وكانت الشواهد دامغة ومدينة.. لكن لأن الظالم والمجرم والقاتل يداه طويلتان وتحميه قوى الشر فلم يتعرض للحساب ولم يتخذ ضده العقاب الرادع.. لذلك تمادى في بطشه وتنكيله وتقتيله للأبرياء والمسالمين. ان (الأمم المتحدة) و(مجلس الأمن) و(المؤسسات والجمعيات الحقوقية العالمية) و(أمريكا) و(أوروبا).. تكيل بمكيالين في تطبيق الجزاء والقصاص فلو ان (إسرائيليا) قتل على يد فدائي (فلسطيني), لقامت الدنيا ولم تقعد من أجل (إسرائيل).. ولانتقمت (إسرائيل), لنفسها أشد الانتقام.. ولتدخلت لنصرتها (أمريكا) و(أوروبا).. ولهبت (الأمم المتحدة) و(مجلس الأمن) و(المحاكم الدولية) للدفاع عنها وعن حقها في الرد العسكري.. ولو كان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني بأكمله لكن أن يقتل شعبا – الشعب السوري – بريئا واعزل, جهارا ونهارا.. فانها جريمة تحتاج إلى حوار وتهدئة, وليس إلى عقاب ضد القاتل (النظام الحاكم) لقد عبر الشاعر (احمد شوقي) عن هذا التناقض المفزع, فقال:
قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
قضية فيها نظر
إن دماء الشعب السوري غالية جدا.. فهي دماء الشهداء والأبرياء, الذين يذهبون غدرا والذين يذودون عن الوطن, وينافحون في سبيل الحرية والكرامة، ويتصدون للظلم والقهر والاستبداد والتعذيب والتطرف والطائفية والله تعالى ناصرهم ومؤيدهم.. وهو القائل في كتابه العزيز: «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير» فالمهم.. الا يتنازل الشعب السوري عن قضيته الجوهرية والمصيرية وهي اسقاط النظام الوحشي, واستبداله بنظام ديمقراطي.. يراعي الحقوق, ويطبق العدالة, ويمارس الشورى. إن الثورة السورية السلمية لا شبيه لها في التاريخ الا حركة الاحتجاج الهندية التي تبناها المهاتما (غاندي) والتي طالبت الاستعمار البريطاني بالرحيل وقد دامت تلك الثورة طويلا وبذلت من أجلها الكثير من الدماء والأرواح لكنها صمدت حتى نالت حريتها وكذلك الثورة السورية سيشرق عليها فجر التحرر والاستقلال بإذن الله, بعد كل ذلك الصبر والمعاناة.
عبدالله عبدالله المناعي
.