الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

علي زايد:

قانون التعطل مشروع سياسي بالدرجة الأولى وضريبة مقنّعة

تاريخ النشر : الأربعاء ٩ مايو ٢٠١٢



ذكر وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في رده على سؤال النائبة سوسن تقوي حول عدد الحالات غير المشمولة بالقانون رقم 26 لعام 2011 بشأن نقل احتياطات موظفي الحكومة وضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام المؤمن عليهم عن مدد خدمتهم أو اشتراكهم في التأمين بين صناديق التقاعد والتأمين الخاضعين لها.
إن عدد هؤلاء بلغ 1348 موظفا غير مشمولين بنقل احتياطات موظفي الحكومة بين صناديق التقاعد.
وقالت سوسن تقوي في ردها على الوزير: إنني شخصيا أرى ضرورة إعادة النظر في مشكلة هذا العدد الكبير من المواطنين المتضررين ودراسة إمكانية مدّ مظلة قانون 26 لسنة 2011 حتى تشملهم جميعا وان اضطرنا هذا إلى تقديم مشروع بقانون لتعديل القانون المذكور، فهذا هو دورنا تجاه المجتمع البحريني بكل فئاته، ونتمنى من هيئة التأمينات الاجتماعية أن تبدي معاونتها بتعميق الدراسة لنتمكن متعاونين من حلّ هذه المشكلة، وأن تشمل جميع تلك الحالات بالقانون رقم (26) لسنة 2011 فهؤلاء أبناء الوطن وقدموا الجهد والتضحيات ولا بد من مساواة جميع المواطنين بحسب ما يؤكد الدستور.
وفيما يتعلق بالعاملين في السلك العسكري والأمني الذي اعتذر الوزير عن الإجابة عنه، فإنني أطالب أيضا من الدولة من وزير المالية ووزير الداخلية ووزير شئون الدفاع بالنظر في شئون موظفيهم من جنود الوطن وحراس الأرض البواسل الذي يدفعون أرواحهم لحماية الوطن، ومن الواجب ردا للجميل والوفاء أن تبادر الوزارات المعنية بإعادة دراسة الأمر لما فيه من مصلحة للموظفين، ونحن على ثقة بأن الوزراء الأفاضل أحرص منا على مصلحة موظفيهم ورعاية مصالحهم وتأمين مستقبلهم ومستقبل أسرهم وأبنائهم.
وفي رد النائب علي زايد حول الايرادات التي تم تحصيلها منذ بدء سريان قانون التأمين ضد التعطل حتى تاريخه، قال النائب علي زايد: سأعرض عليكم اليوم ثلاثة أرقام تبين أهمية الموضوع الذي نحن بصدد مناقشته الرقم الأول: 251,872,329 مائتان وواحد وخمسون مليون دينار بحريني.
الرقم الثاني: 23,590,668 ثلاثة وعشرون مليون دينار بحريني.
والرقم الثالث: 228,281,661 مائتان وثمانية وعشرون مليون دينار بحريني، يعني حوالي ربع مليار دينار بحريني.
أما الرقم الأول فيمثل ما تم اقتطاعه من الشعب وأصحاب العمل والحكومة.
والرقم الثاني: يمثل ما تم صرفه من إعانات وتعويضات، جزء بسيط منها ذهب إلى المتعطلين الفعليين عن العمل، وأما الجزء الأكبر فتم صرفه كإعانات للباحثين عن عمل لمدة لا تزيد على ستة أشهر لكل منهم بحسب القانون.
أما الرقم الثالث وهو المهم فيمثل الفائض من نسبة الاستقطاعات المطبقة في قانون التعطل، علما بأن هذا الرقم لا يتضمن الأرباح الناتجة عن استثمار أصول الحساب بحسب البند (4) من المادة الخامسة من قانون التأمين ضد التعطل، والتي لو قدرناها بمتوسط عشرة ملايين دينار سنويا فنحن نتحدث عن خمسين إلى ستين مليونا إضافية، كما لم يتضمن المبالغ الإضافية والفوائد المستحقة في حالات التأخير كما تنص عليها المادة (5) من القانون نفسه.
تفصيل الأرقام موجود في إجابة الوزير، ولكني عرضت على مجلسكم الموقر أهم ثلاثة أرقام.
هذا القانون الذي تم تمريره بمرسوم ملكي في عام 2006 ووافق عليه النواب - غفر الله لهم - وبعضهم على مضض بنية تعديله فيما بعد، لكنهم لم يمكَّنوا من ذلك لأسباب عدة.
يؤسفني أن أقول إن هذا المشروع لم يكن القصد منه معالجة مشكلة المتعطلين عن العمل كما ينص عليه مسماه، بل لم تكن هذه القضية تمثل مشكلة أصلا، أما القصد الحقيقي من المشروع فكان سياسيا بالدرجة الأولى لحلّ مشكلة البطالة أو تخفيف آثارها السياسية ولكن تحت عباءة التعطل عن العمل.
السؤال الموجه إلى الوزير تضمن أربعة أجزاء وقد جاء الرد على الجزء الأول والثاني والثالث وافيا من حيث الايرادات والخاضعين للقانون والحاصلين على الإعانات والمصروفات (سلايد).
أما الجزء الرابع من السؤال فقد جاء ناقصا حيث بين الوزير الفائض ولم يبين أية مصروفات أخرى تم صرفها من هذا الرصيد وخاصة فيما تشير إليه المادة (7) من نفس القانون من حيث المصروفات الإدارية وغيرها مما يجعل الأمر مجهولا.
ومع البحث يتبين أنّ نصيب الباحثين عن عمل من التعويضات يشكل نسبة 99% ونسبة الحاصلين على تعويضات من المتعطلين فعليا هي حوالي 1% تقريبا.
وفي إجابة سابقة لوزير العمل عن سؤال النائب السابق إبراهيم بوصندل والتي تمثل حتى 2009 تبين الآتي:
المتعطلون عن العمل من القطاع الخاص شكلوا 479 شخصا.
المتعطلون عن العمل من القطاع العام شكلوا 4 أشخاص.
المتعطلون عن العمل من الوافدين شكلوا صفر شخصا.
الباحثون عن عمل شكلوا 91,507 أشخاص.
إذاً الوافدون استفادتهم من المشروع صفر% وكذلك موظفو الحكومة استفادوا بنسبة صفر في المائة تقريبا.
كيف إذا يكون القانون للتعطل عن العمل أو التأمين على الوظيفة كما يسمى، ثم لا يستفيد منه المؤمّنون إلا بنسبة صفر% تقريبا للوافدين والحكومة، و1% للقطاع الخاص بينما يذهب 99% تقريبا من الصرف إلى الباحثين عن عمل؟
إذا هو قانون لتعويض الباحثين عن عمل وليس المتعطلين.
من المبررات يقولون إنه من باب الضمان الاجتماعي أو من قبيل التكافل المجتمعي فلماذا لم يسوّقوه الى الشعب البحريني بهذا الوضوح ولماذا قدّم على أنه تأمين ضد التعطل؟
أما الفائض فقد بلغ حوالي (ربع مليار دينار بحريني) ثلثه اقتطع من أصحاب العمل وثلثه من العمال، مع ملاحظة أن أغلبية الباحثين عن عمل تم تغطيتهم في السنوات الأولى ما يجعل الفائض قابلا للزيادة بشكل أكبر في السنوات القادمة (سلايد جريدة الأيام) وبالرجوع إلى المادة الثامنة البند (ج) من قانون التعطل يتبين تحويل الفائض إلى حساب الاحتياطي العام للحساب، ولا يجوز التصرف فيه إلا بغرض زيادة الحد الأدنى والحد الأقصى.. الخ، ويبقى السؤال: هل مازالت الحاجة ماسة إلى الاستقطاع أم إيقافه - على الأقل - ولو بشكل مؤقت؟
إن تحليل الأرقام والمعلومات الخاصة بقانون ومشروع التعطل عن العمل يثبت لنا أن المشروع كله عبارة عن تجميع أو تلصيق لمجموعة من الأفكار والنوايا بعضها ظاهر وبعضها مخفي، وان القصد منه لم يكن التقنين لمعالجة مشكلة التعطل، وإنما تقديم حل سياسي للبطالة والباحثين عن عمل والتي ينص الدستور على أنها مسئولية الدولة كما في المادة الخامسة البند (ج) ونصها: «تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة...الخ»، وهذا يعتبر تخليا من الدولة عن واجبها الدستوري وإلقاء العبء على المواطن والوافد.. إذا هو ضريبة مقنّعة مع أن الدستور البحريني لا يجيز الضرائب.
مع ملاحظة أن الدستور قد قرن هنا بين فئات معينة تستحق الضمان الاجتماعي اللازم بشكل دائم، فلماذا الباحث عن عمل بسبب البطالة يميز عن الفئات الأخرى بإعطائه إعانة مؤقتة بستة أشهر فقط، فماذا يفعل الباحث عن عمل بعد هذه المدة؟
إن قانون التأمين ضد التعطل حمّل الشعب البحريني والوافدين عبء مشكلة العاطلين، مع أن بعضهم غير مستفيد من المشروع تماما وهما الوافدون وموظفو الحكومة.
مع ذلك نقول ما حدث حدث، لكن وقوع الخطأ لا يعني السكوت عنه وعدم العمل على إصلاحه، فإن شكاوى المواطنين من هذا الاستقطاع قد تزايدت، لذا وجب على النواب وأعضاء مجلس الشورى العمل على تعديل القانون بشكل يضمن استمراره وبحيث يزيل العبء من على كاهل الموظفين.