الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مصارحات


وإذا خاصَم فـَجَر..

تاريخ النشر : الأربعاء ٩ مايو ٢٠١٢

إبراهيم الشيخ



من المبادئ العظيمة التي ربّانا عليها ديننا العظيم، المليء بالقيم والمبادئ الراقية، حقّ الاختيار وحقّ الاختلاف، والأهم من ذلك ما وجدناه في سيرة نبيّنا عليه السلام وصحابته من بعده، من أدب ورقّيّ في الاختلاف وإدارته، حتى لو وصل الأمر إلى حدّ الاحتراب بالسّيف!!
كثُرت التحليلات بعد سقوط عدد من الأنظمة العربية التي رَعت الاستبداد والقهر عبر عقود من الزّمن، واختلف النّاس في توصيف هذه الفترة ما بين ربيعٍ وخريف! يبقى الأهمّ أنّ حال أمّتنا لن يكون أسوأ ممّا كانت عليه.
منذ أشهر وأنا أتابع تعاطي الإعلام بصورة عامّة مع فوز الإسلاميين في دول الثورات العربية.
بعض وسائل الإعلام تراهن على فشل الإسلاميين، وتصلّي ليلاً ونهاراً حتى يفشلوا في هذه المرحلة.
للجميع الحقّ في الاختلاف مع جماعة الإخوان المسلمين، كما لهم حقّ الاختلاف مع الجماعات السلفية، كما للإسلاميين الحقّ في الاختلاف مع المشاريع العلمانية والليبرالية، لكن أدب الاختلاف والرقّي في ممارسته، إضافة إلى الإنصاف وعدم الفجور في الخصومة، يُفترض أن يردع البعض ممّن أصبح يهاجم بلا دليل، بل يتهم الإسلاميين بالفشل والاستبداد وهم الذين أوصلهم النّاس عبر اقتراع مباشر، ولم يستولوا على السلطة بانقلاب عسكري كما هي العادة بالنسبة إلى الأنظمة البائدة!
بعض أولئك قرّر منذ زمن أنّ أولئك فاشلون في إدارة التغيير، على الرّغم من أنّ تلك الجماعات لم تبدأ بعد بتنفيذ مشاريعها! تلك الأصوات صمتت عبر عقود من الزّمن عن القهر والبطش والاستبداد، واليوم يرفعون أصواتهم ضدّ الجماعات الإسلامية فقط لأنّهم يريدون إخراج ما في قلوبهم ضدّها!
كما للجميع حقّ الاختلاف مع الجماعات والأحزاب، فإنّ لأولئك جميعاً حقّ الاختلاف مع العلماء والأفراد، ولكن لا يجوز التطاول والتعدّي، أقلّها احتراماً للسنّ!
كثُرت الاتهامات ضدّ الشيخ القرضاوي مثلا، كما كثُرت ضد مشايخ وعلماء كُثر، وكلّها لا تحمل أيّة أدّل يمكن الاتكاء عليها، سوى تخمينات بعيدة عن المنطق!
تلاعب بالتصريحات وتحوير للكلام، فقط لتلبيس علماء الأمّة ومشايخها تهماً يدعونا كتاب ربّنا أنّ نتبيّن منها قبل أن نتهّم ونهاجم!
الكثيرون للأسف ركبوا الموجة، بعضهم يريد أن يتكسّب، والبعض جهلاً بحقيقة تلك المواقف، بينما هناك فئات ملأ الحقد قلبها، ورأت أنّه آن الأوان لتفريغ ما بقلبها من حقد على جماعات وأفراد لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولكنّ الاختلاف لا يجب أن يجرّنا إلى الفجور في الخصومة ولا التمادي فيها، لأنّها تُضلّ الإنسان وتجرّه إلى الظلم.
برودكاست: عندما نحذّر من الفجور في الخصومة، فإنّ دليلنا في ذلك الحديث النبويّ الشريف: «أربع من كنّ فيه كان منافقا أو كانت فيه خصلة من أربع كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر».
آخر السّطر: اختلف مع من تريد، ولكن عليك بالتبيُّن ومن ثمّ بأدب الاختلاف، واحذر الفجور في الخصومة.