السيكودراما وسيلة عـــــلاج الأفـــــراد
 تاريخ النشر : الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢
بقلم: محمد المؤذن *
كثيراً ما ينظر إلى المسرح على أنه أحد الميادين التي يتم فيها تناول بعض القضايا والظواهر الثقافية والمجتمعية بالنقاش والتحليل والعلاج، حيث تطرح الرؤى والملاحظات والمقترحات لعلاج قضية ما، فتوصف وتصنف وتؤطر وتقدم بصددها الاطروحات التي تحل إشكالياتها، وتوضح أبعادها بحيث يتم الانتهاء إلى إيجاد الحلول المقترحة للتعامل مع نتائجها.
وبصدد ذلك قد يبدو للوهلة الأولى أن المسرح يتعامل دائماً مع قضية المجموع من الأفراد الذين يعيشون معاً تحت مظلة مجتمعية واحدة، فيتناول قضاياهم ويطرح مشاكلهم ويناقشها ويتعاطى معها من خلال طرح الحلول والعلاجات الناجعة لها، التي من شأنها أن تعالج مشكلة هذا المجموع.
إلا أن علاقة المسرح بالمجتمع لا تقتصر عند تناول وعلاج الظواهر المجتمعية لمجموع أفراد المجتمع الواحد، فهي تتجاوز ذلك لتصل إلى نقطة أدق وأخص يتعامل من خلالها المسرح مع الفرد الواحد بمشكلاته وأحاسيسه وانفعالاته ووجدانه، هذه المناطق الدقيقة من الفرد التي قد تصاب أحياناً بالخلل فتجعله غير قادر على التكيف مع نفسه والتوافق مع مجتمعه، تؤثر في حياته النفسية والانفعالية، مما يتطلب إعادة تأهيله من أجل استعادة عافيته النفسية ليصبح فرداً سوياً. وهنا يكون المسرح أحد أفضل العلاجات، حيث يقدم علماء النفس تقنية العلاج بالتمثيل «السيكودراما» التي تهتم بصقل شخصية الفرد من خلال تمكينه من اكتشاف ذاته وتوكيدها، والتي تعمل أيضاً على تخليصه من الكثير من عقده وسلبياته، مما يجعله أكثر قدرة على التعامل مع الحياة والأشخاص من حوله بنوع من الواقعية والثقة والتوافق الذي يضمن له استعادة واستمرار صحته النفسية، فلعب الأدوار Roll Playing الذي يشكل الأداة الرئيسية في العلاج بالسيكودراما والذي يمارسه الفرد على خشبة المسرح يمكنه من أن يتخلص من أفكاره وأحاسيسه السلبية تجاه ذاته والعالم من حوله فيتحول إلى إنسان سوي قادر على خدمة نفسه ومجتمعه.
وهنا يتحول المسرح بالنسبة للفرد أشبه بالعيادة النفسية حيث الانتقال من حالة الاحباط واليأس والضعف وإنكار الذات والمعاناة النفسية والوجدانية التي يعيشها، إلى حالة من التنفيس الوجداني، وإثبات الذات وتوكيدها من خلال توظيف خشبة المسرح في هذا الاتجاه عبر ممارسة الدور الإيجابي النقيض للحالة السلبية التي يعيشها، فاكتساب المهارات الشخصية والحياتية يجعله أكثر اتزاناً وسواءً من الناحية النفسية، فتشكل لعبة المسرح هنا مدخلاً ترفيهياً علاجياً يتجاوز العلاجات التقليدية التي قد يصاب المتعالج بسببها بالتململ الذي قد يفقده الثقة في مفعولها.
اختصاصي خدمة اجتماعية *
.