بريد القراء
طلاق ولكن بشرط
تاريخ النشر : الأربعاء ٩ مايو ٢٠١٢
من الموروثات الشامية ذات المغزى الكبير، يحكى ان امرأة تعيش في الريف الشامي كانت متزوجة رجلا من عامة الناس طيبا ولكنه سليط اللسان عليها في بعض الأحيان، والمرأة لم تعتد مثل هذا الأمر في بيت والديها، وبعد مدة قررت أن تذهب إلى قاضي المنطقة طالبة الطلاق. وعندما وصلت شرحت للقاضي أسباب طلبها، ورأى القاضي ان ما تقوله المرأة شيء لا يستحق أن تتفكك العائلة بسببه وهنا القاضي ببصيرته عرف ان المرأة سوف تندم في حال وافقها على طلبها ولكن سوف تعرف بعد فوات الأوان، وبعد الإلحاح منها على ان يفكر القاضي في أمرها، التفت إليها قائلا انه سوف يطلقها ولكن بشرط أن تعمل له كعكا كهدية وليس كرشوة وان تكون مكونات هذا الكعك من سيدات الحي جيرانها.
وخرجت المرأة وهي لا تكاد تصدق اذنيها بأن خلاصها من الزوج قد قرب، وذهبت إلى إحدى الجارات لتطلب مكونا من مكونات الكعك، وبعد دخولها على جارتها لاحظت ان عين الجارة محمرة وبها اثر الضرب وهنا شرعت الجارة بقص قصتها وكيف هي مظلومة من هذا الزوج ولكن مع هذا مستحملة العيش معه، وعندما سألتها عن سبب طلب مكونات الكعك من عند الجيران عرفتها بشرط القاضي والسبب وهنا نهرتها الجارة وقالت يا ليت زوجك زوجي لوضعته في قلبي وأقفلت عليه وخدمته ليل نهار، بعدها خرجت المرأة من هذا البيت لتذهب إلى بيت آخر وهكذا مرت على مجموعة من منازل الحي وعرفت من خلال قصص هذه السيدات ان أزواجهن بعضهم يمتاز بالخيانة والسكر وغيرهما من الأمراض الاجتماعية، وعرفت أنها تعيش في نعيم وان زوجها وإن كان سيئا في بعض الأحيان إلا انه أفضل من أزواج جاراتها.
وفي اليوم الثاني ذهبت للقاضي حاملة الكعك وسلمته إياه ومسلمة عليه مستأذنة بالخروج وهنا أوقفها القاضي قائلا الا تريدين الطلاق؟ قالت لا يا سيدي القاضي ما لدي كنز بالمقارنة بما عند سيدات الحي المحترمات. من هذه القصة الرمزية، لماذا دائما الإنسان لا يحس بالنعمة التي يعيشها إلا إذا قارن بين حياته وبين حياة الآخرين؟ فهو مهما حصل على ابتلاءات ومصاعب فانه أفضل من غيره.
مجدي النشيط